أنقرة تبحث عن أدوار في اليمن

Untitled-1
Untitled-1

تقرير خاص - (أحوال تركية) 21/11/2020

عدن - نقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن مصادر سياسية يمنية قولها إن وزارة الخارجية التركية شرعت في فتح قنوات تواصل مع مختلف المكونات السياسية في اليمن، وعلى رأسها حزب المؤتمر الشعبي العام، وتقوم بتنظيم لقاءات وورش عمل افتراضية عبر الإنترنت، في تأكيد دخول اهتمام أنقرة بالشأن اليمني طوراً جديداً، وإعادة تموضعها بانتظار نضج الظروف المواتية التي تسمح بالتدخل المباشر عبر بوابة الإخوان وتيار قطر في "الشرعية".اضافة اعلان
الجديد في النشاط التركي في الأزمة اليمنية، كما لفتت المصادر، هو سعي أنقرة للانفتاح على مختلف القوى والمكونات السياسية في البلد، بعد أن كان التواصل مقتصراً على حزب الإصلاح الإخواني، الذي يوجد رئيسه محمد اليدومي في مدينة إسطنبول منذ ما يقارب الشهرين تقريباً، وفقاً للمصادر.
وشملت الاتصالات التركية بالقوى اليمنية قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام والحراك الجنوبي، ومكونات أخرى فاعلة في المشهد تصنف عادة بأنها معادية لجماعة الإخوان المسلمين والمحور القطري التركي.
واعتبرت المصادر أن تزايد النشاط التركي في اليمن بشكل لافت، مؤشر إلى رغبة أنقرة في لعب دور مقبل في الملف اليمني، يتجاوز دورها التقليدي الذي انحصر طوال الأعوام الماضية في تقديم الدعم الإعلامي واللوجستي لجماعة الإخوان المسلمين والتحرك الاستخباراتي خلف واجهات العمل الإنساني والإغاثي.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة وجود ترابط وثيق بين فشل تنفيذ اتفاق الرياض بعد أكثر من عام على توقيعه، والتزايد المطّرد في هجوم بعض المسؤولين في "الشرعية" على التحالف العربي ودوره في اليمن، والنشاط التركي الذي بات يتجاوز شكله الاستخباراتي والإعلامي.
وحذرت المصادر من اعتزام جهات في الحكومة اليمنية توفير الأسباب الكافية لجر تركيا إلى الملف اليمني، من خلال اتباع سياسة أكثر عداء للتحالف العربي ودوره في اليمن، بالتوازي مع تهيئة بعض المناطق الخاضعة لسلطة هذا التيار للتدخل التركي.
وهذا ما هو واضح في محافظة شبوة التي تتعرض فيها معسكرات التحالف للحصار والاعتداء، في الوقت الذي ينشط فيه ضباط الاستخبارات الأتراك تحت غطاء المنظمات الإنسانية وتسير السلطة المحلية المسيطرة على المحافظة باتجاه الاستحواذ على ملفات سيادية من اختصاص الدولة المركزية والحكومة، مثل إنشاء الموانئ التي تعزز بعض الفرضيات من تحضيرها كمنصات للتدخل العسكري التركي في اليمن وإيصال الأسلحة إلى الميليشيات المدعومة من قطر.
وفي هذا السياق، علق الصحفي اليمني خالد سلمان على لقاء جمع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي بالسفير أحمد فاروق في القاهرة، قائلاً إنه تعبير عن المخاوف المصرية من تزايد النشاط التركي في جنوب اليمن، في ظل شعور القاهرة بأن "عدن هي مجال نفوذها المقبل، وقضية أمن قومي، فيما ترى أنقرة أن الجنوب خط أحمر أمام التوسع المصري، صوب تأمين باب المندب".
وأضاف سلمان: "الصراع المقبل يتلخص في محاولات إحكام الحصار على مصر ابتداء من ليبيا، مروراً بإثيوبيا وانتهاء بعدن، والعمل المضاد لتكسير مخطط الحصار التركي والإفلات من مخاطره المدمرة".
وتزامن التصاعد في النشاط التركي مع اتساع دائرة المنادين بتدخل أنقرة في اليمن على غرار تدخلها في ليبيا وأذربيجان، بحسب قيادات بارزة في حزب الإصلاح، من بينها رجل الأعمال والقيادي البارز في الحزب حميد الأحمر الذي ألمح ضمناً في منشور على صفحته الرسمية في "فيسبوك" إلى ضرورة بحث اليمنيين عما أسماه "حليف صادق ومقتدر".
ويعتبر مراقبون يمنيون أن حجم وثقل القيادات الإخوانية اليمنية، التي باتت تجاهر بعدائها للتحالف العربي وتطالب بتدخل تركي في اليمن، على صلة وثيقة بالتحولات الدولية والإقليمية المرتقبة في الملف اليمني، ونزوح قيادات الصف الأول لإخوان اليمن إلى تركيا استباقاً لتلك التحولات التي قد تنتج واقعاً جديداً في المشهد اليمني وتحولاً في الاصطفافات الداخلية والإقليمية.
وتترافق التصريحات المعادية للتحالف العربي مع محاولات متزايدة لإفشال اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي وتعثر الإعلان عن الحكومة الجديدة المنبثقة عن الاتفاق برئاسة معين عبدالملك، في ظل أنباء عن تجدد الاشتباكات في مناطق المواجهات في محافظة أبين (شرق عدن) وانهيار جهود التهدئة التي قام بها التحالف بقيادة السعودية.
وتؤكد مصادر يمنية مطلعة أن التأخر في الإعلان عن الحكومة اليمنية الذي كان وشيكاً، جاء نتيجة لرفض قوى فاعلة في "الشرعية" تنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض قبل الشق العسكري، بعد نجاح التحالف في إقناع الطرفين الموقعين على اتفاق الرياض بصيغة توافقية تتضمن الإعلان عن الحكومة وتكليفها بالإشراف على تنفيذ البنود العسكرية والأمنية من الاتفاق، الأمر الذي يرفضه تيار فاعل ومهيمن على قرارات "الشرعية" يقوده نائب الرئيس الجنرال علي محسن الأحمر.
وتشير المصادر إلى أن هذا التيار حاول إجهاض مساعي إخراج حكومة معين عبدالملك إلى النور، من خلال الزج بأسماء عدد من أبرز وجوه التأزيم كوزراء في الحقائب السيادية، ومن ثم تسريب أنباء مضللة عن رفض التحالف العربي لهذه القوائم، وتحميله مسؤولية تأخر الإعلان عن الحكومة.
وعقد وزير الخارجية في الحكومة اليمنية محمد الحضرمي اجتماعاً، الخميس، مع سفراء الدول دائمة العضوية في الرياض، والذي شدد فيه -بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية- على أهمية "التنفيذ الكامل والمتسلسل لآلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض"، و"التقدم في الخطوات التي أُنجزت من قبل الحكومة في هذا الشأن".
وذكرت الوكالة أن الوزير الحضرمي اتهم المجلس الانتقالي باستمرار بعض العناصر التابعة له "في التصعيد العسكري والسياسي غير المبرر، لكنه لن يعيق الجهود المخلصة للتنفيذ الكامل لاتفاق الرياض وعودة الدولة إلى العاصمة المؤقتة عدن".
وشدد على "أهمية تسوية الوضع في سقطرى وإنهاء التمرد المسلح فيها وعودة الأمور إلى طبيعتها وعودة مؤسسات الدولة إلى ممارسة مهامها".
واعتبرت مصادر سياسية يمنية أن خطاب وزير الخارجية في "الشرعية" أمام سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، فضلاً عن طابعه التصعيدي، يحمل مؤشراً إلى رغبة "الشرعية" اليمنية في إخراج ملف صراعها مع المجلس الانتقالي من دائرة الوساطة التي تقودها السعودية وتدويله، في محاولة للهروب من استحقاقات اتفاق الرياض.