أم وليد.. عائلتها تعيش في قاع الفقر

أم وليد تتحدث عن معاناتها لـ"الغد" - (تصوير: ساهر قدارة)
أم وليد تتحدث عن معاناتها لـ"الغد" - (تصوير: ساهر قدارة)

حنان الكسواني

عمان- بين منطقة وادي السير في عمان وجمهورية غانا الإفريقية، رحلة معاناة خاضتها أرملة أردنية، تبحث عن مأوى لها وجنسية لأولادها، حتى تحولت رحلتها الى كابوس.

اضافة اعلان


قبل 22 عاما تزوجت الاربعينية ام وليد (اسم مستعار) من انسان غاني جاء الى الأردن باحثا عن عمل، ويؤسس بيت الزوجية في بلد أمنت له وظيفة في محل حلويات في بيادر وادي السير.


توفي الزوج الغاني لإصابته بجدري الماء المعدي، تاركا وراءه 8 أفراد بلا ضمان اجتماعي أو راتب شهري، او حتى بيت صغير، يلملم تحت سقفه أطفاله الصغار، بل ورّث لهم الخوف من مستقبل مجهول، لتكتشف الأرملة، أن صاحب عمل زوجها، لم يسجل زوجها في الضمان، بل ورفض منحها مكافأة نهاية خدمة زوجها، أو أيا من مستحقاته المالية من رواتبه المتراكمة، وفق ما أفصحت به لـ"الغد".


دخلت الأرملة في دوامة فقر وبؤس، باحثة عما يسد جوع أطفالها، لكن كل الأبواب أوصدت في وجهها، إلى أن قدم لها أهل خير ما يمكنها من شراء تذاكر، تساعدها على الانتقال للعيش في بلد زوجها الغاني، والذي يصنف كواحد من أشد بلدان العالم فقرا.


هربت أم وليد من وحل الفقر في وطنها، لتقع في بئر فقر مدقع في غانا ولتعيش هي وأطفالها مع أهل زوجها نحو عامين في بلد إفريقي صحراوي، تفتقر الحياة فيه لأبسط المقومات. سكنت في منزل من القش والطين، تتقاسم الخبز الجاف مع الحيوانات، تتمنى الحصول على مياه صالحة للاستخدام لتغتسل هي وأطفالها.


عادت أم وليد للأردن، تحمل في حقيبتها أحزانها وآلامها وأمراضا نفسية وجلدية، وأدخلتها صدمة رحلتها القاسية للمركز الوطني للصحة النفسية في مدينة الفحيص، لتتولى رعاية أطفالها إدارة حماية الأسرة، وتوزعهم على مراكز الايتام.


تعافت الأرملة، وعادت لاحتضان أولادها، فصرف لها صندوق المعونة الوطنية مبلغ 45 دينارا كونها مواطنة اردنية، بينما تكفل أهل الخير بجزء من إيجارها الشهري في منزل جدرانه متشققة في وادي السير، وأدخل أولادها لمدارس حكومية، لكن انتظامهم في الدراسة، يعتمد على أوضاعهم الصحية ومصروفهم الشحيح.


لكل طفل من أطفالها مع المرض حكاية، محمد (15 عاما) وعبدالله (14 عاما) بلا أرقام وطنية "يعانيان من شحنات عصبية متكررة وشحنات كهربائية زائدة، إذ يحتاجان لأدوية باستمرار"، وفق تقارير طبية صادرة عن اختصاصي امراض دماغ واعصاب، وتصل كلفة علبة الدواء لهما إلى 32 دينارا.


أما ابنتها البكر (21 عاما) فتعثرت في تعليمها بسبب مرضها النفسي والجسدي، بعد اصابتها بـالتهاب وتري في حوضها، وهي تحتاج لإبر بلازما باستمرار تصل قيمتها الشهرية الى 150 دينارا، وفق تقرير طبي لاختصاصي عظام ومفاصل.


اما ابنتها ذات الـ12 عاما، فبالكاد تتمكن من النطق، و"لا تريد الذهاب الى المدرسة، بعد أن ذاقت طعم التنمر، بسبب لون بشرتها.


التعثر القهر والعوز والجوع والضنك والمشقة والعناء والضيق والشقاء.. كل هذا بما يحمله من ألم وبؤس، تنام وتصحو عليه هذه الأسرة، حتى عجزت أم وليد عن التعبير عن تفاصيل معاناتها، وانزوت في الصمت، فعفتها وخجلها يكبلانها عن طلب المال لإطعام أطفالها في شهر رمضان، وترفض ان تهرول لأي جمعية كي تحصل على طرد غذائي او كسوة عيد لأيتامها، بينما صاحب عمل زوجها ما يزال مصرا على حرمان هذه الأسرة من حقوق أبيهم العمالية.

إقرأ المزيد :