أفكار ومواقف

أتديُّن وقمامة؟

لا يمكن النّظر إلى الدّين على أنّه القيام بالشّعائر واتخاذ السّمت، وخصوصاً تلك التي يمكن أن يراها الآخرون بالعين المجرّدة؛ كالحجّ والصلاة في الجوامع وإسبال اللباس وإطلاق اللحى، فهي جميعها لا تؤكّد البلوغ إلى تميّز بخلُق أو طهارة في قلب. وبغضّ النّظر عن أهميّة ما سبق في بنية الدين نفسه، وعن المكافآت الجزيلة التي يزجيها الخالق البارئ لمن أوفى بهذه أو تلك، في الجنان المعدّة “للمؤمنين”، فإنّ سؤال الأخلاق المحيّر ما يزال مطروحاً: كيف يستقيم لمُصلّ يصوم الشّهر ويحجّ البيت أن يُلقي قاذوراته أمام بيت من لا يؤمّ المسجد معه، في حارته وفي جواره؟ وكيف لزوج لا يغادر بيته قبل أن يقرأ دعاء الخروج، ولا يمدّ يده إلى طعام قبل أن يقرأ دعاء الطعام، ولا يدخل مرحاضاً بقدم يمنى، ويتسوّك ما قدر، ويحوقل ويبسمل في صاعدة ونازلة، حتى إذا أراد أمراً من زوجه كان إكراهاً، وإذا انتقد كان صراخاً، وإذا خالفَتْه كان هذا هو الكفر الصّراح؟
إذ لا يستقيم فيما يُفترض من الاعتقاد، أيّاً كان هذا الاعتقاد وفي أيّ مكان من مبادئ سكان هذا الكوكب، أن يكون المعتَقَدُ في جهة والسّلوك البشريّ في جهة مضادّة! بل نرى أنّ المتديِّن (الذي اكتشف الإسلام قبل أسبوع فقط) هذا الذي يصخب في الإعلام وعلى وسائط التّواصل الاجتماعيّ وفي الحياة صخباً ضارياً من أجل تحجيب النّساء وتزويجهنّ (كالاغتصاب) طفلات، ومن أجل “أسلمة” الحكم والدّولة، ومن أجل درس رفات الأنبياء والأولياء وأهل البيت والصّحابة، ومن أجل برمجة الأجيال على القول الكثير والفعل الخائب، أراه بلا خلُق يدفعه إلى العدل مع أهل بيته، وبلا ضمير يؤنّبه إن قصّر في إتقان عمله، أو أخلّ بعقد شرف، أو أكل مالاً سُحتاً. بل لا يهمّه إن كدّر نياماً أو مرضى في تكبير إلى صلاة أو الصَّدح بأعلى صوت بخطبة جمعة أو درس دينيّ، أو حشَر الدين حشراً -للإرهاب لا غير- في قضيّة ذوق وأدب ولياقة واحتياج دنيويّ!
ومن أيّ ثقافة، إلا ثقافة الإقصاء والطّغيان والقطيع والهيمنة والغلوّ ومصادرة المختلف، يمتح هذا المصلّي الذي يرتاد مسجداً، ويكبّ زبالته على باب جاره لأنه لا يراه يصلي معه (وقد يكون هذا الجار شيخاً تعِباً أو مريضاً أو يقصد مسجداً آخر أو يتوقّى سماع خطب غثّة تجيّش على الحقد والعداء والكراهية، وقد يكون غير كلّ ذلك، وذنبه على جنبه، ومحاسبُه هو الله)؟ وما هو الرأي الذي يراه إمام المسجد وخادمه في مصلِّيه (الأكابر) الذين أمرهم دينهم بإماطة الأذى عن الطريق وهم يلقونه على أبواب الناس؟
وهل من سبيل إلى أيّ أمل في هذه الأمّة التعبانة؟

[jetpack-related-posts][/jetpack-related-posts]

‫6 تعليقات

  1. انا لاارى اي امل
    يحكى ان الامور كانت سيئه ويحكى ان الناس كان لديها امل اما الان فليس لدي ادنى امل فكله الى انحدار وعلى كافة الاصعدة ليس تشاؤما لكنه واقع !

  2. يكبّ زبالته على باب جاره لأنه لا يراه يصلي معه
    الأستاذة الكاتبة تكتب مقال أتدين و قمامة،، و تقول الكاتبة أن شخص مسلم يكبّ زبالته أو القمامة على باب جاره لأنه لم يصلي معه في المسجد أو انه لأ يصلي أبداً انا مسلم بل الفطرة و عمري الأن 30 سنه و عشت في أربع دول عربية مسلمة فلسطين الاردن الجزائر الامارات و لم أسمع أو أرى من هذا الكلام شيء السؤال هنا هل الكاتبة رأت في ام عينها هذا الموقف ،و تتحدث عنه أم هي ظاهرة اصبحت منتشرة في الاردن مع انني لا أتوقع من أخلاق اهل الاردن الكرام هذه التصرافات ام هي حالة فردية و أذا هي حالة فردية لماذا تكتب الكاتبة مقال وهو لا يمثل لا حالة فردية أو من الممكن ليس موجود أساسا الكاتبة المحترمة في أغلب مقالتها عن الدين و الأسلام تكون متهجمه على الدين الأسلامي و ليست أول مرة من حقي أن أقرأ و أن أعبر عن رأيي و أن ادافع عن ديني نحن قدوتنا رسول الله سيد الخلق سيدنا محمد ألم تسمعي عن قصة سيدنا محمد و جارة اليهودي نحن كنا في الاردن في منطقة الفحيص و أغلب ساكنها من الدين المسيحي و هم أصدقاء لنا و أخواننا و أهل نحن تربينا على أحترام الاخر

  3. نعم هناك سبيل …
    لا يستقيمان قطعا التدين والالتزام والمظاهر السلبية ( كالقمامة ) فأهل الالتزام هم أعرف اناس بتلك الامور لا انها فقط من باب العرف العام الذي تعارف عليه المجتمع ومن صلح منهم ولكنهم يعلمون ان وراء ذلك أجر وحسنة ( اماطة الاذى عن الطريق صدقة ) …
    السؤال … هل القمامة يقصد بها الجمادات فقط ام هناك قمامات بشرية متحركة ولماذا يعاب على المتدين ان اراد تنظيفها وازالتها …

  4. اتدين وقمامة
    اذا كانت الكاتبة المحترمة تنتقد شخصا بعينه قام بهذا السلوك فكان الاولى ان يتم مواجهته وليس كتابة مقال عنه ولا يجب ربط سلوك الافراد بالدين لان البشر من لدن ادم عليه السلام يخلفون الدين فالخلل في السلوك مربوط بالنفس ومدى استجابتها لنداءات الخير وتعاليم الفضيلة اي ان العيب في الناس وليس في الدين وان لبسوا عباءة الدين وليش كل من لبس ثوب واطلق لحيته و…. رجل دين اضافة الى ان هناك الكثير من الناس الذين يقومون بافظع من هذا السلوك المرفوض طبع وتاثيرهم على الناس اكبر ضررا ولا نجد من يكتب عنهم وشكرا

  5. كل إناء بما فيه ينضح
    كلنا يعلم ان المسلم الملتزم لم ولن يرضى ان يسيء لجاره اليهودي وغير المسلم فكيف بجاره المسلم…
    تعليقي للإخوة المعلقين … هناك كثير من الأحيان عدم الرّد افضل من الرد وخاصة للاشخاص الذين يتربصون بكم ويتصيدون اخطائكم ومن ثم يربطونها بالدين كي يحملوا الدين اخطاء وسلوكيات فردية….. نحن بلد مسلم وسنبقى على ديننا وستبقى المساجد تصدح ب ألله اكبر رضي من رضي وسخط من سخط… وان كان بعض المسلمين اخطأوا بتدينهم وسلكوا سلوكا خطأ نوجه لهم النصح شخصيا لعل الله يصلح حالهم

  6. عمى البصر و البصيره …الامل في الاجيال القادمه
    موضوع مؤلم. تقاس الدول و اخلاقها و تحضرها الاجتماعي و الانساني و الديني من خلال شوارعها والنظافه العامه . من المؤلم ان ارى الاستهتار العام فيما يخص موضوع النظافه العامه و اخلاقيات التعامل مع القمامه و التخلص منها. يقف الكثيرين ضد فكرة فصل الدين عن الدوله علما ان الكثير منهم فصلو الدين عن كل شي ليصبح "عاده روتينيه" و مظهر و تطرف فكري فقط لا غير. تعليقات البعض هنا تدل على ضيق البصر و البصيره و تهور البعض بالقفز في اخذ الموضوع من جهة ضيقه, دفاعية. اصبحت "قلة النظافه" للبعض امرا اعتاد الناس عليه حتى صار جزء من الصوره اليوميه للشارع و للحي و للمدينه و سوف يجادلون ان الاردن انظف بلد في العالم…و سوف يجادلونك في الدين و التدين…و سينتهي الموضوع في التركيز على توافه الامور…لا امل في هذه الامه. لكن هنالك بعض من الامل في الاجيال القادمه ….

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock