أسخف تصريح

أسخف تصريح سمعته وقرأته اتهام الأستاذة المحترمة بثينة شعبان -المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري- أوروبا بإلغاء حق العودة باستقبالها اللاجئين الفلسطينيين الفارين من جحيم الحرب المركبة عرقياً وطائفياً ومذهبياً وسياسياً.اضافة اعلان
فكّر موضوعياً بهذا التصريح تجد أنها كمن تطالب أوروبا تركهم يغرقون في البحر، أو يبادون في مخيماتهم كي لا ينسوا حق العودة إلى الوطن السليب إذا عاشوا في أوروبا، لأن العودة إليه مفتوحة أو متاحة لهم من جميع الجهات وبخاصة من الجولان وجنوب لبنان ولكنهم لا يعودون.
لا يوجد فلسطيني واحد ينكر أو لا يعترف -شاكراً وممتناً ومقدراً- معاملة سورية للاجئين الفلسطينيين فيها معاملة السوريين سواء بسواء، ما خلا في موضوع الجنسية أو الحقوق السياسية. ولكن الحرب الدائرة في سورية تقضي عليهم وتشتتهم مثل بقية إخوانهم السوريين، بمن فيهم أهل الجولان المغتصب كفلسطين الذين فروا إلى الأقطار المجاورة، أو قطعوا البحار إلى أوروبا.
الغريب واللافت للنظر هذا التناقض بين مساواة الفلسطينيين في سورية مع السوريين، وعدم ضغط النظام السوري إبان هيمنته على لبنان، عسكرياً وسياسياً وإدارياً، على كل حكومة لبنانية لترفع القيود الجائرة التي تمنع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من العمل في أكثر من سبعين حرفة ومهنة. هل كان ذلك -كما يدعي بعض الناس- لتوفير فرص عمل للسوريين في لبنان؟ كما لم يقم الحليف الوثيق أو العضوي القوي في لبنان بعد خروج سورية من لبنان، وهو حزب الله، بأي جهد لإلغاء هذه القيود مع أنه يقدر. يحزنني جداً التذكير بأن إسرائيل التي تعمل على تطفيش الفلسطينيين من وطنهم جملة وتفصيلاً، لا تمنع فلسطينيي 1948 و1967 من العمل في أي حرفة أو مهنة.
تنسى الأستاذة شعبان أن الفلسطيني متعلق بالعودة إلى الوطن ولا يتنازل عن هذا الحق، وإنه يفضل البقاء أو العيش في معسكرات أو مخيمات بائسة على أن يبيع أرضه ووطنه للعدو الصهيوني، على الرغم من العروض المالية الهائلة ليفعل. وأنه إذا كان اليهود لم ينسوا فلسطين مع أنهم شكلوا فيها مجرد مرحلة أو حقبة عابرة، فإن الشعب الفلسطيني لن ينسى حق العودة مطلقاً، لأنه ملك فلسطين لمئات السنيين قبل اغتصاب اليهود الأول لها، ولمئات السنين قبل الاغتصاب الثاني
أو الحالي لها.
***
يدعي مطلع أن منظمة/ جماعة إسلامية خصصت ميزانية خاصة قدرها مليونا دينار لتعليق لافتات دينية إسلامية على جميع أعمدة الكهرباء والهاتف في طول البلاد وعرضها. ولكنها بهذا العمل السري تجعل الملكية العامة للأعمدة ملكية خاصة بها تتصرف بها كما تشاء، من دون إذن أو ترخيص أو رسوم.
أما الغريب أو العجيب في الأمر، فسيطرة العبادات على اللوحات وغياب المعاملات. فلا يوجد حديث نبوي واحد عنها مثل "من غشنا فليس منا"، مع أن الدين حسب الحديث النبوي الشريف هو المعاملة. وكأن هذه المنظمة أو الجماعة التي تقوم سراً بتعليق اللافتات لا تعيش في البلاد، حيث يوجد أكثر من ستة آلاف جامع تبث هذه العبادات على مدار الساعة. وأن الشوارع في المدن والقرى تغلق في أثناء صلاة الجمعة، وكأنه يحق للمصلين أو يعطون لأنفسهم الحق بإغلاقها ومخالفة قواعد المرور بحجة الصلاة من دون انتقاد هذه المنظمة/ الجماعة لذلك، وأن ما زاد عن حده قد ينقلب إلى ضده.
غريب أمر هكذا إسلاميين، فهم باسم الدين وبالوكالة الحصرية المدعاة من الله يبيحون لأنفسهم الاعتداء على الحق العام والحق الخاص، أو استباحتهما.
وللأسف لا تجرؤ الحكومات على المنع أو على النزع خشية اتهامها بالكفر، حتى وإن كان بقاء اللافتات معلقة على الأعمدة يشتت انتباه السائقين ويؤدي إلى وقوع حوادث المرور التي لا يجرؤ المرتكبون لها على
 نسبتها إليها.