أداء القطاع العام.. هل من أمل؟

يواجه الأردن الكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وفي كثير من الأحيان نجتهد في توصيف الحلول، وحينما نصل إلى وصف السياسات والحلول نصطدم بواقع صعب فيبدو التحليل ركيكا وجانب السياسات لا فائدة كبيرة منه. وينطبق واقع الحال على موضوع الإصلاح الإداري الذي لم يغب عن كتب التكليف السامية والمتعاقبة للحكومات، وفيه فقرات وتوجهات واضحة بضرورة تعزيز كفاءة العمل الحكومي ولكن المؤشرات الدولية والانطباعات المحلية لا تشير إلى ان هناك تحسنا في الأداء العام، بل على العكس تتزايد الشكوى، ويتراجع ترتيب الأردن في العديد من مؤشرات قياس الاداء الحكومي الصادرة عن جهات دولية، وهذا التراجع مرده سببان، إما اننا لا نحقق التطور المطلوب، أو أن الدول التي نقارن الأردن بها تتطور بشكل سريع وحثيث بحيث يتراجع ترتيب الأردن نسبيا. فما العمل، وأين نذهب من هنا، فالتنمية وتسريع النمو الاقتصادي لن يتحققا في ظل بيروقراطية ثقيلة وغير فعالة، تكلف الكثير، وتبطئ في اتخاذ القرارات، وفيها الكثير من النصوص المتقاطعة واحيانا المتضاربة، والتي من شأنها فتح باب الاجتهاد، وبالتالي سوء الاستغلال الناجم عن المساحة القانونية، يضاف إلى ذلك رغبة الكثيرين ممن هم في موقع القرار، تجنب اتخاذ قرارات مباشرة، فيتم اللجوء إلى تشكيل اللجان، واللجان بدورها امامها نصوص قانونية فضفاضة، من هنا يصعب اتخاذ القرار الحاسم، ويحدث التأخير، وتستمر الشكوى دون حلول عملية تحدث النقلة التي يرغب بها الجميع ولكنها لا تتحقق. أحد الأسباب الرئيسية والتي تعيق المسير إلى الامام، هو ان هناك تركة ثقيلة من الموظفين وهناك هياكل داخل الجسم الحكومي، تعمل منذ سنوات وفقا لآليات معينة وتفسيرات وتراتبية معينة في اتخاذ القرارات، تلك الترتيبات، أصبحت جزءا من طبيعة الأداء المؤسسي المتوافق عليه، وعند حلول حكومة أو وزير جديد، فإنه يصطدم بهذا الأداء المؤسسي، ومع ابداء المسؤول الجديد الرغبة في التغيير وفقا لمقاربة جديدة، فإن ذلك يواجه بمقاومة شديدة من داخل تلك المؤسسات، وهناك ما يشبه العرف في العمل، وهناك من سيتضرر من التغيير المحتمل. وهذه الديناميكية ومفاعليها من شأنها إعاقة التغيير بصورة كبيرة، لا بل يصبح هناك تحالفات داخل تلك المؤسسات لمقاومة النهج الجديد والرغبة في التغيير من قبل قمة الهرم الإداري، وفي الكثير من الحالات، فإن مقاومة التغيير وما يرافقها من إفزاع للمسؤول الراغب بالتغيير تؤدي إلى التسليم بالواقع واستمرار الحال على ما هو عليه. للخروج من هذه الدوامة التي تلتهم مواردنا المحدودة لا بد من العمل الجدي لتعديل نظام الخدمة المدنية بحيث يمنح المسؤول مرونة اكبر في التقييم الموضوعي، كذلك لا بد من الإقرار بأن تحسين الأداء وفقا للإرث البشري والمؤسساتي القائم غير ممكن، بمعنى ان العدد اللازم لإدارة بعض المنشآت هو الذي يجب ان يبقى في بعض المؤسسات ويعاد توجيه الفائض إلى مجالات أخرى منتجة، اما التحول الجوهري فيتمثل بالتحول الاليكتروني الذي سيحد من مجال الاجتهاد الشخصي في اتخاذ القرارات. تكرار نفس التجربة لن يفضي إلى تغيير النتيجة، ولن يكون هناك موارد جديدة تخصص للعديد من القطاعات، مما يوجب مقاربة جديدة وجريئة لعكس المسار.اضافة اعلان