أزمة في بيت القوى المشاركة بالانتخابات

تعكس حالة "الشوشرة" السياسية التي تلف الموقف المشترك لائتلاف الأحزاب القومية واليسارية المعارضة، تجاه قضية المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، جزءا يسيرا مما يمكن تسميته بـ"أزمة خيارات وفرص انتخابية"، تجد فيها نفسها قوى وأحزاب كانت قررت أو تتجه إلى إقرار المشاركة في الانتخابات المقبلة.اضافة اعلان
وفيما تبدو أزمة الحركة الإسلامية، وقوى سياسية معارضة أخرى، بعد قرارها مقاطعة الانتخابات، وقد استقرت في سياق سياسي معين وواضح المعالم، بعد حسم الحركة وهذه القوى استراتيجيا خيارها بالمقاطعة، تتفاعل أزمة أخرى لم يظهر الجزء الأكبر من جبل جليدها بعد، في جبهة القوى والأحزاب التي حسمت خيارها بالمشاركة، أو هي في الاتجاه إلى مثل هذا الحسم.
ما يمكن تسميتها بأزمة المشاركين في الانتخابات المقبلة، من قوى وأحزاب وائتلافات سياسية واجتماعية في طور التشكل حاليا، تتمحور معالمها وأبعادها في اتجاهين: الأول، يتعلق ببعض الائتلافات الحزبية القائمة، كائتلاف القومية واليسارية المعارضة (6 أحزاب)، وبعض مكونات الجبهة الوطنية للإصلاح التي تترأسها الشخصية السياسية المحورية أحمد عبيدات؛ إذ تنقسم مكونات هذين الائتلافين بصورة واضحة وحدية، بين ذاهب إلى المشاركة في الانتخابات رغم تحفظه، على غرار المقاطعين، على قانون الانتخاب وشمولية مخرجات العملية الإصلاحية، وبين حاسم لخياره بالمقاطعة بصورة مبكرة.
هذا البعد الأول لأزمة المشاركين يتوقع له الانعكاس على بنية الائتلافات الحزبية والجبهوية ووحدتها، خاصة مع تصاعد حدة الاستقطاب السياسي المتوقع مع الاقتراب من يوم الانتخابات.
أما البعد الثاني لأزمة المشاركين من قوى وأحزاب، فيرتبط أساسا بقضية تشكيل القوائم الانتخابية الوطنية التي سندخل ميدانها أردنيا لأول مرة في الانتخابات المقبلة، وما تخلقه آليات وشروط تشكيلها وتحالفاتها من عوامل خلاف وانقسام متوقعة، كما بات يظهر واضحا على أرض الواقع.
فخلافات ترتيب مرشحي القوائم الوطنية، والتي ترتبط بتعظيم فرص الظفر بمقعد نيابي، مدخل للانقسامات والخلافات داخل الائتلاف الواحد، بل والحزب الواحد. والمتتبع لما يتوارد من أخبار ومعلومات عن جهود ومحاولات تشكيل القوائم الوطنية، سواء داخل بعض الأحزاب بصورة انفرادية أو من خلال ائتلافات، يمكنه تلمس آثار هذه الانقسامات والخلافات، بل وحتى الاستقالات "المفاجئة" لشخصيات وازنة من بعض الأحزاب، لاسيما الوسطية الكبرى.
وبالعودة إلى خلافات ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية تجاه قضية المشاركة في الانتخابات، والتي كانت محل جدل صحفي وبيانات وتصريحات متبادلة خلال اليومين الماضيين، فإنها خلافات متوقعة أمام استحقاق المشاركة في الانتخابات؛ فالائتلاف تشكل قبل أكثر من عام كاستحقاق لخلاف داخلي شهدته لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة على خلفية الموقف من تطورات الأزمة السورية، وشبه افتراق الإسلاميين عن حلفائهم القوميين واليساريين في الموضوع السوري.
اليوم، وأمام استحقاق الانتخابات، تعود الاصطفافات والاستقطابات داخل تنسيقية المعارضة، وتمتد إلى ائتلاف القوميين واليسار، بين معسكرين رئيسين: الأول، حسم خياره بالمقاطعة، ويمثله حزبا جبهة العمل الإسلامي والوحدة الشعبية، والثاني أقرب للمشاركة، أو هو في الطريق إليها، وتمثله أحزاب "حشد" و"الشيوعي" وجناحا البعث الأردني والحركة القومية.
ارتدادات أزمة الانتخابات، والموقف من قضية المشاركة، يتوقع لها أن تصل أيضا إلى بيت الجبهة الوطنية للإصلاح التي تشكل عنوانا رئيسا للمعارضة، وسبق لها الحسم الجماعي لموقفها بمقاطعة الانتخابات، لكنه حسم جماعي مرشح للخروج عليه من قبل أطراف حزبية منضوية في الجبهة، وتحديدا غالبية الأحزاب القومية واليسارية المعارضة ذاتها!