أبراج جديدة في عمان؟!

وفق تصريح "مصدر مطلع" لـ"الغد"، وافقت أمانة عمان على إقامة برجين في العاصمة. الأول، مستشفى في منطقة العبدلي المخصصة للأبراج، ويتكون من 33 طابقا؛ والثاني، بمنطقة الشميساني، ويتكون من 14 طابقا.اضافة اعلان
ليس هذا فحسب؛ فقد وافقت "الأمانة" أيضا على السماح بارتفاع طوابق المستشفيات القائمة حاليا في العاصمة لغاية 8 طوابق.
الموافقة صدرت من رئاسة الوزراء، وتُرك أمر تطبيقها لأمانة عمان وفق شروط ومتطلبات. ويستفيد من القرار الأخير نحو 44 مستشفى، حسب تصريح سابق لرئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري.
لا أكاد أتخيل مكانا في منطقة الشميساني يحتمل مبنى من ثلاثة طوابق، فكيف يكون فيها برج من 14 طابقا؟! حتى منطقة العبدلي المخصصة للأبراج، تظهر عليها منذ الآن أعراض الأزمات المرورية الخانقة، ومشاكل المواقف، قبل أن تعمل أبراجها الحالية بكامل طاقتها الاستيعابية.
أما المستشفيات القائمة حاليا، فحدث ولا حرج؛ مواقفها تفيض بالمركبات، وتغمر الشوارع المحيطة، لتترك الساكنين في الأحياء المجاورة أسرى لسيل من السيارات يجتاح مداخل بيوتهم، وكراجاتهم الخاصة.
يقول مسؤول في أمانة عمان، إنها لن تسمح بإضافة طوابق جديدة، من دون توفير مساحات كافية للمركبات. التجارب الماثلة أمامنا تفيد بخلاف ذلك؛ فمنذ فترة وجيزة تم افتتاح مستشفى خاص بشكل مبدئي، وقد لاحظت أن سيارات العاملين بالمستشفى احتلت المساحة المخصصة للمركبات، فلا يكون أمام المراجعين من خيار سوى احتلال الشوارع الجانبية المحيطة، وبذلك يصادرون حقوق السكان المجاورين، وتتحول المنطقة كلها إلى بؤرة مرورية ساخنة ومزدحمة، كما هي الحال في جميع المناطق التي تتواجد فيها المستشفيات.
الشميساني، على سبيل المثال، هى من أكثر مناطق عمان ازدحاما. وإذا ما أضفنا إليها العبدلي المكتظة بالمواقع الحيوية؛ كقصر العدل والبرلمان ووزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى الحي التجاري "بوليفارد" وأبراجه، فنحن نتحدث عمليا عن قلب عمان النابض.
لكن بالكاد يستمر هذا القلب بالعمل، لما يعاني من اختناقات تعجز معها عمان كلها عن التنفس، لا بل إنه وفي فترات الذروة، يتوقف عن العمل، فتغرق المدينة في أزمة مرورية لا تنفك قبل ساعات الليل الأولى.
كانت لدى "الأمانة" أفكار طموحة للتوسع جنوبا وشرقا، وتأهيل مناطق جديدة لاستيعاب التوسع العمراني والزيادة السكانية. ما الذي يمنع تحويل هذه الأفكار إلى مشاريع عمل؟ وجود مستشفيات على مقربة من المطار، على سبيل المثال، يناسب كثيرا المرضى العرب القادمين للعلاج في الأردن. ويمكن للشركات الفندقية أن تلحق بالمستشفيات، وتبني فروعا بقربها لخدمة المرضى ومرافقيهم؛ فنادق ونُزل صغيرة، ربما تجذب أيضا السياح من مختلف الفئات، ومثلهم المراجعون من سكان المحافظات الذين يفضلون خدمات قريبة من الطرق السريعة الواصلة لمحافظاتهم، بدلا من التورط في أزمات عمان المرورية.
عمان بأحيائها التقليدية المعروفة، لم تعد تحتمل، وتعاني من اختناقات مرورية، خاصة مع غياب حلول خلاقة لقطاع النقل العام. ولا بد من رفع اليد عنها لتستعيد لياقتها وبريقها المفقود.
وإذا كنا مهتمين حقا بملف الأبراج، فلنبحث عن حل لبرجي الدوار السادس المعطلين منذ سنين، قبل أن نشرع في بناء أبراج جديدة.