"أحلامنا".. مغناة تنشد الوحدة والسلام بمشاركة 37 طفلا عربيا

Untitled-2
Untitled-2
تغريد السعايدة عمان- كسرت أصواتهم ساعات الحظر في "كورونا"، وتخطت أصوات تلك القنابل المتساقطة على أحياء غزة، لتتداخل أصوات الأطفال في مغناة عربية تجمعهم على الأمل وحلم يتحقق بمستقبل أفضل، لتكون مغناة "أحلامنا" التي سيتم إطلاقها في حفل خاص مساء بعد غد، بإشراف وتنظيم من جمعية "تواصل" الثقافية. سبعة وثلاثون طفلاً رددوا الكلمات بتناغم بعد فترة تدريب تخطت العام، ضمن فريق مدربين ومشرفين في كل دولة يقطنون فيها، تحدوا تلك الحواجز التي تفصلهم عن باقي أحياء مدنهم، كما في أطفال غزة وسورية ولبنان، ولكن تكلل هذا العمل بالنجاح والانتهاء من جاهزيته للعرض، وفق رئيسة الجمعية والمشرفة على العمل الفني الدكتورة ريما ملحم. وتقول "تنوي الجمعية أن يتم إطلاق المغناة في احتفالية خاصة، يتعرف بها الجمهور على تلك الوجوه البريئة التي شدت بأجمل الألحان، وكلمات تخاطب جميع أطفال العرب الباحثين عن السلام والحياة الكريمة". "بالحب منزرع أرض وبالحب منهزم بغض، وإيدينا مع بعض وتكمل وتنور فرحتنا"، كان هذا المقطع الختامي للمغناة، وهي من كلمات الشاعر الأردني رامي يوسف، الذي حرص على صياغة تلك الأحلام بكلمات بسيطة سلسة تناسب أعمار الأفواه الحالمة، وكأنها زقزقة عصافير تحلق بين الأغصان المرتفعة وترتطم دون أن تتأثر بنبرتها القوية تتمثل في قبضة اليد التي يرفعها الأطفال في كل مقطع غنائي. من الأردن، فلسطين (من الضفة وقطاع غزة)، لبنان، سورية، المغرب، ومصر، اجتمع الأطفال "افتراضياً"، في حين أشارت ملحم إلى أن هذا الواقع الافتراضي لم يمنع الأطفال من التفاعل الكبير فيما بينهم، بل وتكوين صداقات جعلتهم أكثر إصراراً على تحقيق حلم اللقاء، وكسر تلك الحواجز التي طالت القلوب والمشاعر، حتى بات الأطفال غرباء في أوطانهم، يتألم طفل سورية، كما أطفال فلسطين، ينتزع أبناء لبنان الأحلام من غور الكوابيس، كما في أطفال الأردن الذين يتمنون رؤية أقرانهم، وهو حلم جميع أطفال العرب، بل وأطفال العالم الذين اجتمعوا في قوالب الإنسانية. وفي المؤتمر الصحفي الذي نظمته جمعية "تواصل"، أول من أمس، للحديث عن حيثيات المغناة، التي لحنها الموسيقار اللبناني طوني سابا، ومن إخراج جابر القيسي، وتم التعاون مع مجموعة من المدربين والمنسقين لتدريب الأطفال، تحدث الدكتور جمال الحجار، الذي شارك الدكتورة ريما ملحم في الإشراف العام على العمل الفني، حيث تطرق إلى العديد من الصعوبات التي واجهتهم خلال التجهيز للمغناة، خاصة وأن تبعات كورونا ومن ثم الاعتداء على غزة، كانا من أكثر المعوقات التي أسهمت في تأخر إصدار العمل، ولكن بتكاتف الجهود وتعاون الجميع كان التتويج بإخراج الأغنية بأفضل صورة. وبينت ملحم أن اختيار المناطق التي شارك بها الأطفال كان مدروساً، بحيث نسعى إلى كسر قيود الحزن لديهم، ومخاطبة الأطفال من مناطق مختلفة، مؤكدة أن العمل ما هو إلا "جهد ذاتي من عائلة الجمعية وشركائها دون الحاجة إلى أي تمويل ليكون عملاً فنياً يسمو على كل الاختلافات"، التي لا يعرفها الأطفال ولا تعنيهم في سبيل تحقيق أحلامهم. وخلال المؤتمر الصحفي، تم التواصل مع الأطفال ومدربهم في خان يونس في قطاع غزة، الذين كانوا شعلة من الطاقة والنشاط والفرح خلال حديثهم للحضور، تحدثوا عن سعادتهم بتلك المشاركة التي أخرجتهم من سياج الحدود، وأنهم سعداء كذلك بفكرة ارتدائهم الملابس والألوان "اللون الأبيض" ذاتها الذي مثل نقاء قلوب الأطفال والمساواة فيما بينهم، والذي شبهته طفلة غزة المشاركة إلهام جرادة "اللون البيض هو لون السلام والحب وأطمح لأن يصل صوتي ورسالتي إلى العالم أجمع من خلال المغناة". كما تحدثت منسقة التدريب لأطفال لبنان، آلاء أبو ظاهر، أن الأطفال هم من صيدا، ومن ضمنهم عدد من أطفال سورية اللاجئين، وكان الوقت معهم مليئا بالحياة والحب والشغف الذي يشع من عيون الأطفال. وقدمت شكرها لجمعية "تواصل" التي أتاحت لهؤلاء الأطفال فرصة التعبير عن مشاعرهم وأحلامهم، وخلقت لديهم حسا فنيا كبيرا ورسخوا علاقات صداقات افتراضية مع أقرانهم من باقي المشاركين، ولكن لديهم كل الأمل أن يلتقوا قريباً على أرض الواقع. ووفق اللحام، فإنه وبالرغم من جائحة "كورونا" وتحدياتها، الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي رافقتها أحداث قاسية على "الأطفال"، إلا أن "تواصل" حققت حلمها في إنتاج وتصوير وإخراج المغناة الطفولية العروبية "أحلامنا"، وهي تأكيد لرسالة الفكر والثقافة التي ترتقي بالذائقة، وتعمل على ترسيخ مبدأ الوحدة والأمل والعمل لدى الأجيال المقبلة، وأن يكونوا صناع فرح وحياة وتجاوز الصعوبات والتسلح بالعلم والأخلاق. وشكرت ملحم كل ما أسهم في هذا العمل حتى يخرج للعلن، وبأصعب الأوقات والظروف التي رافقتهم خلال الإنتاج والتحضير، وكل تفاصيل العمل التي تمت خلال فترة الحظر بسبب كورونا، إضافة إلى أن كل هذا التنسيق تم عن طريق التواصل عبر نظام "زوم"، مشيرة إلى أن المغناة فيها الكثير من الرسائل المعنوية وتحمل عبارات الحب والتفاؤل والحياة، شارك في تقديمها كل من المطران عطا الله حنا من القدس والدكتور والمورخ الأكاديمي محمد غوشة والموسيقار نصير شما، ومتسلق المرتفعات مصطفى سلامة والرياضي محمد زيدان. وتحدث الحجار عن أبرز أهداف "أحلامنا"، وهو "تأكيد أهمية رسالة الفن في تعزيز الوعي لدى الأطفال، وإعطاء الأطفال الموهوبين فرصة لتحقيق آلامهم، ونبذ التفرقة والعنصرية وتعزيز قيم المحبة والسلام، ومد جسور التواصل بين الأجيال، وتوجيه طاقاتهم نحو عمل الخير والتطوع والتمسك بسلاح العلم والثقافة والفن". ويشار إلى أن "تواصل" هي مؤسسة مجتمعية، غير حكومية، وغير ربحية، وشعارها "نتواصل لردم الجدران بين المجتمعات وتعزيز مكانة الإنسان وحقه في حياة آمنة"، ولها العديد من الفعاليات الداعمة في المجتمع الأردني وفلسطين ولبنان، وعملت على تنظيم عدد كبير من المشاريع الاجتماعية والثقافية، وتستهدف الشباب والأطفال، والنساء، في مجال التمكين الثقافي والتكنولوجي.اضافة اعلان