"أموال الضمان ليست في خطر".. رسائل طمأنة يغلفها القلق

مدير عام المؤسسة العامة للضمان حازم الرحاحلة (يمين) يتحدث في مؤسسة عبد الحميد شومان أمس - (من المصدر)
مدير عام المؤسسة العامة للضمان حازم الرحاحلة (يمين) يتحدث في مؤسسة عبد الحميد شومان أمس - (من المصدر)

رانيا الصرايرة

عمان - رسائل طمأنة يغلفها القلق، حاول مدير مؤسسة الضمان الاجتماعي حازم الرحاحلة بثها، مؤكدا فيها أن "اموال الضمان ليست في خطر" حاليا، لكن "يجب اتخاذ تدابير لإضفاء الاستدامة على استقرار وضع الضمان".اضافة اعلان
رحاحلة الذي شارك في جلسة حوارية، عقدها منتدى عبد الحميد شومان بعنوان "هل اموال الضمان في خطر؟"، وجه رسائله المطمئنة حول وضع المؤسسة المالي، وهو ما اكدت عليه ايضا أخصائية الحماية الاجتماعية في البنك الدولي مونتسيرات بالاريس ميراليس؛ معدة دراسة نشرها البنك قبل شهرين.
لكن ميراليس، أكدت أن ايرادات المؤسسة "لن تكون كافية لتغطية النفقات بعد حوالي 10 أعوام فقط، ومن الممكن استنفاد احتياطيات المؤسسة في وقت أقرب مما هو متوقع، ما لم يجر وضع تدابير إصلاحية سريعة".
ميراليس استهلت حديثها امس في المنتدى، بالتأكيد على ان وضع المؤسسة آمن حاليا وليس في خطر، لكنها أوصت باتخاذ عدة اجراءات ليبقى آمنا.
غالبية الرسائل التي بثها الرحاحلة اول من أمس، جاءت بعد تأكيده استقرار المؤسسة المالي، مع تشديده على ان العبء الاكبر الذي يواجه المؤسسة، يكمن في رواتب المتقاعدين مبكرا.
وبين أن نسبة كبيرة من المتقاعدين يحصلون على رواتب تقاعدية، تتجاوز ما دفعوه من اشتراكات للضمان، حتى مع إضافة العائد الاستثماري، "وفي المحصلة، يتحمل الجيل القادم، قيمة الدعم المقدم لمتقاعدي الجيل الحالي".
كما أنه ركز على اهمية التفكير بتعديل المواد القانونية المحفزة للتقاعد المبكر، لأن العائد المالي الذي يحصل عليه المتقاعد مبكرا، أعلى بكثير من عائد تقاعد الشيخوخة.
وأبدى الرحاحلة ارتياحه لموجودات المؤسسة، إذ ستصل إلى أكثر من 15 مليار دينار لعام 2025 و30 مليارا لعام 2030، وإن تركيز المؤسسة الحالي ينصب على استدامة الضمان وتطوير فاعليته لتستفيد منه الأجيال اللاحقة.
ولفت الى أن الأردن، يشهد انخفاضا في معدلات الخصوبة، وتراجعا في معدلات الوفيات، وبالتالي سينعكس ذلك على الحالة الديموغرافية، بازدياد أعداد الكبار مقارنة بالشباب، فالثغرة الموجودة حاليا في الحالة الأردنية، تتبلور بضعف وتدني المشاركة الاقتصادية، وأنه جراء ارتفاع أعداد العاملين في قطاعات العمل غير الرسمية، وبسبب ارتفاع النسب، عدل الضمان القوانين لتشجيع العاملين في الأعمال الحرة على الاشتراك فيه.
وقال الرحاحلة إن الأردن، الدولة الوحيدة في المنطقة التي تعطي حقوقا تأمينية لغير الأردنيين، مشددا على حماية التنافسية في سوق العمل، فالعديد من أصحاب الاستثمارات يفضلون تشغيل العامل الأجنبي لانخفاض كلف تشغيله، ونسبة كبيرة من العاملين الأجانب غير مشمولين بنظام الضمان، ما يؤدي لرفع نسب البطالة بين الأردنيين جراء الفوارق التنافسية، لذا سيبدأ الضمان بخطة منهجية لإشراك العمالة الوافدة فيه.
كما كشف عن خطة للضمان، بالتعاون مع وزارتي الصحة والمالية، لاستحداث نظام تأمين صحي، يشمل كل عامل ومتقاعد واسرهم في المملكة، وسينفذ العام الحالي.
وعن ارتفاع نسب العاملين غير المشتركين بخدمات الضمان، وتصل نسبتهم إلى 35 % في سوق العمل بحسبه، شدد على ضرورة وجود آلية واضحة، لتوسيع قاعدة المشتركين في الضمان، وتغيير وتطوير النمط التقليدي المعتمد بصورة أساسية على الجولات التفتيشية لمفتشي الضمان، لشمول الموظفين بأنظمة الحماية الاجتماعية، معتبرا أن هذه الطرق التقليدية لا تناسب مؤسسة بحجم "الضمان".
مدير بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة، بين ان المشكلة تكمن في أن النظام المعتمد لا تتوافر فيه شروط الضمان الشامل لمختلف الفئات، بل هو عبارة عن نظام تأمينات اجتماعية، يقتصر على تغطية الفئات الفعالة اقتصاديا دون غيرها، ويعتمد في تمويل صناديقه على اشتراكات المشمولين به، ويسمى بالاحتياطي التراكمي الذي يتطلب توفير استقلال إدارته، وبيئة مستقرة لاستثمار الاحتياطات المتراكمة، وضمان حقوق العمال المستقبلية.
وأوضح أبو نجمة، ان التوجه العالمي الحالي، يتجه للتمويل قصير المدى، ولا يعتمد على الاشتراكات أو على تغطية فئات محدودة، بل يشمل المواطنين منذ لحظة الولادة حتى الوفاة، ويمول من الضرائب، كضريبة القيمة المضافة التي وجدت أصلا لتمويل نظم الحماية الاجتماعية وليس لتمويل ميزانية الدولة، وبذلك تتوافر الموارد الكافية لها، بتقدير الإيرادات الضريبة اللازم تحصيلها، بما يغطي النفقات سنويا، دون الحاجة لاحتياطات أو استثمارات.
وأضاف أن الضمان "بحاجة لنظرة شاملة، تستهدف الوصول لنظام تمويل قصير المدى بدلا من نظام الاحتياطي التراكمي المعتمد حاليا، فهناك فرق كبير بين التأمينات الاجتماعية والضمان".
ورأى ان التأمينات الاجتماعية، تشمل العاملين لدى الآخرين، عبر اشتراكات يؤديها طرفا العمل، أما الضمان، فخليط من أنظمة تأمين العاملين والمساعدات الاجتماعية للفئات الأخرى المحتاجة: الخدمات الصحية، الخدمات الإجتماعية، أمن الدخل.
ودعا أبو نجمة لإيجاد "شفافية مطلقة" في التعامل مع أنظمة الضمان (التأمينات الاجتماعية)، وتغيير منهجية إدارتها وشؤون استثمار أموالها، ووضع قواعد لوقف التدخل فيها من أي جهة خارج إطار أطرافها من مشتركين ومستفيدين، والوقف الفوري لمنهجية التعامل مع أموال الضمان، وكأنها ملاذ للحكومات كي تخرج من مآزقها المالية.