أزمة المعارضة الأردنية في ضوء قانون الانتخاب الجديد

اكثر الأسباب تفسيرا لتذبذب مسيرنا التنموي السياسي هو ضعف المعارضة المطالبة به، وعدم قدرتها تقديم بديل واقعي لإصلاحات يمكن تبنيها.

اضافة اعلان

هذا صحيح والدليل ردة الفعل الضعيفة من قبل المعارضة على قانون الانتخابات الذي انتقدته وكأن في فمها ماء، رغم أنها وهذا يسجل، تحدثت عن الإيجابيات التي وردت في هذا القانون في تغيير نوعي لخطابها. توقعنا أن تمسك المعارضة القانون وتمحص به لتخرج علينا بمثالبه، ولكنها اكتفت بالنقاط التي كتب عنها المراقبون وبعض الأقلام كأساس لمعارضتها ورفضها للقانون.

القانون، الذي تحدثت عن إيجابياته سابقاً، ينطوي على عدد من نقاط الضعف التي كان حري بالمعارضة أن توظفها مع ضرورة التأكيد انه إيجابي وخطوة في الاتجاه الصحيح، وقد مثل لدرجة كبيرة تسوية، كما هو حال كافة القوانين، بين جل الآراء المطروحة والتي تم رصدها بشكل أو بآخر.

صحيح أن الحكومة لم تستمع لكل صاحب رأي في الأمر، ولا نحسبها قادرة على ذلك، لكنها رصدت المقالات والدراسات وعقدت عديدا من الاجتماعات مع الفئات المعنية بهذا الأمر وهذا ما يحدث بأعرق الديمقراطيات.

أهم نقاط الضعف تتمثل في منظومة ضمان النزاهة وتغليظ العقوبات، خاصة في موضوع المال السياسي، فقد جاءت بنود القانون بهذا الشأن مقلقة لأنها تفتح المجال أمام الاجتهاد وتجريم كثير من الممارسات الانتخابية التي اعتبرت بالسابق أمرا حميدا.

فقد عكف بعض المرشحين سابقاً على شراء أغطية شتاء أو مدافئ، وهذا كله كان أمرا جيدا ولم تقل عنه كلمة واحدة، والسبب أن مقدم هذه المساعدات لم يكون يجرؤ على مقايضتها بالأصوات كما حدث بفجاجة في انتخابات 2007.

وعليه فالأحرى أن لا نركز على تحريم الأُعطيات بصرف النظر عن حجمها ونوعها، بل أن نركز على ألاّ تُستخدم لشراء الأصوات عن طريق ضمان عدم قدرة مقدم المساعدة أو المال على أن يلاحق الأصوات.

عدم تمكين القانون للأحزاب أمر آخر كان يمكن الحديث عنه، وعلى الرغم من أنّ الحكومة غير ملزمة قانونيا بمساعدة الأحزاب بأكثر مما تفعل الآن، فهي التي تقدم حتى المال لهذه الأحزاب، وعلى الرغم كذلك من أن عبء الارتقاء بالعمل الحزبي مسؤولية الأحزاب نفسها قبل غيرها، لكن، في المقابل، أسوة بتمكين النساء كان يمكن على الأقل وضع الأحزاب على طريق التطور المؤمل بما يخدم البلد ويعزز من قيمة الأحزاب المضافة للعمل السياسي العام.

أما زيادة تمكين المرأة، فهذا جزء إيجابي من القانون ولكن مشكلته أن النساء اللواتي سيتم انتخابهن لن يكنّ كتلة واحدة تدافع وتتبنى قضية المرأة، وهذا أمر قد لا يكون القانون معنيا به، ولكنه تساؤل مشروع عن أحقية زيادة الكوتا النسائية وأثر ذلك على ديمقراطيتنا.

أهم ما تم إغفال نقاشه يتعلق بأثر "الدوائر الافتراضية" على الانتخابات ودرجة الديمقراطية في البلد، ونعتقد أن من وقف خلف هذه الفكرة استحق راتب عامه كله لأنه اشغل الدنيا كلها بهذا الاقتراح الذي مازال جل النخبة لا يفهمون فحواه ولا انعكاساته المتوقعة على العملية الانتخابية.

مع أنّ فكرة الدوائر الافتراضية تعد نصف خطوة باتجاه تحقيق مبدأ دائرة لكل مقعد بما يزيل سلبيات الصوت الواحد كما طالبت المعارضة لسنوات، لكن "الافتراضية" هنا سترتب تعقيدات ترشيحية هائلة وربما تسويات ومناكفات انتخابية بين المرشحين الأقوياء الذين سيتصرفون ضمن مبدأ توزيع النفوذ السياسي كما يرونه.

إنشاء الدوائر الافتراضية سيرتب نتائج سياسية عصية على التنبؤ، وليست بالضرورة لصالح أحد.

[email protected]