أكبر من أن تفشل!!

أكبر من أن تفشل عبارة تستخدم لوصف شركة متشابكة للغاية في الاقتصاد العالمي أو الاقليمي أو حتى المحلي، إلى درجة أن فشلها سيكون كارثيًا. فمصطلح كبير لا يشير إلى حجم الشركة، بل يشير إلى مشاركتها عبر اقتصادات وقطاعات متعددة. وبالانجليزية تعني Too Big To Fail. وقد روجت إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش لمصطلح «أكبر من أن تفشل» خلال الأزمة المالية العالمية التي اندلعت عام 2008. واستخدمت الإدارة العبارة لوصف سبب اضطرارها لإنقاذ بعض الشركات المالية لتجنب الانهيار الاقتصادي في جميع أنحاء العالم. الشركات التي كانت بحاجة إلى الإنقاذ هي شركات مالية اعتمدت على ادوات المشتقات المالية للحصول على ميزة تنافسية عندما كان الاقتصاد مزدهرًا. وعندما انهار سوق الإسكان، هددت استثماراتهم بإفلاسهم. وقامت تلك البنوك بالاستثمار بكثافة في هذه المشتقات لدرجة أنها أصبحت أكبر من أن تفشل بسبب التشعبات التي دخلت فيها تلك البنوك مع العديد من القطاعات الاقتصادية وشرائح المجتمع في مختلف الاسواق المالية واسواق الانتاج الحقيقية ومختلف قارات العالم. لذاك أطلق مصطلح انها «أكبر من أن تفشل». ففشل مثل تلك الشركات يكون تأثيره كبيراً على العمالة والناتج وايرادات الخزينة والاسواق المالية وتنافسية الاقتصاد وقدرته التصديرية في الكثير من الاحيان. ومن الامثلة المعروفة في قطاع البنوك الاميركي في موضوع انها أكبر من أن تفشل يذكر بنك بير ستيرنز Bear Stearns وهو أول بنك «أكبر من أن يفشل». كان بنكاً استثماريًا صغيرًا ولكنه معروف جيدًا وقد استثمر بكثافة في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. وعندما انهار سوق الأوراق المالية للرهن العقاري، أقرض بنك الاحتياطي الفيدرالي 30 مليار دولار لشركة جيبي مورغان لشرائه، لتخفيف المخاوف من تدمير الثقة في البنوك الأخرى. السؤال الذي يطرح كيف تصبح الشركات «أكبر من أن تفشل»؟ التجارب العالمية تفيد أن ذلك يحصل اذا نجحت تلك الشركات في الاستحواذ على حصة كبيرة في السوق المحلي بداية ثم توسعت على مستوى عالمي لتصل الى مرحلة أن تكون أكبر من أن تفشل. وقد يحصل ذلك من خلال الدمج والاستحواذ بين شركتين او اكثر في قطاع معين أو أكثر. وأهم ما يوصل مثل تلك الشركات الى هذا المستوى هو العمل المؤسسي والحاكمية الرشيدة. بالمقابل، تولد هذه الشركات خطرًا أخلاقيًا شديدًا، إذا اعتقد الدائنون أنه لن يُسمح لمؤسسة ما بالفشل، فلن يطالبوا بضمانات على القروض التي يمنحونها لتلك الشركات للتعويض عن المخاطر بقدر ما كانوا سيفعلون بخلاف ذلك، مما يضعف انضباط السوق؛ ولن يستثمروا أكبر عدد ممكن من الموارد في مراقبة مخاطر الشركة. ونتيجة لذلك، تميل الشركات الكبيرة جدًا إلى المخاطرة أكثر مما هو مرغوب فيه، في توقع أنها ستتلقى المساعدة إذا ساءت رهوناتها. كما إنه يخلق ساحة لعب غير متكافئة بين الشركات الكبيرة والصغيرة، مما يضر بالكفاءة الاقتصادية وكذلك الاستقرار المالي. في الاردن، لدينا عدد قليل جداً من الشركات التي قد ينطبق عليها هذا المصطلح، ولو بشكل نسبي، ويرى البعض في أنه يجب أن لا يسمح لها بالخروج من السوق أو أن تفشل أو تصفى بسهولة أو أن تعلن اعسارها، ولكن هذا يتطلب دعماً كبيراً من الخزينة وهي في ظرف لا يمكنها القيام به. والسؤال الذي نترك اجابته للقراء هو هل نحتاج للمزيد من هذه الشركات أم أن وجودها فيه مخاطر كبيرة على الاقتصاد والاستقرار الكلي؟!اضافة اعلان