أخبار محليةاقتصادالسلايدر الرئيسي

أرقام النمو “حائرة” بين الموازنة “ورؤية التحديث”

من %2.7 إلى %5.6.. خبراء يتساءلون عن أسباب التناقض

سماح بيبرس وهبة العيساوي 

أبدى خبراء ماليون استغرابهم من التناقض الواضح بين بلاغ الموازنة العامة للعام المقبل وبين رؤية التحديث الاقتصادي.


ويؤكد الخبراء أن التناقض يظهر جليا بين بلاغ الموازنة العامة ورؤية التحديث الاقتصادي عند مقارنة نسب النمو المستهدفة، إذ بنيت الموازنة على معدل نمو بلغت نسبته 2.7 % بينما تتطلب الرؤية نسبة نمو تصل إلى 5.6 % وإنفاقا رأسماليا مرتفعا.


وتساءل الخبراء “لماذا تؤكد الحكومة أنها ستطبق خطط وبرامج الرؤية في موازنتها في الوقت الذي يعتبر فيه الأمر مستحيلا خلال الأعوام القليلة المقبلة”.


وطالب هؤلاء بضرورة أن تكون الحكومة أكثر واقعية ووضوحا وشفافية في تصريحاتها، وألا يرد على لسانها نظريات متفائلة صعبة التطبيق.


وكان وزير المالية محمد العسعس قد وصف رؤية التحديث الاقتصادي 2033 بأنها رؤية واقعية وتركز على جذب الاستثمارات.


وأصدرت وزارة المالية ممثلة بدائرة الموازنة العامة، بلاغ الموازنة العامة لعام 2023، استندت في فرضياته على عدم فرض أي ضرائب جديدة أو زيادة الضرائب الحالية، وتعزيز الإنفاق الرأسمالي لتحريك عجلة التنمية الاقتصادية وزيادة النمو الاقتصادي وبما ينعكس إيجابا على معدلات التشغيل.


ووفق البلاغ، فإن التقديرات استندت أيضا إلى الالتزام بتنفيذ متطلبات تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي (2022-2033) وما تضمنته من مبادرات وخطط وبرامج، والالتزام بتنفيذ متطلبات خريطة طريق تحديث القطاع العام (2022-2033) وما تضمنته من خطط وبرامج.


واستند بلاغ الموازنة على توقعات بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 2.7 % للعام المقبل و3 % لعام 2024، و3.3 % للعام 2025، وبلوغ معدل التضخم العام المقبل 3 %.


وزير الإقتصاد الأسبق سامر الطويل قال “تصريحات وزير المالية متناقضة، هو يقول في المؤتمرات الصحفية إنه التزم في موازنة العام المقبل بما تضمنته رؤية التحديث الاقتصادي، في حين أنه بنى الموازنة على نسبة نمو 2.7 % والرؤية تدعو إلى تحقيق نسبة نمو 5.6 %”.


وبين الطويل أنه في ظل المؤشرات الحالية سواء في الأردن أو على مستوى العالم، يجب أن نكون واقعيين وألا نتفاءل بشكل كبير ونرى بوضوح ما يجري على أرض الواقع.


وقال إن “السذاجة في التفاؤل أسوأ من التشاؤم” ورأى الطويل أن صندوق النقد الدولي لن يقبل بأن تكون نسب النمو مرتفعة وغير واقعية وفي حال حققنا نفس نسب العام الحالي فإننا بخير.
وبين أنه في ظل ارتفاعات أسعار الفائدة وانعكاسها على معدلات النمو تجبرنا على اعادة توقعاتنا.
وقال “مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي لن تنفذ في يوم وليلة لذلك لا نستطيع التصريح بأننا ملتزمون بتنفيذها العام المقبل”.


وأظهرت خريطة طريق النمو الاقتصادي 2022-2033 في رؤية التحديث الاقتصادي التي تم اطلاقها رسميا أول من أمس، أنه على الحكومة تحقيق نسبة نمو 4.2 % سنويا من أجل توفير مليون فرصة عمل خلال العشر سنوات المقبلة.
وترتكز خريطة الطريق للفترة 2022 – 2033 على مساهمة القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية في الناتج المحلي الإجمالي ونمو فرص العمل بما يشمل الاستثمار المطلوب من القطاعين العام والخاص لتحقيق النمو.


وأظهرت خريطة الطريق أن الطموح يتمثل في زيادة الناتج الحقيقي من 30.2 مليار دينار إلى 58.1 مليار أي بمقدار 27.9 مليار دينار وبنسبة 5.6 % سنويا.


من جانبه، اتفق الخبير المالي محمد البشير مع الطويل حول أن ما يرد على لسان المسؤولين هو نظريات متفائلة بعيدا عن الواقع.


ورأى البشير أنه جرت العادة لدى الحكومات المتعاقبة في المؤتمرات الصحفية أن تتحدث وكأنها تعيش خارج الأردن، وسط أن المؤشرات مختلفة عن الواقع.


ولفت إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي تتطلب زيادة الانفاق العام على مدار السنوات العشر المقبلة ولكن، هل الحكومة تستطيع رفع هذا الانفاق وصرفه على البنية التحتية للتحضير للاستثمار؟.


وقال البشير “إذا أردنا تنفيذ مخرجات الرؤية والتركيز على القطاعات الثمانية الاستثمارية، فمن أين سنوفر بيئة استثمارية جاذبة في ظل انفاق رأسمالي شحيح؟”.


وزاد البشير “كلام الحكومة متناقض لا يستقيم مع الواقع”.


وزير تطوير القطاع العام الأسبق د.ماهر المدادحة أشار إلى أنّه من الصعب الوصول الى معدلات نمو اقتصادي عال المذكورة في الخطة خصوصا في ظل الاوضاع الاقتصاديّة العالمية والاقليميّة.


وأشار الى أن الحكومة قدّرت ايراداتها ضمن معدلات نمو قد يكون من الصعب تحقيقها في ظل الأوضاع العالمية وارتفاع أسعار النفط التي أدت إلى التضخم العالمي الحاصل في العالم.


وأضاف “الحكومة قدرت إيراداتها ضمن توقعات نمو معينة، وفي حال لم تستطع تحقيق هذه المعدلات فإنّ الإيرادات ستتراجع” مشيرا الى أنّ تغطية هذه الفجوة قد يكون من خلال تحسين التحصيل الضريبي أو من خلال الفوسفات والبوتاس التي ارتفعت أسعارها عالميا.


وأقرّ الخبير الاقتصادي زيان زوانة بوجود تناقض بين ما تمّ الاعلان عنه في خطة التحديث وبين أرقام موازنة 2023، مشيرا الى أنّ هذا يعني أنّ خطة التحديث الاقتصادي ستبقى حبراً على ورق “شفاف”، ومجرّد “كلام وأحلام فاضت بها قرائح الخبراء” وغير قابلة للتطبيق.


ووفقا لزوانة فإنّه ليس هناك من يتابع ويسأل “عن الالتزام بما جاءت به خطة التحديث الاقتصادي”، وهذا على عكس الموازنة التي لا تخرج عن “لغة الأرقام” المحسوبة، والحكومة ستحاسب عليها ومجبرة على الالتزام بما جاء بها، مشيرا إلى أنّ الأرقام التي جاءت في الموازنة هي أقرب للواقع ومن الممكن تحقيقها.


على أنّ زوانة يرى ضرورة أن يتم الأخذ بعين الاعتبار كل المخاوف والمؤشرات التي قد تؤثّر على الموازنة، ومن بين هذه العوامل “الركود” و”الركود التضخمي” و “الكساد” الذي من الممكن حدوثه في العالم موضحا أنّ الاقتصاد الاميركي بدأ فعلا يعاني من اختلالات في أسعار الفائدة في المديين القصير والطويل، وقد انخفضت أسعار السيارات المستعملة وأسعار الفائدة على الرهن العقاري، فيما ارتفعت أسعار الفائدة على الدولار بالإضافة الى تسريح عمال من قطاع التكنلوجيا بأعداد كبيرة.


وفي اليابان يذكر زوانة أنّه تمّ اعلان حالة الانكماش التي يعيشها الاقتصاد مع ارتفاع الأسعار، أما الصين فهي تعيش في حالة حرب تجارية مع الولايات المتحدة بالإضافة الى مشكلة توسع في القطاع العقاري، مع استمرار تطبيق سياسات الاغلاق بسبب كورونا.


وفي بريطانيا لديهم حالة انكماش مع ارتفاع التضخّم، فيما أنّ أوروبا كلها تعيش وسط أزمة حرب أوكرانيا.
ووفقا لزوانة، فإنّ ما يحدث في العالم يجب أخذه بعين الاعتبار خاصة في قطاع السياحة والتصدير “باستثناء البوتاس والفوسفات”.. حتى لا نواجه مزيدا من الفجوات.

اقرأ المزيد :

زر الذهاب إلى الأعلى

السوق مغلق المؤشر 2581.15 0.09%

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock