أحزاب ذات برامج تقليدية!

بما أنه لم يتبق على يوم الاقتراع لانتخابات مجلس النواب التاسع عشر، سوى سبعة أيام، فإنه من الواجب أو اللزوم تسليط الضوء على نقطة في غاية الأهمية، تتعلق بالعديد من الأحزاب، والتي خلت برامجها من مواضيع جديدة، داخلية وخارجية، ذات أهمية، لا بل مفصلية. بداية يُلاحظ من البرامج الانتخابية لكثير من الأحزاب، أنها تطرقت على «استحياء» لموضوع قانون الانتخاب، الذي ستُجرى الانتخابات البرلمانية الجديدة على أساسه، والذي هو بمثابة قانون الصوت الواحد، أو قريب منه إلى حد كبير، تماما كما تُصدر الحكومات العربية بيانات خجولة، عندما يتعرض الشعب الفلسطيني لأي هجمة بربرية وحشية على يد جيش الاحتلال الصهيوني. إن المتتبع لبرامج العديد من الأحزاب، التي قررت خوض الانتخابات والبالغ عددها 41 حزبا، لا يرى فيها إلا نسخة طبق الأصل عن برامج انتخابية سابقة، تطرقت بطريقة أو أخرى لمواضيع وقضايا عامة، من قبيل المديونية، والفقر والبطالة، وكذلك الحريات.. ورغم أهمية هذه القضايا، إلا أن تلك الأحزاب، لم تجهد نفسها في طرح حلول واقعية، تقضي على أسباب تلك الظواهر، أو على الأقل التخفيف من شدتها على أبناء الشعب الأردني. أكاد أجزم، بأن برامج بعض الأحزاب، ليس فيها طرح مختلف عما سبق وطرحته من برامج، أكل عليها الدهر وشرب، لا بل أصبح الفتيان، ممن لا تتجاوز أعمارهم السادسة عشرة عاما، يعرفونها كما يعرفون أسماءهم وأسماء بلداتهم التي نشأوا وترعرعوا فيها، إضافة إلى الكثير من الأحزاب، البالغ عددها 48 حزبا مرخصا، نستطيع القول بأنها فاقدة لبوصلتها. إن المراقب لانتخابات المجلس النيابي التاسع عشر، يرى بوضوح، كما يرى القمر في ليلة البدر، بأن الأحزاب، باستثناء قلة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، لم تتطرق إلى أهم نقطتين في الوقت الحالي، واللتين تتمحوران حول جائحة فيروس كورونا المستجد، الذي أصبح يضرب بكل قوة كل أركان المجتمع، إضافة إلى القضية الفلسطينية، وما يُدبر لها، من قبيل التصفية وصفقة القرن، مع ما يتزامن ذلك من تخوفات نحو تهجير فلسطينيين جُدد، أو وطن بديل. كما يغلب على كثير من برامج بعض الأحزاب، الطابع الفردي.. إذ تمتاز الدعاية الانتخابية لقوائم أحزاب بالطابع الفردي (الشخصي)، بعيدا عن القائمة، التي يترشح عليها ذلك الحزبي، رغم أن أول أبجديات العمل الحزبي هو العمل الجماعي، بعيدًا عن أي فردية أو تعصب لأي كان. وكأن المُراد من كل ذلك، هو مجرد المشاركة في الانتخابات.. على قاعدة رياضية تُوهم شعبا ما بأن فريق دولتهم يدخل المنافسات الدولية من باب «شرف المشاركة»، فقط لا غير، إضافة إلى الحصول على دراهم معدودة.. فكما هو معلوم بأن الائتلافات الحزبية سوف تحصل على مبلغ مالي مقداره ثلاثون ألف دينار في حال زج بأعضاء حزبيين لدخول المعركة الانتخابية، يكونون ما مجموعه خمسة أحزاب فأكثر، ناهيك عما سيتقاضونه في حال كان النجاح حليفهم. ومن الضروري الإشارة، أنه في خلال الأعوام الماضية تراجع دور الأحزاب كثيرا، لتحل مكانها النقابات، بمختلف أنواعها، ثم ما أن انتكست الأخيرة وتراجع دورها أيضا.. والسبب واضح وضوح الشمس ألا وهو تقاعس الأحزاب عن تحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها، فهي إلى جانب النقابات، هم عادة من يكون لهم نصيب الأسد في قيادة برامج العمل، سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أم زراعية أم اقتصادية. قد لا تكون الحكومات المتعاقبة، السبب في وراء ذلك، وان كان يقع على عاتقها، نصيب الأسد، فهي المسؤولة بداية عن قانون انتخاب ديمقراطي عصري، متقدم، يليق بدولة ستحتفل بُعيد أشهر بالذكرى المئوية الثانية لتأسيسها، فضلا عن أنها صاحبة اليد الطولى في خلق قانون أحزاب يكون مواكبا لديمقراطية أصيلة، سليمة، وخاصة أننا على أبواب انتهاء العشرينية الأولى من الألفية الثانية.اضافة اعلان