أطفال التوحد يفقدون حقهم بالتعليم

أحد أطفال التوحد يتلقى حصة تعليمية في أحد المراكز المتخصصة. -(أرشيفية)
أحد أطفال التوحد يتلقى حصة تعليمية في أحد المراكز المتخصصة. -(أرشيفية)

نادين النمري

عمان- ما بين عدم أهلية المدارس الحكومية على استقباله بصفوفها، والرسوم المرتفعة للمدارس الخاصة التي تشترط كذلك وجود معلم مساند، فقد عبد الرحمن حقه في الحصول على تعليم دامج لائق.اضافة اعلان
تم تشخيص عبدالرحمن القطاوي (12 عاما) قبل عام فقط بإصابته بأحد أطياف اضطراب التوحد، كانت أولى التحديات التشخيص الخاطئ حيث تم التعامل معه لسنوات على أنه مصاب بإعاقة ذهنية بسيطة، ترى والدة الطفل أن "التشخيص المتأخر أثر سلبا على التطور الأكاديمي لطفلها".
وتضيف الأم لـ"الغد" قائلة: "اضطرت عائلتي للانتقال في مكان السكن من الضليل إلى العاصمة بهدف البحث عن فرص تعليم أفضل لعبد الرحمن. خلال فترة سكننا بالضليل التحق ابني بمركز تابع لإحدى الجمعيات، خضعت كذلك لتدريب على التعامل مع الأطفال ذوي الإعاقة، رغم ذلك لم يكن التطور كافيا، بعد نصيحة من المختصين انتقلنا للسكن في عمان".
لدى عائلة القطاوي أربعة أبناء منهم ثلاثة في المدارس الحكومية، أما عبد الرحمن فلم تقبل به أي مدرسة حكومية بحجة أن المدارس الحكومية غير مؤهلة لاستقبال حالات مشابهة لحالته، طرقت الأم أبواب المدارس الخاصة لكنها تفاجأت بالرسوم العالية.
تفرض المدارس رسوما مضاعفة على الأطفال من ذوي الإعاقة أو صعوبات التعلم، كما تشترط في بعض الحالات وجود معلم مساند للطفل على ان يكون أجر المعلم على عاتق ولي أمر الطفل.
تبين الأم: "تمكنت أخيرا من إلحاق طفلي بمركز متخصص بحالات الاعاقة الذهنية والتوحد، رسوم المركز الشهرية تبلغ 480 دينارا يبقى هذا المبلغ فوق قدرتنا المالية، عملت في المركز براتب 350 دينارا وكان الراتب كاملا يذهب كقسط للمركز، شهد ابني تطورا ملموسا خلال تلك الفترة، لكني اضطررت لاحقا لنقله إلى مركز آخر برسوم أقل".
تعمل الأم اليوم في ذات المركز الذي يلتحق به الابن، وتقول "المركز جيد، في شغل على الأولاد وبيكون مبسوط وأنا معاه، لكن أكيد لو كان بمدرسة دامجة كان أفضل أكاديميا".
لموسى وضع أفضل من عبدالرحمن، فموسى (اسم مستعار) الطالب في الصف الخامس تم تشخيصه مبكرا باضطراب طيف التوحد، تابعت الأسرة بشكل مكثف مع ابنها من خلال الاستعانة بخبراء وأخصائيين في تعديل السلوك لأطفال التوحد.
التحق موسى منذ رياض الأطفال بالمدارس الخاصة، يقول الأب: "اليوم تبلغ رسوم الدراسة السنوية 4000 دينار، حيث تضاعف المدرسة الرسوم للطلبة المحتاجين لبرامج المساعدة، يضاف إلى ذلك راتب 300 دينار شهريا للمعلمة المساندة".
إلى جانب الرسوم المدرسية تتكبد عائلة موسى رسوم جلسات النطق وتعديل السلوك، يبلغ أجر الجلسة الواحدة 25 إلى 30 دينارا بواقع جلستين أسبوعيا.
يقول الأب: "أشعر برضا وسعادة لتطور ابني الأكاديمي وتفوقه في بعض الموضوعات، لكن ماديا الأمر مرهق جدا ذلك اضطرني للعمل في أكثر من وظيفة في آن واحد، حتى لو كان دخل الاسرة جيدا فإن كلفة التعليم لأطفال التوحد مكلفة".
تؤكد الناطقة باسم المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة غدير الحارس وجود إشكالية كبيرة في وصول الأطفال ذوي الإعاقة وتحديدا أطفال التوحد والإعاقات الذهنية الى حقهم في التعليم.
وتقول لـ"الغد": "نسب التحاق الأطفال ذوي الاعاقة بالتعليم متدنية، حتى في حال توفر خدمات التعليم فهي ليست بالمستوى المطلوب".
وتتابع "قانون الأشخاص ذوي الاعاقة الحالي أكد على حق جميع الأطفال ذوي الإعاقة بالتعليم، ولذلك يجري العمل حاليا على إعداد خطة على مدار عشر سنوات لضمان توفير التعليم الدامج في كافة المدارس الحكومية".
وتنص المادة 18 من القانون في الفقرة (ه) على وضع خطة وطنية شاملة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة بالمؤسسات التعليمية بالتنسيق مع المجلس والجهات ذات العلاقة، على أن يبدأ العمل على تنفيذها خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون ولا يتجاوز استكمال تنفيذها (10) سنوات.
وتوضح الحارس: "ذلك يعني أن يتم توفير التسهيلات البيئية للاطفال ذوي الاعاقة في المدارس فضلا عن توفير المعلمين المساندين".
وتضيف إن الهدف أن يكون التعليم الدامج ضمن سياسات وزارة التربية والتعليم، "نحن حاليا في المراحل التشاورية للخطة".
وكان سمو الأمير مرعد بن رعد بن زيد رئيس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حذر في تصريحات صحفية سابقة من تدني نسب الملتحقين بالبرامج التعليمية من إجمالي عدد الأطفال ذوي الإعاقة، والتي قال إنها "لا تتجاوز 21 % من إجمالي عددهم في سن التعليم".
ووفقا لأرقام دائرةِ الإحصاءاتِ العامة للعام الماضي فان ما نسبته 79 %من إجمالي عدد الأشخاصِ ذوي الإعاقة ليسوا ملتحقين بأي برنامج تعليمي على الإطلاق.
وينص القانون في المادة 17 منه على انه "يحظر استبعاد الشخص من أي مؤسسة تعليمية على أساس الإعاقة أو بسببها وإذا تعذر التحاق الشخص ذي الإعاقة بالمؤسسة التعليمية لعدم توافر الترتيبات التيسيرية المعقولة أو الأشكال الميسرة أو إمكانية الوصول، فعلى وزارة التربية والتعليم إيجاد البدائل المناسبة بما في ذلك ضمان التحاق الشخص بمؤسسة تعليمية أخرى".
كما لا يجوز حرمان الطالب ذي الإعاقة من دراسة أي مبحث أكاديمي أو ترسيبه أو ترفيعه تلقائياً على أساس إعاقته أو بسببها.
ورغم تضمين تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان فصلا خاصا عن حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة لكن التقرير في نسخته الأخيرة التي أطلقت قبل أيام، خلا من الحديث عن حق الاشخاص ذوي الاعاقة بالتعليم، فيما اقتصرت ملاحظاته على حق الاطفال ذوي الاعاقة في الالتحاق برياض الاطفال والحضانات الدامجة.
لكن تقرير المركز للعام 2016 قال إن الطلبة ذوي الإعاقة يعانون من صعوبة التنقل والوصول من والى المدرسة أو الجمعية خاصة في المناطق النائية، وكذلك صعوبة الانضمام إلى بعض الصفوف بسبب عدم توفير التسهيلات البيئة الملائمة، بالإضافة إلى ضعف وجود دمج حقيقي في التعليم، حيث يعاني الطلبة ذوو الإعاقة البسيطة (صعوبات تعلم) من عدم تفعيل غرف المصادر المنتشرة في معظم محافظات المملكة، بالإضافة لضعف في تسجيل أهالي ذوي الإعاقة أبناءهم في المدارس، الأمر الذي يؤكد على ضرورة نشر البرامج التوعوية بحقوق الطفل ذوي الإعاقة في التعليم.