أهالي ضحايا تفجيرات عمان الإرهابية بين مطرقة التعويض المادي وسندان الآلام النفسية

أهالي ضحايا تفجيرات عمان الإرهابية بين مطرقة التعويض المادي وسندان الآلام النفسية
أهالي ضحايا تفجيرات عمان الإرهابية بين مطرقة التعويض المادي وسندان الآلام النفسية

   عمّان- عندما هب الاردن بكل فئاته للوقوف مع عائلات الشهداء الذين قضوا في التفجيرات الإرهابية التي طالت فنادق عمّان في التاسع من تشرين الثاني(نوفمبر) الماضي، لم يدر في خلدهم ان هناك مؤسسات لم تتفاعل مع الحدث بذريعة تطبيق القانون .

اضافة اعلان

يقول والد لانا الصياغ احدى الفتيات اللواتي ذهبن ضحية للارهاب إن "أكثر ما جرحني هو يوم ذهابي لاستخراج شهادة وفاة لابنتي بعد عطلة رسمية استمرت أربعة أيام وانشغالي بتلقي العزاء في مدينة عمان والكرك مسقط رأس ابنتي ،لأكافأ بتغريمي عشرة دنانير تأخير إصدار الشهادة ". ويضيف "آلمني كذلك عدم حضور أي من القائمين على الفندق الذي توفيت فيه ابنتي لتقديم واجب العزاء".

ويشير الى نظرات بعض ضعاف النفوس بقوله "تلاحقني نظرات عدد من الذين قست قلوبهم وألسنتهم التي تتساءل حول المبلغ الذي قبضناه نحن أسر الشهداء كتعويض عن فلذات اكبادنا، فاقول لهم: والله ان كل ما قبضته هو ما استحق لابنتي من راتب شهري من الضمان الاجتماعي يبلغ 56 دينارا.

    ويدعو مدير دائرة الاحوال المدنية مروان العمد ذوي ضحايا التفجيرات ممن دفعوا غرامات مالية لتأخرهم في أصدار شهادة الوفاة حسب قانون الاحوال المدنية الذي ينص على تغريم من يتأخر في التبليغ أكثر من أسبوع من تاريخ الوفاة، إلى استرداد الغرامات التي تم دفعها . ويقول إن الدائرة تنبهت الى هذا الامر بعد أن قام عدد محدود بدفع الغرامة. وأصدر وزير الداخلية تعليمات بأن تتحمل الوزارة دفع الغرامات . ويدعو مدير مكتب دفن الموتى في أمانة عمان الكبرى خالد الشوبكي ذوي الشهداء الذين دفعوا رسوم قبور شهدائهم الى مراجعة المكتب لإعادة الرسوم اليهم لان الامانة أصدرت تعليمات بأعفاء ذوي الشهداء من هذه الرسوم .

   ويشير إلى أن مجموع الذين دفنوا في "مقبرة سحاب" التابعة لامانة عمان الكبرى بلغ عشرين شهيدا من اصل ستين لم تستوف الرسوم الا من عشرة من ذويهم، في حين آثر ستة من ذوي الشهداء التبرع بالرسوم لغير القادرين على دفع الرسوم للمكتب. وبين انه تم دفن أربعة شهداء دون أبلاع المكتب بأنهم من بين الضحايا.

   أما والدا الشهيد عمار جودة فقالا "بفقد عمار فقدنا معيلنا بعد ان زادت اعباء الحياة الزوجية على اخوته الذين يكبرونه". وكان عمار يعمل نادلا في فندق جراند حياة عمان قبل أربعين يوما من التفجيرات التي قضى بها . والمأساة التي يوردها والداه ان عاملين اثنين من الفندق حضرا لتقديم واجب العزاء ولم يتلقيا لغاية الان أي خبر عن مصير راتبه أو ما يسمى بـ"التعويض" من اي جهة كانت أو أي مستحقات له .

   أما العريس أشرف الأخرس الذي فقد والده ووالدي زوجته  و17 شخصا من أقربائه فيقول انه دفع أجرة قبر والده مع ثلاثة اخرين من اسرته. وبعد ان دعته الجهة المختصة لمراجعتها لاستعادة المبلغ قرر التبرع به لغير القادرين على دفع الرسوم لبيت دفن الموتى.

   وباستشهاد زهدي ابو زهير فقدت أسرته المعيل الوحيد لزوجته وأطفاله الخمسة الى جانب والدته وشقيقتيه. ولم يجد هؤلاء من يقف الى جانبها . وترد شقيقته فتحية التي تقوم على خدمة زوجة شقيقها المتوفي التي اصيبت جراء التفجيرات الارهابية على الذين يتساءلون حول التعويضات التي حصلت عليها بانها لم تحصل الا على راتب تقاعدي من الضمان الاجتماعي .

   ويعتصر الالم قلب ايناس شقيقة المصاب طارق القدسي الموظف في فندق جراند حياة عمان وهي تقول "خرج اخي من المستشفى ولم نتحمل تكاليف علاجه"، موضحة انه يتلقى العلاج حاليا على حساب والديه في الخارج جراء اصابته بحروق في وجهه ويديه وفقد بصره في أحدى عينيه بعد أن استقرت شظية فيها . وتوضح ايناس ان شقيقها لا يدري مصيره بالنسبة لعمله في الفندق وكيف سيتم التعامل مع وضعه الجديد .

   أما الدكتور سامر عبد الحكيم والد الطفلة تولين الذي فقد زوجته وخالته وزوجها الذين تركا وراءهما أطفالا من دون معيل فيقول أن محل زوج خالته "حماه " أغلق لتبقى العائلة من دون مصدر رزق لعدم شموله بالضمان الاجتماعي .

   أما محمد شقيق الموظف الوحيد الذي استشهد في فندق الراديسون ساس يوسف الحميصي فيقول أن زملاء شقيقه في الفندق قاموا بجمع مبلغ قدموه كمساعدة لعائلته . وبالنسبة لمستحقات اخيه من الضمان الاجتماعي يقول "ما زلنا ننتظر .. لم يصرف لنا لغاية الان حتى نفقات الجنازة التي نص عليها قانون الضمان الاجتماعي" .

    وأفاد مساعد الوكيل للشؤون الادارية في أمانة عمان الكبرى المهندس زياد الريحاني بأن الامانة بصدد إعداد "خطة مبدئية" لتنفيذ قرار مجلس الامانة المتضمن تقديم تبرعات لاسر الشهداء. وكان مستشفى الشميساني اعلن نيته عدم استيفاء رسوم علاج مصابي وجرحى التفجيرات الارهابية إلى أن صدرت تعليمات عن رئاسة الوزراء تتضمن تحمل الحكومة سائر نفقات العلاج، إذ قام المستشفى بإرسال مطالبة بجميع النفقات لوزارة الصحة كما افاد المدير المالي في المستشفى بشير عابدين . 

   ويبين المستشار الاعلامي للبنك الاهلي الاردني ناهض حتر أن البنك تبرع لاسر الضحايا بمبلغ خمسين ألف دينار تم وضعها في حساب خاص. والبنك بصدد وضع أسس وآلية مع وزارة التنمية الاجتماعية لتوزيع المبلغ على الاسر المحتاجة التي فقدت معيلها.

   ولفت رئيس جمعية الفنادق الاردنية ميشيل نزال إلى أنه يصعب تحديد الجهة المسؤولة عما حدث في فنادق عمان من تفجيرات ليتم الزامها بدفع التعويضات لنزلاء الفنادق . أما بالنسبة لموظفي الفنادق فانه ينطبق عليهم قانون الضمان الاجتماعي والعمل والعمال وفق ما نصت عليه العقود المبرمة مع شركات التأمين.

   وأكد مدير العلاقات العامة في فندق الراديسون ساس بسام البنا بأنه جرى تسوية الحقوق المالية للموظف يوسف الحميصي. وبيّن أن الفندق أعاد للعروسين أشرف ونادية  كامل المبلغ المتعلق بتكاليف العرس.

   وقالت مسؤولة الإعلام في فندق حياة عمان لبنى علي إن أدارة الفندق الممثلة برئيس شركة حياة العالمية "بيرند كورينجل" الذي قام بزيارة عاجلة للأردن لاسر ضحايا الموظفين الذين قضوا في التفجيرات الارهابية وللموظفين المصابين في المستشفيات لن تألو جهدا في تقديم الدعم "السيكولوجي" لهم . وتوضح أن أولويات شركة حياة تعنى بالناحية المادية لموظفيها وأنهم بأنتظار القرار من مركز الشركة الرئيسي لصرفها لاسر الضحايا .