أكاديميون: مجانية التعليم العالي من المستحيلات

تيسير النعيمات

عمان– رغم تأييدهم لفكرة التعليم العالي المجاني إلا أن أكاديميين يرون أن تطبيقها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة للبلاد من ارتفاع المديونية وعجز الموازنة "شبه مستحيل".اضافة اعلان
ويجمع أكاديميون تحدثوا لـ "الغد" على أنه في ظل عجز الحكومة عن حل المشاكل المالية للجامعات الرسمية فإن الحل القابل للتطبيق "يكمن في إعادة هيكلة الرسوم الجامعية وخفض أعداد المقبولين، وإعادة النظر في سياسات القبول، والتوجه نحو التعليم التقني والمهني".
وكان وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وليد المعاني كشف في تصريحات صحفية عن ان "الحكومة تدرس امكانية التعليم العالي المجاني".
وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي ورئيس الجامعة الأردنية السابق الدكتور عزمي محافظة، يؤكد من طرفه أن تطبيق التعليم المجاني في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة "شبه مستحيل"، وأن الحل هو في "هيكلة الرسوم الجامعية لتتمكن الجامعات الرسمية من تغطية الكلفة الحقيقية للطالب". ويقول، "الحكومة غير قادرة على حل الازمة المالية للجامعات من مديونية وعجز وبالتالي فإن "طرح مجانية التعليم يصبح طرحا شعبويا غير قابل للتطبيق".
ويبين محافظة ان مستوى التعليم العالي والتدريس والبحث العلمي لا يمكن ان يتحسن في ظل الوضع المالي للجامعات ولا يمكن تحسين جودة التعليم العالي مع وجود البرنامج الموازي وأعداد المقبولين الكبيرة التي تفوق الطاقة الاستيعابية لمعظم الجامعات.
ويقول محافظة، بعض الجامعات لديها القدرة على تحسين اوضاعها المالية والاستثمار "لكن البعض الآخر خصوصا جامعات الاطراف فإن قدرتها محدودة في هذا السياق"، معتبرا أن "مجانية التعليم غير ممكنة في الأردن في ظل امكانياته المحدودة وفي ظل حاجة التعليم لإمكانيات كبيرة لا يملكها الاردن".
وأكد أهمية التوجه نحو التعليم التقني والمهني وربطه مع حاجات سوق العمل، مشيرا الى أن معظم التخصصات الأكاديمية مشبعة وراكدة.
وقال، نحتاج إلى "كفاءات أكاديمية تحمل العلوم الجديدة والجامعات غير قادرة على الايفاد ولا يمكنها تخفيض أعداد المقبولين لحاجتها للرسوم، "فعلينا مثلا تخفيض اعداد الطلبة في الجامعة الاردنية من 45 الى 25 الف طالب" مع التركيز على الدراسات العليا الحقيقية.
ويجدد محافظة التأكيد على أن التعليم العالي المجاني "شعار براق وبعيد عن الواقع ولا يعكس امكانيات البلد الاقتصادية الا من خلال رفع الرسوم وفرض رسوم وضرائب على المواطنين"، مشيرا الى ان المبلغ المقدر من ضريبة الجامعات يبلغ نحو 500 مليون دينار فيما يبلغ مجموع موازنات الجامعات الرسمية 800 مليون.
واعاد التأكيد على ان التخصصات التقنية والمهنية والبحث العلمي الحقيقي يسهم في تحسين الاقتصاد فضلا عن ايجاد عمالة مدربة، بموازاة أهمية تحديد أعداد المقبولين وجودة التعليم العالي ومراجعة سياسات القبول، مشددا على أننا "بحاجة لإعادة نظر جذرية في التعليم العالي".
الأمين العام السابق لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور هاني الضمور اعتبر أنه في ظل الظروف الاقتصادية والمالية للحكومة حاليا وعدم قدرتها على دعم الجامعات "من الصعب جدا تطبيق فكرة التعليم العالي المجاني".
وأشار إلى احتمالية تطبيق الفكرة من خلال قروض مؤجلة وبدون فوائد للطلبة لما بعد التخرج والعمل على أن تكون الرسوم حسب كلفتها الحقيقية، لكنه أضاف أنه طالما أن "رسوم الجامعات الرسمية غير موحدة لنفس التخصصات فمن الصعب تطبيق فكرة القروض وعلينا أولا توحيد هذه الرسوم وأن يتزامن ذلك مع الغاء الموازي".
وقال، إذا زاد مبلغ الدعم الحكومي للجامعات وخفضت الجامعات اعداد المقبولين مع دفع ثمن الفرق في الرسوم بعد الغاء الموازي، فإن الامر ممكن او من خلال فرض رسوم على البنزين تخصص لدعم التعليم العالي.
وتساءل الضمور "هل يمكن ان يكون التعليم العالي في الاردن مجانا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية والوضع المالي السيئ للجامعات الحكومية؟"، وهل سيتم إلغاء البرنامج الموازي؟.
كما تساءل هل "ستتوحد الرسوم الجامعية للتخصصات المتشابهة في الجامعات الحكومية؟ وهل سيتم تحسين رواتب العاملين في الجامعات؟، واذا تم إلغاء البرنامج الموازي هل سيتوحد النظام المالي في الجامعات الرسمية؟ وكيف سيتم دعم هذه الجامعات وما هي الأسس التي سيتم الاعتماد عليها؟ وهل ستكون هناك معايير تنافسية بين هذه الجامعات؟"، لافتا الى أن هذه أسئلة "علينا ان نفكر فيها اذا اردنا فعلا ان يكون التعليم مجانيا وهو مطلب شرعي وعادل".
الرئيس السابق لأكثر من جامعة رسمية الدكتور عبد الرحيم الحنيطي قال بدوره ان تطبيق "مجانية التعليم العالي فكرة شبه مستحيلة في ظل الاوضاع الاقتصادية والمديونية والعجز في موازنة الدولة"، مشيرا إلى أن الحل "يكمن في هيكلة الرسوم وتوحيدها وأخذ المعدل بين الحد الأدنى والأعلى ليغطي الطالب كلفته، وإلغاء الموازي تدريجيا، او من خلال تعزيز الدعم الحكومي وهو امر غير ممكن في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة".
وتساءل الحنيطي "هل يقبل المجتمع وضع رسوم على البنزين من اجل التعليم المجاني؟"، لافتا الى ان "احدى الحكومات استولت العام 1996 على إيرادات ضريبة الجامعات وحولتها لوزارة المالية واكتفت بتحويل جزء منها لدعم الجامعات".
ووفق الحنيطي فإن هيكلة الرسوم الجامعية وتوحيدها لكل التخصصات في الجامعات الرسمية باحتساب المتوسط بين أعلى سعر للساعة وأقل سعر "سيحقق فائضا للجامعات يقدر بنحو نصف مليون دينار".
واشار الى أن "فرق الرسوم في تخصص الطب بين جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا يبلغ ثلاثة اضعاف، مع قرب المسافة بينهما فما ذنب المواطن في ظل عدم المساواة في الرسوم؟".
الرئيس الأسبق لجامعة الطفيلة التقنية الدكتور اشتيوي العبدالله استذكر العام 2015 حين زار رؤساء جامعات رسمية مع وزير التعليم العالي حينها لبيب الخضرا اقليم كتالونيا الاسباني، حيث بين وزير التعليم العالي في الإقليم أن في الإقليم 7 جامعات رسمية وان الدعم الحكومي لها يبلغ سنويا 700 مليون يورو بمعدل 100 مليون لكل جامعة.
وأشار العبدالله الى أن "لدينا في الأردن 10 جامعات رسمية فقط والمبلغ المخصص للتعليم العالي 72 مليونا يوجه بشكل فعلي منها نحو 40 مليونا فقط بمعدل 4 ملايين لكل جامعة لا تكفي رواتب للعاملين".
واكد أنه "لا بد من دعم حقيقي للجامعات فالبحث العلمي الحقيقي يحتاج الى مبالغ كبيرة ومردوده لا يمكن ان يظهر الا بعد مدة طويلة، كما نحتاج الى ايفاد وتحديث الاجهزة باستمرار، إضافة الى رسوم جامعية عادلة، داعيا الى "هيكلة الرسوم الجامعية او تحويل مبلغ ضريبة الجامعات لدعمها".
وقال "إن التعليم العالي ليس أولوية للدولة"، مؤكدا أننا "نريد تعليما مجانيا وفق اسس صحيحة وجودة عالية، لكن من الصعوبة بمكان توفير تعليم عال مجاني".