أربعة كتب عن السينما الأوروبية لسمير فريد

في خطوة إضافية تهدف إلى مزيد من التقارب الثقافي والفني العربي الأوروبي، حقّق الناقد السينمائي المصري سمير فريد بحثاً سينمائياً شبه متكامل، بإصداره أربعة كتب في إطار سلسلة "السينما في دول الاتحاد الأوروبي"، تناولت "التاريخ والتيارات والأنواع" و"أعلام الإخراج السينمائي" و"المؤسّسات السينمائية" و"الأسواق والشركات والاستديوهات". ذلك أن فريد، "انطلاقاً من الإيمان بالشراكة الأوروبية المتوسطية، ونظراً إلى حاجتنا في مصر والعالم العربي إلى الانفتاح على الثقافات الأوروبية، والتي تعبّر عنها الآداب والفنون ومنها الأفلام السينمائية"، اقترح على المفوضية الأوروبية في القاهرة إصدار "هذه الموسوعة المختصرة عن السينما في دول الاتحاد الأوروبي الخمس وعشرين، على شكل أربعة كتب". وأشار فريد، في المقدمة الواحدة التي وضعها للكتب الأربعة، إلى أن ما فعله ليس إلاّ "الخطوة الأولى لفتح أسواق السينما في مصر والعالم العربي للأفلام الأوروبية"، إذ رأى أنه لم يكن مقبولاً أن "نطالب بذلك"، وأن يطالب الاتحاد الأوروبي أيضاً بهذا، و"ليس هناك مرجع بالعربية عن السينما في دول الاتحاد الأوروبي على الأقل"، معتبراً أنه من البديهي "أن هذا المرجع يوفّر قاعدة من المثقفين وهواة السينما الذين يمهّدون لتوفير قاعدة من جمهور السينما الكبير".

اضافة اعلان

وضع سمير فريد مقدمة واحدة للكتب الأربعة، لكنه خصّص تمهيداً وملاحظات إلى القارئ بكل كتاب، نظراً إلى طبيعة كل بحث. في المقدمة الواحدة، تحدّث فريد عن تاريخ السينما وتاريخ الاتحاد الأوروبي، معتبراً أن تجربة هذا الاتحاد "من أعظم التجارب في تاريخ الإنسانية، لأنه أول اتحاد لمجموعة دول كبيرة متعدّدة الثقافات لا يقوم بقوة السلاح وإنما عبر السعي إلى تحقيق مبادئ الحرية والعدل والسلام، ولا يحتلّ دولاً أخرى لنشر هذه المبادئ، وإنما يقدّم للشعوب المختلفة نموذجاً للتعاون الإقليمي، والأسلوب الأمثل لمواجهة العولمة أو الكوكبية التي تقودها الرأسمالية الجديدة بزعامة الولايات المتحدّة الأميركية". وأعاد فريد نشر مشروع الشراكة الأوروبية المتوسطية، المتمثّل بإعلان برشلونة في العام 1995، إثر انتهاء المؤتمر الأوروبي المتوسطي الذي عُقد فيها يومي 27 و28 تشرين الثاني بمشاركة ممثلين عن ثلاث وعشرين دولة، هي: مصر وسورية ولبنان والأردن وتونس والجزائر والمغرب والسلطة الفلسطينية وألمانيا والنمسا وبلجيكا والدانمارك وفنلندا والسويد وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان ولوكسمبورغ والبرتغال وبريطانيا وهولندا وإيرلندا. بالإضافة إلى أربع دول متوسطية، هي: تركيا ومالطا وقبرص وإسرائيل. وفيه بنود عدّة خاصّة بالسياسة والاقتصاد والعلوم والأمن والتبادل الثقافي والمعرفي وغيرها من الشؤون العامة، ومنها "دعم الحوار، في إطار من الاحترام بين الحضارات، من أجل تحقيق التقارب بين الشعوب، وتشجيع التبادل الثقافي، ومعرفة لغات أخرى مع احترام الهوية الثقافية".

كتبٌ موسوعيّة

في تمهيده لـ"التاريخ والتيارات والأنواع"، كتب سمير فريد أن هذا الكتاب "مثل أي كتاب موسوعي، يتضمن مداخل عن تاريخ السينما في كل دولة من الدول الـ25 أعضاء الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أن المدخل "يعني الاقتصار على ذكر الخطوط العريضة للتاريخ من دون تفاصيل، ومن هنا صعوبته العلمية خاصة، والمسؤولية الكبيرة التي يتحمّلها كاتبه". وأضاف أن هناك "العديد من المعلومات المتضاربة، حتى بين الموسوعات الدولية والجامعية المعروفة لدى الباحثين ونقّاد السينما والمؤرّخين، ولهذا استلزم الأمر تحقيق كل معلومة، والتثبّت من صحتها قدر الإمكان". وأشار فريد إلى أن "تاريخ السينما في هذا الكتاب ليس التاريخ الرسمي الذي ينشر في كتب التعريف التي تصدرها الحكومات، إنما هو التاريخ من وجهة نظر الكاتب، المنحازة انحيازاً تاماً ضد النظم الشمولية ونظام الحزب الواحد، ومع النظام الديمقراطي الذي يقوم على تعدّد الأحزاب والانتخابات الحرّة النزيهة، إلى حين العثور على نظام أفضل". وانتهى إلى القول إن الحجم المتّفق عليه لهذا الكتاب "فرض أن يكون عن تاريخ إنتاج الأفلام الروائية الطويلة أساساً، وليس عن تاريخ إنتاج الأفلام بكل أجناسها.

أما في تمهيده لـ"أعلام الإخراج السينمائي"، فكتب سمير فريد أن "المشكلة التي تواجه أي قاموس مختصر عن أعلام السينما من المخرجين أو غيرهم من الأعلام هي على أي أساس يتمّ الاختيار". أضاف أن هذا الكتاب "ليس عن كل أعلام الإخراج، وإنما عن أعلام إخراج الأفلام الروائية الطويلة، وهي موضوع الكتب الأربعة (هذه)"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذا لا يعني "تجاهل بعض مخرجي الأفلام التسجيلية وأفلام التحريك في المداخل الخاصة بالتاريخ العام للسينما، مثل ترنكا في الجمهورية التشيكية أو سيرفاس في بلجيكا من أعلام التحريك، أو غريرسون في بريطانيا وإيفانزا وهانسترا وفيرنوت في هولندا من أعلام السينما التسجيلية. كما لا يعني تجاهل الأفلام التسجيلية أو أفلام التحريك التي أخرجها مخرجو الأفلام الروائية الطويلة".

وأوضح فريد أنه وضع خمسة معايير لاختيار الأعلام: 1) أعلام الإخراج الذين لا يختلف حول أهميتهم ودورهم في تطوير السينما من يعرف تاريخ السينما.

 2) أعلام الإخراج الذين كان لهم دور بارز في تطوّر السينما في بلادهم.

 3) عدم الاعتماد على جنسية المخرج أو المخرجة أو بدايته في بلد من بلدان أوروبا موضوع الكتاب، إنما مدى تأثيره في السينما في هذا البلد أو ذاك.

4) "شخصي تماماً"، بمعنى أن هناك أعلاماً لا ذكر لهم في الموسوعات الدولية التي تقوم على الاختيار أيضاً، مهما كانت موسّعة، و"لكني أرى أهميتهم من وجهة نظري".

5) أن يتضمّن الكتاب بعض المخرجين والمخرجات الشباب الذين يصنعون الحاضر والمستقبل إلى جانب الأعلام الذين صنعوا التاريخ. ونبّه إلى أن غياب أسماء مخرجين ومخرجات "لا يعني على الإطلاق أنهم من دون قيمة فنية، وإنما لضرورات الاختيار".

معلومات أساسية

في تمهيده لـ"المؤسسات السينمائية"، روى سمير فريد أنه، حين وضع مسوّدة هذا المشروع، ألحق المؤسسات في كتابي التاريخ والأسواق: المؤسسات المعنية بالتراث السينمائي وتعليم السينما ومجلات السينما في الأول، والمؤسسات المعنية بصناعة السينما والعاملين فيها في الثاني. لكنه رأى فيما بعد "أن من الأفضل أن يكون للمؤسّسات كتاب خاص لسببين: الأول أن المؤسسات الأوروبية لا تفصل فصلاً كاملاً بين المؤسسات الثقافية والمؤسسات الصناعية، فكلاهما يعمل من أجل الصناعة والثقافة معاً. والثاني أن هذا الكتاب (...) موجّه إلى القارئ العربي الهاوي والسينمائي والمسؤول (حكومياً وشعبياً)". مضيفاً أن العالم العربي محتاجٌ إلى تنمية وتطوير العمل المؤسّساتي، وخاصة في مجالي الفنون والآداب، وبالأخص في مجال السينما والوسائل السمعية والسمعية البصرية.