آباء يتدخلون في حياة أبنائهم

تدخل أهل الزوج في علاقة الابن بزوجته والتطفل على حياتهما أمرٌ مزعج - (MCT)
تدخل أهل الزوج في علاقة الابن بزوجته والتطفل على حياتهما أمرٌ مزعج - (MCT)

منى أبوحمور

عمان- حالة من الاستياء والملل باتت تسيطر على العشرينية وفاء حسين التي تخضع لاستفتاء عائلة زوجها في كل شيء تنوي القيام به، حتى في أبسط وأتفه الأمور.اضافة اعلان
"الصغير قبل الكبير في بيت حماي يتدخل في أموري الخاصة"، هكذا تقول مستهجنة تدخلهم الذي لا مبرر له، وهو الأمر الذي يجعلها تشعر بالاستياء والتوتر، وتقرر في النهاية إخفاء كل ما تنوي القيام به عن أعينهم.
أما أهل زوج الثلاثينية ليالي حمدان فقد زاد تدخلهم، كما تقول، على حده، حتى صار عقبة في طريق سعادتها وسعادة زوجها.
وتضيف "تدخلهم في حياتي أثّر كثيرا على علاقتي بزوجي". ففي كل مرة تريد ليالي أن تشتري شيئا، أو تغيّر أشياء في المنزل، تجد جميع أفراد العائلة في وجهها، منهم من يرفض، ومنهم من يعترض، ومنهم من يجد أن لا داعي لذلك التغيير، فتبقى هي في النهاية أسيرة لتلك الأهواء والآراء "المتطفلة" كما تصفها.
وما يزيد الطين بلة، وفق حمدان، هو تأثر زوجها بتلك الآراء، فما أن يتفقا على أمرٍ مَا حتى تبدأ تلك الآراء والقرارات التي تصدر من عائلته بالتأثر عليه، وفي تغيير مجرى أفكاره.
الثلاثيني حاتم الطيب يعاني هو الآخر من تدخل أهله في كل أمر يتعلق بزوجته وبيته، ويتذمر من مراقبتهم الدائمة لكل كبيرة وصغيرة تحدث في المنزل، الأمر الذي سبب لهما الكثير من الضيق والتوتر، والرغبة في الانتقال إلى منزل آخر.
"أخفي الكثير من الأمور التي تتعلق بحياتي وزوجتي"، وذلك، كما يقول، اختصارا للمشاكل و"المحاضرات" التي يسمعها وزوجته من والديه.
ويبدو الحال أكثر سوءا مع العشرينية حلا تركي التي أصبحت تخفي كل شيء عن حماها، وأحيانا حتى عن زوجها الذي ينقل إلى والديه كل شيء يقومان به.
"والأمر لا يتوقف على الأمور التي تخص البيت"، تقول حلا، بل تطور إلى حد التدخل في أوقات زيارة أهلي لي، وفي ما أشتريه من أغراض لبيتي. فحتى الملابس صرت أشتريها خلسه، تفاديا لأي صدام أنا في غنى عنه".
وتضيف "إن ما يؤلمني هو اضطراري لتوفير احتياجاتي في السر، وكأنني أسرق"، واصفة الأثر السلبي على نفسيتها، وشعورها بالاكتئاب والاحباط، سيما وأنها تشعر بأن حياتها الزوجية صارت وكأنها "ملك مشاع" بين الجميع.
في هذا الشأن تبين خبيرة العلاقات الزوجية، نجوى عارف، أن تدخل أهل الزوج في علاقة الإبن بزوجته، والتطفل على حياتهما، والتأثير على قراراتهما أمرٌ مزعج ومرفوض، مشيرة إلى أن الأصل أن لا يتدخل الأهل في أي أمرٍ يخص الزوجين، إلا في حال طُلب منهم ذلك.
وتضيف عارف أن التدخل في كل كبيرة وصغيرة يخلق نوعا من عدم الاحترام، ولا يمنح الأزواج مساحة من الحرية في اتخاذ القرارات التي تتعلق بحياتهم، مذكرةً بضرورة مسايرة الزمن، والظروف التي تغيرت كثيرا.
وتضيف أنه يجب أن يكون الأهل "مرجعية" للضرورة، وليس أمرا مفروضا على الأزواج، إذ لا يتدخل الأهل إلا في حال حدوث خطأ كبير يسمح لهما بالتدخل، حفاظا على استقرار الزوجين.
"هناك روابط وحدود يجب على الجميع، سواء الأم، أو الأب، أو الأخت، أو الأخ، عدم تجاوزها، حتى وإن كانوا يعيشون في نفس المنزل. لأن تدخل الأهل في حياة ابنهم الزوجية يلقي بظلاله السلبية على علاقة الزوج بزوجته، وعلى علاقة الزوجه ببت حماها، كما يؤثر كثيرا على نفسية الأبناء وسلوكاتهم.
"ويلعب أسلوب تدخل الأهل دورا كبيرا في مدى تقبل الكنة أو عدم تقبلها لما يفرض عليها، تقول عارف، لأن كثرة الضغوط تدفع بزوجة الابن إلى اتباع الكثير من الأساليب، حتى تتخلص من تدخل أهل الزوج بلا مبرر غي امورها، ومنها لجوؤها إلى الكذب أحيانا، حتى في أبسط الأمور.
ومن وجهة علم النفس، يرى الاختصاصي التربوي الدكتور منذر سويلمين، أن الأصل أن تكون العلاقة الزوجية قائمة على التفاهم والمودة والتناغم، على الرغم من وجود بعض المنغصات التي لا بد من وجودها نتيجة ظروف معينة يمر بها الأزواج من حين لآخر، والتي تخلق نوعا من الخلافات الآنية.
ويلفت سويلمين إلى أن تدخل الأهل في حياة ابنهم الزوجية، والتأثير على القرارات التي تتعلق بحياته، يخلقان مشاكل كبيرة، ويزيدان في تفاقمهما، مؤكدا أن الأزواج، مبدئيا، أدرى بشؤونهم من أقرب الناس إليهم، وأولى باتخاذ القرارات التي تناسبهم.
في حين يشير اختصاصي علم الاجتماع وخبير العلاقات الأسرية الدكتور فتحي طعامنة ومن خلال الدراسة التي أجراها حول أهم اسباب الخلافات الزوجية وأثرها على حياة الزوجين، أن تدخل أهل الزوج من أهم الاسباب التي تتصدر تلك الخلافات.
ويبين طعامنة أن اعتقاد الأهل من خلال موروثهم الاجتماعي الخاطيء بضرورة أن يكونوا مرجعية لابنهم وزوجته، إلى جانب الظروف الاقتصادية التي تحتم على كثير من الأزواج السكن عند أهلهم أو مع أهله في نفس البيت، متسببا بإخراج افرازات اجتماعية سلبية، عدا إن كان داخل الأسرة أخوات وإخوة، حيث تعكس إطارات سلبية حيث تحدث خلافات على جزئيات مختلفة داخل البيت.
الموروث الاجتماعي الآخر عند امهات الأزواج هو اعتقادها أن زوجة الابن يجب أن تأمرها وتنهاها وعليها أن تطيع، لافتا إلى انه ومن خلال الواقع العملي هناك الكثير من القضايا والخلافات بين الأزواج وتدخلهم في حياة ابنهم الزوجية وإن كانت في أمور بسيطة.
ويكمن علاج هذه المشكلة وفق طعامنة باتخاذ سكن مستقل بجميع مرافقه عن اهل الزوج وإعطاء الزوجة كامل حقوقها وأن يكون لبيتها الخصوصية بكامل معنى الكلمة، إضافة إلى خلق نوع من الوعي عند أهل الزوج والأزواج الرجال أن الزوجة إنسانة مكلفة بأن تطيع زوجها وهذا لايعني أن لايكون هناك علاقة من المودة والاحترام بين الزوجة وأهل زوجها، مؤكدا ضرورة وجود ثقافة اجتماعية لدى الزوج تبين حدود علاقة زوجته مع بيت "حماها".