"أسعار الدجاج": 10 أيام من غياب الحل

محل لبيع الدجاج اللاحم في وسط البلد - (تصوير: محمد مغايضة)
محل لبيع الدجاج اللاحم في وسط البلد - (تصوير: محمد مغايضة)

طارق الدعجة

عمان - لم تحل مشكلة ارتفاع أسعار الدواجن في السوق المحلية رغم مرور أكثر من عشرة أيام على الملف الذي تبادلت فيه جهات مختلفة تحميل المسؤولية لبعضها البعض.

اضافة اعلان


وحتى الآن، مازالت حلقات الإنتاج والبيع والتنظيم تتبادل الاتهامات، فأصحاب محال التجزئة يقولون إن "الأسعار ارتفعت من قبل الموزعين".


لكن الشركات الكبرى المتهمة بممارسة "الاحتكار" بهدف رفع الأسعار تنفي ذلك تماما.


هذه الشركات تؤكد أنها تعاني كثيرا في ظل ارتفاع الكلف التي تتحمل الحكومة مسؤوليتها في المقام الأول وعلى رأسها كلف الطاقة والأعلاف.


موقف الحكومة في ظل الأزمة القائمة تمثل بتحديد مستويات سعرية لم يلتزم بها الأكثرية فيما كان يحتال البعض على هذا القرار من خلال بيع الدجاج بسعرين، الأول سعر الدجاج غير مقطع بدينارين وهو بذلك يلتزم بالسقف السعري بينما يبيعه مقطعا بدينارين ونصف بزيادة 25 % عن السقف في محاولة للالتفاف على القرار الحكومي.


وفي المقابل لوحت وزارة الزراعة باستيراد الدجاج المجمد في حال استمرار ارتفاع الأسعار.


وفي ظل هذه المعطيات المتشابكة، يعاني المواطن من ارتفاع أسعار سلعة أساسية إذ يصل سعر كيلو الدجاج إلى 2.5 دينار و1.75 دينار للنتافات وعلى ضوء ذلك أطلق نشطاء ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي حملات لمقاطعة شعبية فيما أكدت جمعية حماية المستهلك دعمها هذه الحملات.


ودعا القائمون على حملات المقاطعة المواطنين إلى الامتناع عن شراء الدجاج لعدة أيام لحين انخفاض أسعاره إلى الحدود المعتادة والمقبولة والتي تتناسب مع الوضع المادي للمواطن، مشيرين إلى أن الارتفاعات الأخيرة غير مبررة وتهدف إلى استغلال المواطن خلال شهر رمضان الذي يكثر فيه الطلب عليه.


عاملون في مجال بيع دجاج النتافات، عزوا ارتفاع سعر دجاج النتافات إلى شح الكميات، ورفع أسعارها من قبل أصحاب المزارع والموزعين داعين الحكومة الى ضرورة التدخل وتخفيض أسعار بيع الدجاج بالجملة.


وأكد صاحب محال بيع دجاج" نتافات" عادل شحادة أن كلفة كيلو دجاج "النتافات" أمس بالجملة تتراوح بين 1.68 و1.70 دينار.
وتساءل شحادة كيف يمكن يبيع دجاج "النتافات" للمواطنين بـ 1.65 دينار للكيلو وسعره بالجملة أعلى منذ ذلك بـ5 قروش.
ودعا الحكومة إلى ضرورة أن تكون هناك إجراءات سريعة لحل مشكلة أسعار دجاج النتافات مع المزارعين والموزعين وحتى لا يتهم أصحاب محال بيع الدجاج باستغلال المواطنين ورفع الأسعار.

بدوره، قال رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك د.محمد عبيدات إن "الجمعية أول الداعمين لأي حملة مقاطعة تتبناها وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة الدجاج الذي يشهد ارتفاعات غير مبررة بالأسعار".


وطالب في بيان صحفي أمس وزارة الزراعة السماح باستيراد الدجاج في شهر رمضان المبارك وذلك بسبب ارتفاع أسعاره بشكل جنوني وعدم الالتزام بالسقوف السعرية التي حددتها وزارة الصناعة والتجارة والتموين وذلك من أجل كسر الاحتكار الذي يمارسه بعض التجار من أصحاب الأنفس الضعيفة أو من أجل سد النقص الحاصل من الكميات المنتجة من هذه السلعة الضرورية كما يدعي البعض من العاملين في هذا القطاع.

وبين أن الجمعية تلقت خلال الأسبوع الماضي مئات الشكاوى ومن كافة محافظات المملكة تتعلق بارتفاع سعر بيع الدجاج بجميع أنواعه بشكل مبالغ فيه بسبب عدم التزام محلات بيع دجاج النتافات والبقالات والسوبرماركت والمولات التي تبيع الدجاج الطازج بالسقوف السعرية التي حددتها الوزارة.


وبحسب عبيدات تركزت الشكاوى على استغلال حاجة الناس لهذه السلعة وبيعها بأسعار مرتفعة جدا تجاوزت وبشكل كبير السقوف السعرية نتيجة لضعف الرقابة من قبل الجهات ذات العلاقة، وايضا عدم توفر هذه السلعة الضرورية في بعض المولات أو السوبرماركت وإن وجدت فإنها تباع بأسعار مبالغ فيها وصلت في بعض الأحيان إلى ثلاثة دنانير للكيلوغرام الواحد.


وشدد عبيدات على ضرورة تدخل الحكومة ممثلة بوزارتي الصناعة والتجارة والتموين ووزارة الزراعة للتصدي لكافة المحاولات والأساليب التي قد يتخذها بعض المحتكرين للسلع الضرورية التي يحتاجها المواطنون في هذا الشهر الفضيل وذلك بفتح باب الأستيراد لأي سلعة يطرأ عليها ارتفاع غير مبرر أو احتكار مثلما يحدث الآن في أسعار الدجاج وتشديد الرقابة واتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق كل من يخالف القوانين والتعليمات وايقاع أشد العقوبات بحقهم.


وأشار وزير الزراعة خالد الحنيفات إلى وجود اجتماع اليوم لمناقشة ملف الدواجن ، وقال "إذا لم تكن الكميات متوفرة وبأسعار في متناول المستهلك سنفتح الاستيراد على مصراعيه وعبر الطائرة حتى يكون هناك توفر كامل لمتطلبات المائدة الرمضانية".


وتحدث الحنيفات، مساء الخميس، في تصريحات صحفية عن وجود نقص في مادة الدجاج الأسبوع الماضي وعدم وجود احتكار ، مشيرا إلى وجود طلب كبير من المستهلكين في رمضان على السلع ما يسبب نقصا في البضاعة المعروضة ما يؤدي إلى زيادة في الأسعار.


واعتبر الخبير الاقتصادي د.غازي العساف ان "حملات المقاطعة تعتبر من انجع السبل لمواجهة ارتفاع أسعار أي سلعة بما فيها الدجاج".
وقال العساف حتى تنجح حملات المقاطعة وتكون سلاحا فعالا لكبح جماح الأسعار يجب ان تكون ثقافة يخشاها أي تاجر يفكر في احتكار أي سلعة بقصد زيادة أسعارها.


وطالب المواطن عدم التهافت وترشيد الاستهلاك من خلال الاكتفاء بشراء الاحتياجات اليومية وليس كميات كبيرة.


وأوضح العوران أن خروج صغار المربين عن التربية خلال الفترة الماضية أدى إلى ظهور ما وصفه بـ"حيتان الدواجن" واتفاق ضمني بين كبرى الشركات التي لا يتجاوز عددها 5 شركات لغايات الاحتكار ورفع الأسعار.

وبين أن خروج صغار المربين يعود إلى جملة من الأسباب في مقدمتها تراكم الديون عليهم لصالح الشركات الكبرى وعدم مقدرتهم على التربية والمنافسة مشيرا إلى أن الشركات ترفض التعاون مع صغار المربين من خلال البيع بالذمم المالية لمدخلات الإنتاج.


وأشار إلى تراجع عدد مزارع الدجاج العاملة بالمملكة بنسب وصلت لـ 60 % لتصل الى 1000 مزرعة بدلا من 2500 مزرعة لإنتاج الدجاج اللاحم. وشدد على ضرورة دعم صغار المزارعين من خلال توفير نوافذ تمويلية لهم كون وجودهم بمثابة صمام أمان في ضبط السوق وتوفير الدجاج للمواطنين بأسعار مقبولة.


غير أن مدير عام شركة الوطنية للدواجن احمد الرعود نفى وجود احتكار أو اتفاق ضمني في سوق الدجاج مؤكدا وجود منافسة قوية بين مختلف شركات الدواجن التي يصل عددها الى 6 شركات كبرى.


وقال الرعود إن أسعار بيع الدجاج الطازج في السوق المحلية أقل من دول المنطقة مشيرا إلى أن فتح باب الاستيراد بمثابة تدمير للقطاع الذي يصل استثماراته الى 1.5 مليار دينار ويوظف أكثر من 15 ألف عامل جلهم من الأردنيين.

وبين ان الفوضى في سوق الدجاج سببها بالدرجة الأولى الحكومة من خلال تحديد سقوف سعرية والتي أشعرت المواطنين بأن هنالك خللا في سوق الدجاج في السوق المحلية.


وأوضح الرعود أن أسعار الدجاج التي تباع حاليا بالسوق المحلية قريبة من الكلفة مبينا أن استمرار وضع السقوف السعرية خلال الشهر المقبل ستكبد الشركات خسائر فادحة كون الكلف ستكون 2.25 دينار في ظل ارتفاع مدخلات الإنتاج من الأعلاف ومستلزمات التربية الاخرى.


وأكد كبار مستثمري الدواجن والإعلاف في بيان صحفي أمس أن ما يتم تداوله في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول ارتفاع أسعار الدجاج نتيجة ممارسات احتكار، هو عبارة عن حكم ناتج عن عدم دراية بعمليات تربية الدجاج.


وبينوا أن الدجاج الحي إذا وصل للوزن المطلوب، لا يمكن إبقاؤه في المزارع لليلة واحدة، بسبب الخسائر المترتبة على ذلك، ما يستوجب تحويله للمسالخ، حسب الخطة المبرمجة مسبقا.


وقالوا إن الدجاج سلعة غير قابله للتخزين، إلا كدجاج مجمد وهو ما يحاول الجميع تجنبه، إلا في الظروف القاهرة، بسبب ارتفاع كلف التجميد والتخزين والبيع بأسعار متدنية جدا.


وشددوا على أن الشركات والمزارعين تكبدوا خسائر ضخمة خلال السنوات الأربع الماضية لأسباب عديدة، أهمها عدم حماية الإنتاج المحلي من الدواجن المجمدة المستوردة، رغم أن الإنتاج المحلي للدواجن يحقق أمنا غذائيا استراتيجيا ويغطي احتياجات الأردن ويزيد بأكثر من 20 % من احتياجات السوق.


وعلى الرغم من هذه الخسائر الجسيمة، تابع المزارعون، لم يتخذ المنتجون أي إجراء لوقف الخسائر المتتالية إلا عبر المتابعة المستمرة مع الوزارات المعنية لحماية الإنتاج المحلي والاستثمارات الضخمة لهذا القطاع التي تزيد على 1.5 مليار دينار أردني.


وجدد المزارعون والشركات مطالبهم بضرورة حماية الإنتاج المحلي، معتبرينها مسؤولية وطنية تقع على عاتق الحكومة، ومطلوب تحقيقها في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى.

بما في ذلك دعم القطاع بإعفائه من الضرائب التي زاد تأثيرها على كلف الإنتاج بسبب الارتفاع الهائل وغير المسبوق لأسعار الذرة والصويا بأكثر من 60 %، وكذلك إلغاء فرق سعر المحروقات على مربي الدواجن.

والسماح لهذا القطاع بالاستثمار بالطاقة البديلة، ومنع الممارسات التي تؤدي إلى المنافسة غير العادلة مع الدواجن المجمدة المستوردة.


ولفتوا إلى أن ما حدث بالأيام القليلة الماضية من زيادة غير مبررة للطلب بسبب موسم شهر رمضان الفضيل، تم التعامل معه بمنتهى الحرفية والمسؤولية الوطنية والمجتمعية من قبل شركات الدواجن، بالتنسيق مع وزيري الزراعة والصناعة والتجارة والتموين، بتعويض النقص المفاجئ الذي حصل في كمية العرض لدجاج النتافات، رغم أن ذلك كبد الشركات خسائر كبيره ناتجة عن إنتاج الدواجن على أعمار أقل من العمر المجدي اقتصاديا بيوم الى ثلاثة أيام.


وأكدوا أن الإنتاج المحلي الطازج متوفر وبأسعار مناسبة وعادلة تحقق رضا الطرفين، فضلا عن توفر أرصده احتياطية من الدجاج المجمد في مستودعات المنتجين ومستودعات كبار الموزعين المعتمدين، داعين في الوقت ذاته المواطنين لعدم المبالغة بشراء كميات كبيرة وتخزينها.