أخبار جيدة للفقراء

أحدث التحليلات يفيد بأن انخفاض أسعار النفط إلى مادون التسعين دولارا للبرميل الواحد مرده قرار سعودي أميركي لضرب اقتصاديات روسيا وإيران، وإلا بماذا يفسر استمرار الإنتاج بنفس المعدلات رغم انخفاض الأسعار؟!اضافة اعلان
ربما لا يكون هذا السبب الوحيد لتفسير ظاهرة انخفاض أسعار النفط، على الرغم من تدهور الأوضاع الأمنية في عديد الدول المنتجة للنفط، كالعراق وليبيا، فلدى الخبراء في أسواق النفط تقديرات أخرى؛ لكن أيا تكن الأسباب فإن تراجع أسعار النفط يعد خبرا طيبا للدول غير النفطية كالأردن.
في التسعيرة الشهرية الأخيرة لمس المستهلكون فرقا بسيطا في الأسعار مقارنة مع تسعيرات سابقة حلقت عاليا. ومع قرب موعد التسعيرة الجديدة نهاية الشهر الحالي يأمل الأردنيون بان يلمسوا فرقا أكبر في الأسعار بعد أن تراجع سعر البرميل إلى نحو 85 دولارا للبرميل.
تقديرات المؤسسات النقدية العالمية تشير إلى ان اسعار النفط ستستقر على انخفاض لفترة طويلة نسبيا، ومعها ستنخفض أسعار المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية. سيكون لهذه التوقعات تأثيرات سلبية على الدول المنتجة والمصدرة، لكن في المقابل تأثيرات إيجابية على موازنات الدول الفقيرة والمستوردة للغذاء، والأردن من بينها.
لقد أرهقت فاتورة الطاقة كاهل الموازنة العامة في الأردن، كما أرهقت كاهل المواطنين، وقللت من ميزات التنافسية للصناعات الأردنية والصادرات عموما. وفاقم الأزمة غياب البدائل الفورية للغاز المصري الذي انقطع بشكل شبه نهائي منذ سنتين تقريبا.
كان الاعتقاد السائد لفترة قريبة مضت بأن سعر برميل النفط فوق 100 دولار هو سعر ثابت ودائم لفترة طويلة. الدول المنتجة كانت مرتاحة لهذا الارتفاع في الأسعار والذي ناهز الـ120 دولارا في بعض الأحيان، وبفضله راكمت دول نفطية فوائض مالية ضخمة، بينما عانت دول أخرى ظروفا اقتصادية قاسية فجرت حركات احتجاج شعبي عنيفة كما حصل في اليمن مثلا التي تعد دولة منتجة للنفط، وفي تونس قبل أشهر.
لكن تبين أن الدول النفطية الكبرى تستطيع، ولاعتبارات سياسية ربما، التكيف مع أسعار أقل بنحو 20 بالمائة دون أن يتأثر اقتصادها. مسؤول سعودي أعلن منذ أيام أن سعر 80 دولارا للبرميل هو سعر مقبول، ولا حاجة لتخفيض الإنتاج لرفع الأسعار فوق هذا المعدل.
ليت دول"الأوبك" تحافظ على هذه التسعيرة الواقعية، لما لها من انعكاسات إيجابية على اقتصاديات الدول النامية، وخطط التنمية التي تصطدم في العادة بفاتورة الطاقة المرهقة.
لكن يتعين على الدول الفقيرة أن لا تستكين للواقع الحالي، فأسعار النفط قد تعاود الارتفاع بشكل مفاجئ؛ فمن الضروري الاستمرار في تطوير البدائل، والسير في مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة، بوصفها خيارا استراتيجيا للمستقبل.
المهم على المدى القصير استثمار انخفاض أسعار النفط، لتعزيز  مناخ الاستقرار؛ ففي بلد مثل الأردن يمكن لتسعيرة نهاية الشهر الحالي أن تغير كثيرا في مزاج الناس، إذا ما التزمت الحكومة بتخفيض ملموس للأسعار يعادل الانخفاض الحاصل في أسواق النفط العالمية. مثل هذه الخطوة ستكون أفضل هدية للمواطنين على أبواب فصل الشتاء.