أبو جابر لـ"الغد": لا اعتذار.. وإسرائيل عنصرية

تغريد الرشق

عمان- أعرب وزير الخارجية الأسبق كامل أبو جابر عن "دهشته الكبيرة" للاحتجاج الاسرائيلي على "مقال رأي" له، نشرته صحيفة الجوردان تايمز الاثنين الماضي، اقتبس فيه عبارة تقول "في الكذبة الكبيرة، هناك دائما قوة معينة من الصدقية"، من كتاب "كفاحي" لأدولف هتلر.
واستهجن أبو جابر في تصريحات خاصة إلى "الغد" أمس الجمعة، ما أسماه محاولات اسرائيل "تكميم أفواه الناس في الوقت الذي تروج فيه أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط في حين إن حرية التعبير هي من أساسيات الديمقراطية".
وكانت وزارة الخارجية الاسرائيلية استدعت أول من أمس الخميس، سفير المملكة لديها وليد عبيدات، للاحتجاج على مقال أبو جابر الذي اعتبرته "مناهضا لها ومعاديا للسامية"، إلا أن عبيدات لم يذهب، لأنه موجود في الأردن لعطلة نهاية الأسبوع، حسبما رجح مصدر دبلوماسي لـ"الغد" أمس.
كما قام نائب السفير الإسرائيلي لدى الأردن بالاتصال هاتفيا برئيس تحرير الجوردان تايمز الزميل سمير برهوم، للاحتجاج على المقال ولطلب نشر اعتذار عن المقال، وهو الأمر الذي رفضه برهوم بشكل قاطع.
وفيما أوضح أبو جابر أن اعتراض اسرائيل هو على كلمة "الكذبة الكبيرة"، إلا أنه "أصر على رأيه" بأن ما تروج له اسرائيل هو بالفعل "كذبة كبيرة".
 وقال "عندما يدعون ان فلسطين هي أرض بلا شعب، فأنا أصر على "أن هذه كذبة كبرى".. فهي ارض عامرة بشعبها الموجود فيها منذ فجر التاريخ"، لافتا الى ان "هذه كذبة اسرائيل التي جعلت العالم الغربي يصدقها".
وحول اتهامات معاداة السامية التي يطلقها الاسرائيليون دائما، قال أبو جابر" تفاجأت ان يتكلموا بموضوع اللاسامية، فالعرب هم الساميون واليهود هم أقلية من الساميين"، مشيرا الى ان "في الجنس السامي، يشكل العرب الأكثرية، فمقابل 400 مليون عربي هناك 16 مليون يهودي فقط"، وبالتالي "لا يحق لهم إلقاء تهم اللاسامية"، وإضافة الى ذلك فـ"إن الغالبية العظمى من اليهود اوروبيون وليسوا من اصل سامي"، كما يؤكد أبو جابر.
وكانت السفارة الإسرائيلية في عمان وجهت رسالة احتجاج إلى وزارة الخارجية وشؤون المغتربين حول المقال، الذي حمل عنوان "الكذبة الصهيونية الكبيرة والمهمة المقبلة"، اقتبس فيه عبارة، "الكذبة الكبرى ان هناك دائما قوة معينة من المصداقية، لأن الجماهير العريضة من أمة معينة تكون دائما معطوبة بسهولة اكثر في الطبقات الأعمق للطبيعة العاطفية".
ودافع أبو جابر في تصريحاته إلى "الغد"، عن حقه بأن يكتب ما يشاء، وقال "أنا مواطن أردني أمثل نفسي ولست مسؤولا في الحكومة ولا أمثلها ولدي حرية التعبير".
وأعرب عن دهشته من الاحتجاج الاسرائيلي، "لأقصى درجة من الاستغراب"، لأنهم "يكتبون ما يشاؤون في صحفهم عن الأردن وغيره، كما ان فئات من أقصى اليمين ومتطرفين ينعتون الأردن والعرب والمسلمين بأبشع الأوصاف، ولم أسمع أن الأردن أو فلسطين أو أية دولة عربية اعترضت أو احتجت على حرية التعبير عن الرأي لديهم".
ووصف أبو جابر رفض صحيفة الجوردان تايمز "الاعتذار" عن المقال، بأنه "مشرف وهي صحيفة تعنى بالأصل بحرية التعبير كما أن الدستور الأردني يكفل لي هذا الحق".
وتساءل أبو جابر في السياق، عن ادعاءات اسرائيل بأنها ديمقراطية في الوقت الذي يقوم فيه هذا الكيان بـ"تجميع الناس من كافة أطراف الأرض، ويغتصبون فلسطين ويتجاهلون في ممارساتهم كل المعاهدات والمواثيق الدولية وحقوق الطفل والإنسان ويعاملون الفلسطينيين بطريقة لا إنسانية".
وحول حيثيات مقاله، وإصراره على ما ورد فيه قال أبو جابر "اقتبست فيه ما ورد في كتاب هتلر الذي يعد من أهم أقطاب الدعاية الكاذبة في التاريخ، وكتابه يدرس في الجامعات الغربية على اساس أنه ووزير اعلامه اخترعوا نظرية ان تكرار الكذبة يؤدي الى تصديقها".
واضاف "الاقتباس من هتلر لا يعني الموافقة على بربرية هذا الزعيم النازي الذي كان سببا بأشرس الحروب في تاريخ الإنسانية، والذي يعاني العرب والفلسطينيون بالذات من بربريته ووحشيته وكذبه، ربما اكثر مما عانى اليهود".
وحول رأيه بتصرف السفارة، قال مدير المعهد الملكي للدراسات الدينية السابق أبو جابر، "إن أي سفارة تراقب الإعلام في الدولة التي تخدم فيها، ولكن أن يصل الأمر الى التدخل ومخاطبة الصحيفة، فهذا أمر غير مقبول، "يمكن أن يحتجوا مباشرة لدى وزارة الخارجية لكن لا أن يتصلوا بالصحيفة".
وزاد" تصرف السفارة الاسرائيلية يدل على الحساسية المفرطة والشعور بالذنب الذي تشعر به اسرائيل تجاه احتلالها واعتداءاتها المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية وعلى الشعب وخلع الأشجار والاضطهاد والحكم اللاإنساني الذي يرزح تحته الشعب الفلسطيني".
وفيما أوردت الرسالة التي وجهتها سفارة اسرائيل الى "الخارجية الأردنية" أن هذا المقال نشر في اليوم الذي كان فيه "الاسرائيليون يكرمون ستة ملايين من اليهود ضحايا النازية"، وهو الأمر الذي اعتبرته "ليس صدفة"، نفى رئيس تحرير الجوردان تايمز سمير برهوم أن يكون توقيت النشر مقصودا، وأكد أنه "محض صدفة تامة".
وحول التفاصيل أوضح برهوم لـ"الغد" أمس، "أنه تلقى اتصالا من نائب السفير الاسرائيلي صباح الأربعاء، للاحتجاج على نشر المقال في الصحيفة، وأن نائب السفير "كان يستوضح عما إذا كان المقال يمثل رأي الصحيفة أم الكاتب"، كما أن الدبلوماسي الاسرائيلي الرفيع طلب من برهوم "نشر اعتذار في الصحيفة لأن السفارة تعتبر أن المقال معاد للسامية".
وأضاف برهوم، أنه رد على الدبلوماسي الاسرائيلي أن "الصحيفة لن تعتذر"، لأنه "لا يوجد أي أمر مسيء في المقال"، إضافة الى أن "كاتب المقال هو شخصية معروفة ومحترمة، ومن المساندين لعملية السلام والحوار بين الأديان والحضارات".
واستهجن برهوم "استدعاء السفير الأردني"، لأن "الصحيفة مستقلة ولدينا سياسة تحريرية مستقلة والحكومة لا تتدخل فيها" كما أن "المقال يدخل في باب حرية التعبير".
وأضاف منتقدا ازدواجية المعايير لدى الحكومة الاسرائيلية، بقوله "نرى يوميا مقالات مسيئة للأردن وللفلسطينيين وللمسلمين، وتتحجج اسرائيل دوما بهذا الصدد بأنها لا تتدخل في حرية التعبير".
واستذكر برهوم في هذا الصدد، تصريحات السياسيين اليمينيين والمتطرفين الاسرائيليين وغيرهم عندما يصرحون بأن الأردن هو فلسطين"، وهي التصريحات التي وصفها برهوم بأنها "ضد أمن وسلامة الأردن"، إلا أن اسرائيل و"عندما نعترض على تلك التصريحات تقول "إن هذا يأتي في سياق حرية التعبير".
وفي سياق عرضه لتفاصيل الحوار الذي جرى بينه وبين نائب السفير الاسرائيلي قال برهوم "قلت له سنبقى صحيفة تدعم عملية السلام وحل الدولتين إحقاقا للحقوق المشروعة الكاملة للشعب الفلسطيني"، وختم بقوله "بدل أن تشتكي اسرائيل مما تزعم أنه عنصرية، عليها أن توقف ممارساتها العنصرية ضد الشعب الفلسطيني والتي يشهد عليها جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية".
وأضاف "لو استدعينا سفيرهم عند نشر كل مقال مسيء لكان سفيرهم بقي في وزارة الخارجية طوال الوقت".
الى هذا، لم يتسن لـ"الغد"، الحصول على تعليق من الحكومة حول القضية، إلا أن مصدرا مطلعا أكد أن الحكومة، تعتبر أن "القضية تقع ضمن باب حرية التعبير المكفولة بالقانون الأردني".
من جانبه، اعتبر عضو مجلس الأعيان محمد الحلايقة في تصريح إلى "الغد" أمس، أنه "لا يحق لاسرائيل الاحتجاج على مقال في حين إن رئيس وزرائها نتنياهو كتب كلاما يفيض عنصرية في كتابه (مكان تحت الشمس)".
وأضاف الحلايقة، وهو الوزير الأسبق وعضو لجنة الشوؤن الخارجية في مجلس الأعيان، أنه "لا يمكن لمن يفكر بإقرار قانون أساسي باعتبار اسرائيل دولة يهودية إلا أن يكون عنصريا".
واستغرب الحلايقة إثارة مثل هذه القضية من قبل اسرائيل التي وصفها بـ"الدولة
العنصرية الأولى في العالم"، وقال، "العالم كله يشهد بغض النظر عن النفاق السياسي، أن ممارسات دولة الاحتلال عنصرية، وإلا ماذا يمكن أن نسمي جدار الفصل؟".
وتابع "هذا التمييز ليس فقط ضد الفلسطينيين تحت الاحتلال وإنما ضد من هم مواطنون فيما يسمى بدولة اسرائيل، "التمييز ضد فلسطينيي 48 أمر واضح وواقع، وتضرب إسرائيل كل يوم بممارساتها القمعية ضد الشعب الفلسطيني مثلا على عنصريتها".
وأخيرا، نشرت السفارة الاسرائيلية في الأردن على صفحتها في موقع الفيسبوك "البيان الاحتجاجي الذي يوضح ردة فعلها حول المقال، وقالت فيه "إنها تحتج بأشد لهجة ممكنة ضد المقال الذي كتبه وزير خارجية أردني أسبق".
وقال البيان الاسرائيلي إن مقال أبو جابر "يستند بحججه السياسية الى أفكار مقتبسة مباشرة من كتاب هتلر"، وإنه "أخذ يبني حججه بحرية على أساس فلسفة هتلر العنصرية والمعادية للسامية"، وهو "أمر شائن وعدواني ليس فقط لليهود، ولكن أيضا لأي إنسان يؤمن بالقيم الأساسية للإنسانية"، بحسب عبارات البيان.
 واعتبرت السفارة في البيان أن المقال الذي وصفته بـ"غير المحترم"، "يجلب العار للكاتب وللصحيفة التي قدمت الدعاية لمثل هذه الآراء العنصرية والمعادية للسامية، غير المقبولة في أي مكان آخر في العالم الحديث".
وختم البيان بالقول "السفارة الإسرائيلية في عمان ترغب في إدانة الكاتب وصحيفة جوردان تايمز".

اضافة اعلان

[email protected]