أبو علي: على المثقف أن يكون منسجما مع أفكاره

أبو علي: على المثقف أن يكون منسجما مع أفكاره
أبو علي: على المثقف أن يكون منسجما مع أفكاره

في أمسية له في المعهد الدولي لتضامن النساء

عزيزة علي

عمان - بتحية إلى أبطال المقاومة في فلسطين ولبنان بدأت الامسية التضامنية التي اقامها المعهد الدولي لتضامن النساء مع الشعبين الفلسطيني واللبناني أول من أمس اضافة الى الوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء ممهدة بذلك للحديث الذي قدمه القاص والشاعر رسمي أبو علي حول  تجربته في بيروت في العام 1982 ووجه الشبه بين اجتياح 1982- 2006. وأداره هذه الامسية الشاعر موسى حوامدة.

اضافة اعلان

وقال ابو علي في الامسية التي ادارها الشاعر موسى حوامدة "ان الفرق بين اجتياح بيروت في العام 1982، والاجتياح الحالي، ان اجتياح 1982، قد تم من ناحية الجنوب. وكانت الثورة الفلسطينية ترغب في ان تكون المعركة المركزية في بيروت.

وعن الاختلاف في الاحتياج الحالي قال أبو علي الذي كان يعمل في ذلك الوقت مذيعا في إذاعة الثورة الفلسطيني" يختلف الاجتياح الحالي في انه تم من أقصى الجنوب أي من "مارون الراس باتجاه بنت جبيل" بالإضافة إلى شراسة المعركة والقصف الصاروخي الهائلة، وأصبحوا يكتبون على هذه الصواريخ رسائل مثل "من أطفال إسرائيل إلى أطفال لبنان"، لافتا  إلى ان الهدف من هذا العدوان ليس القضاء على حزب الله. انما من اجل إنشاء شرق أوسط جديد كما تقول وزيرة الخارجية الأميركية "كوندوليزا رايس".

ووصف أبو علي الصمود البطولي والأسطوري لحزب الله الذي يقوم الآن بتدمير "أسطورة الجيش الذي لا يقهر"، مشيرا إلى ان الشرارة التي اندلعت في هذا الحرق كانت من المقاتلين الفلسطينيين.

ثم تطرق ابو علي الى دوره في حرب بيروت مبينا "أنا لم احمل السلاح في تلك الحرب، لذلك سوف أتحدث بصفتي مثقفا أي مثقف ملتزم اتجاه قضيته ووطنه، وليست هناك مسافة بينه وبين ما يقوله أو يمارسه، لان المثقف يجب ان يكون منسجما مع ما يطرحه من أفكار".

وزاد أبو علي "قبل الحرب كان لدي إحساس ان الحرب قادمة، لم تكن لدينا معلومات، وعلى ضعف ما كان يصل لنا من معلومات الا انه كان لدينا تنبؤ بيوم الخروج من بيروت، وأنا منذ البداية كانت لدي رغبه في مغادرة بيروت"، لافتا الى التطابق بينه وبين شارون ومعتبرا ان الفرق بينهما"هو ان شارون كان يريد ان يسحقنا في بيروت، وأنا كنت أريد أن اذهب إلى فلسطين، لأني كنت أرى ان على الثورة الفلسطينية ان تعود إلى فلسطين، لا ان تغادر بيروت إلى تونس أو اليمن، ولكن لبنان كان فيها الكثير من المغريات وقد استطاعت ان تغري الكثير من اجل البقاء".

ثم تحدث ابو علي عن تجربته مع المؤسسة الفلسطينية وعن الأسباب التي جعلته يتركها "انفصلت عن المؤسسة الفلسطينية في العام 1973، وذلك بعد حرب تشرين وكسر البرنامج الاستراتيجي للثورة الفلسطينية، لقد كانت الثقافة الفلسطينية هي ثقافة تحرير فلسطين، فعل التحرير الى ان دخلنا في النقاط العشرة".

واشار ابوعلي إلى اختزال بيروقراطي ثم اختزل الثورة في المؤسسات مبينا ان المؤسسات قد اختزلت في شخص اسمه عرفات.

واستعاد ابو علي ذكريات ما قبل مجلة الرصيف عندما قام هو وصديقه التونسي بإصدار مجلة شبه فكاهية اسمها "من اجل الفن واللعب" وكانت ردود الفعل عليها متفاوتة "فهناك من قال عنها إنها "نهفة"، وعندما وصلت ليد الرئيس ياسر عرفات قال عنها انها "تحشيش".

وأوضح أبو علي البرنامج الذي قامت عليه "مجلة الرصيف" التي أساسها هو الشهيد علي فودة مع ثلاثة من رفاقه عراقيين:"الرصيف كانت تيارا ولم تكن تنظيما سياسيا ولم يكن وراءها احد، وكان مصدرها المالي كله عبارة عن تبرعات من قبل الناس، لانها لم  تكن تحمل صفة ربحية بل كانت تقدم خدمات عامة وكان فيها سمة النبؤة".

واستذكر ابو علي "كان يطرح في تلك المرحلة خياران أحدهما يمثله "الخميني" والثاني يمثله "السادات"، الأول يدعو إلى قطيعة مع الغرب، والثاني يدعو إلى التبعية مع الغرب، والرصيف كانت تمثل التيار أو الخيار الثالث وكنا نقول "لا يمكن ان تكون هناك قطيعة، ولا يمكن ان تكون هناك تبعية بل هناك الوجود وهناك الصراع ولكن يجب المحافظة على الهوية وبالتأكيد على الهوية العربية لان هويتنا نحن نصنعها كعرب".

من جهته قال الشاعر موسى حوامده في الورقة التي قدمها في  الأمسية "إذا حدقت في صفحة السماء، نهارا ستجد أن وجه الشمس يحتل حيزا صغيرا جدا من هذه الرقعة الزرقاء الشاسعة، وإذا نظرت ليلا إلى السماء ستشدك نجمة صغيرة، ان لم يكن البدر نفسه قد فعل فعله في جذب اهتمام العين، وكذلك لبنان الصغير الذي ينوب عن أمة مترامية الأطراف؛ قالوا إنها تمتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وقال بعضهم قديما من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، لكن حرارة الجو في هذه الفيافي والقفار الواسعة لم تشعل هذه الرقاع إلا بما يزيد عطش الحرية، وجوع الكرامة النازفة".

وأضاف حوامدة :"تركنا كل هذه الأمة بجبروتها ودولها وشعوبها وأسلحتها وأموالها وجامعاتها وأحزابها وطوائفها ووزاراتها ومؤسساتها، ووجدنا لبنان الصغير ينوب عنا جميعا في وقفة عز مشرفة تعيد للروح بعضا من ألقها المبعثر، تحت سياط العسكر وغلاء الرغيف".

الى ذلك قرأ أبو علي مجموعة قصائد كتبها أثناء اجتياح بيروت في العام 1982.منها: قصيدة بعنوان "إجازة استراتيجية" والتي كتبها صبيحة اجتياح بيروت يوم 4/6/1982، قال فيها:

" في هذه الاجازة الاستراتيجية

التي منحتها نفسي

لم يبق لي الا أن ألعب مع ظلي

أدحرجه أمامي في ملعب الأفق الواسع

ثم أركض وراءه

وإذا ما صادفت شجرة

فأنني أختبئ وراءها

وألعب معه لعبة الغميضة

يعاندني أحيانا

ويدفعني إلى الجنون

عندها أضعه في فوهة مدفعي

الأكثر تدميرا

وأطلقه خمسة آلاف ميل

ثاقبا جدار الكون المعدني

تأخذني الشفقة

فأجلس طول النهار

أبكي عليه وأنتحب

يا للمسكين ظلي

كم أتعبني

وكم أتعبته ".

ثم قرأ ابو علي  قصيدة أخرى بعنوان "أربعاء الكآبة" جاء فيها:

" هي الحرب

لا تغير عاداتها

تجلس على المقهى صباحا

تشرب فنجان القهوة

تدخن سيجارة

تستوقف أحد السابله

وتسأله:

ما الحكاية

هل هناك حرب؟

لا حرب ولا سلام

هو السلام المحارب ".