أفكار ومواقف

أداء الاقتصاد: السر غير المخفي!

صراع مرير يدور اليوم بين الحكومة ونقابة المعلمين، في ظل حالة عدم يقين في التوصل إلى تفاهمات تكون قادرة على إنقاذ الفصل الدراسي الأول، أو ما تبقى منه بالأصل، وهو أمر مشكوك فيه، فحتى لو توصل الطرفان إلى اتفاق اليوم، فخسارة أسابيع من الدراسة لن يكون في مقدور أحد تعويضها.
في ظل هذا الظرف الاستثنائي، غادرتنا “بهدوء” بعثة صندوق النقد الدولي بعد أن حصرت آخر التطورات الاقتصادية، ومن دون أن يلتفت كثيرون إلى زيارتها وسط الانقسام المجتمعي بين الحكومة ونقابة المعلمين، والاستقطابات الكثيرة التي ينتهجها الطرفان.
خبر إنهاء الزيارة نشره جاء في بيان مقتضب من الصندوق، وقال إن بعثته زارت عمّان في الفترة المحددة، لتقديم الرئيس الجديد لبعثة الصندوق لدى الأردن، كريس جارفيس، وأن بعثة أخرى ستزور المملكة لاستكمال المراجعة الثالثة في وقت لاحق من العام الحالي.
ليس هناك أي معلومات أخرى تم التصريح بها من قبل الصندوق أو من قبل الحكومة، رغم أن مصادر محلية كانت كشفت عن أن البعثة أجرت “نحو 50 اجتماعا مع وزارات ومؤسسات اقتصادية حكومية، ومؤسسات من القطاع الخاص”.
نتوقع بيانا تفصيليا من قبل الصندوق يستعرض المؤشرات المالية والاقتصادية، ولكن الأمر ليس مخفيا، فالمؤشرات للعام الحالي لم تكن سعيدة بالنسبة للحكومة، خصوصا حين بدأت الإيرادات الضريبية بالانخفاض بدءا من نيسان (إبريل)، لتصل نسبة تراجعها في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي إلى 3.5 %.
الحكومة بعد أن وقعت في الخطأ الذي حذرها منه كثيرون، وهو التوسع الكبير في فرض الضرائب والرسوم، مضطرة اليوم إلى مراجعة شاملة لسياستها الضريبية، لكن ذلك غير ممكن في ظل اتفاقها مع صندوق النقد، لذلك لن يكون أمامها إلا اللجوء للاقتراض، في ظل مديونية بدأت تقترب من 30 مليار دينار.
حتى اليوم لا تفكر الحكومة خارج صندوق “الجباية”، فهي تصر باستمرار على أن يكون جل إيراداتها من الضرائب والرسوم، ولم تحاول حتى الآن تغيير نهجها التقليدي هذا، وأن تعمد إلى خطوة شجاعة تقوم على أساس تخفيض ضريبة المبيعات ومدخلات الإنتاج، وهي الخطوة التي من الممكن أن تفضي إلى تحفيز النمو، ودفع القوة الشرائية للمواطن، وتنشيط الأسواق والاقتصاد ككل، بما يفتح الباب أمام ارتفاع الإيرادات.
ثمة أمر آخر مهم في هذه المعادلة، وهو الإنفاق الجاري الذي من الممكن خفضه لمصلحة الإنفاق الرأسمالي الذي يعد ضحية كبيرة لارتفاع الدين وخدمته. الخبراء يقدرون أن معدل النمو الاقتصادي في الأردن سيتراوح بين 2.4 % و3.0 % حتى العام 2024. هذا الأمر يتطلب تفكيرا جديا بطرق غير تقليدية لتحفيز النمو، وخفض نسب البطالة التي بدأت بالتعاظم مع كل ربع جديد من العام لتصل اليوم إلى 19.2 %.
نستطيع أن نتكهن بأن صندوق النقد غير راض عن المؤشرات الاقتصادية والمالية للأردن. ولكن الأمر المهم، هو ما الذي تعده الحكومة لتجاوز هذه الأزمة، وهل في جعبتها حلول موضوعية لها؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock