أهال يتدرجون بتغيير النظام اليومي للأبناء استعدادا للمدارس

تغريد السعايدة

عمان- أسابيع قليلة وتنتهي العطلة الصيفية التي استمتع بها الأبناء مع أهاليهم، والتي تزامن فيها شهر رمضان وعيد الفطر السعيد.اضافة اعلان
وفي هذه الأيام، يبحث الأهل عن الطرق الصحية لإعادة النشاط البدني والذهني للأطفال والعودة إلى ساعات النوم الطبيعية، استعداداً لعودة المدراس والتي ستكون نهاية الشهر المقبل.
ومن أجل ذلك، تحاول ناديا عطوان وهي أم لثلاثة أطفال على مقاعد الدراسة، ومنذ انتهاء عطلة العيد، جاهده تعويدهم على برنامج يومي جديد، يساعدهم على التأقلم على النظام المدرسي، أي أن يستيقظوا مبكراً مع النوم لساعات كافية في الليل.
لكن محاولات ناديا لم تنجح، كما تقول، فهي حتى الآن لم تستطع أن تساعدهم على الاستعداد الكافي للمدرسة، موضحة “لا يستجيبون لنصائحي ولا يستقبلون أي حديث عن المدرسة، بحجة أن الدراسة ستبدأ بعد ما يقارب الشهر، فهم ما يزالون يسهرون حتى وقت متأخر يصل إلى ساعات الفجر، ويستيقظون عصراً”.
ومن الطرق التي اتبعتها سمر أحمد مع ابنتيها للتخلص من نظامهما اليومي الممل والذي يحمل معاني التراخي والكسل، أنها أصبحت تستيقظ مبكراً وتجهز الإفطار وتحثهما على الاستيقاظ لتناول الإفطار الصباحي بمعيتها، علها تسهم في إعادتهما إلى النشاط اليومي الذي كانتا تتمتعان به قُبيل شهر رمضان.
وتبين سمر أن ابنتها الكبرى وهي في الصف الثامن، أصبحت بالفعل تستيقظ وتساعدها في تجهيز وجبة الإفطار، كما أنها تقوم بتشغيل التلفاز بصوت مرتفع، ليبث النشاط والحركة في البيت، علها بذلك تساعد أطفالها بالنهوض من الفراش.
وتتفق سمر مع الكثير من الأمهات بأن النظام الحياتي الذي اتبعه الأطفال وأهاليهم على حد سواء، هو السبب في جعل الأبناء يغيرون نظام حياتهم كذلك، مثل ساعات النوم والكسل وعدم القيام بالأنشطة بحجة الصيام والتعب، بالإضافة إلى أن الكثير من النوادي الصيفية توقفت عن العمل خلال شهر رمضان، ما أدى بالأهالي إلى الاستسلام للأمر الواقع وقبول النظام الذي يضعه الأبناء لأنفسهم.
وتعد العطلة الصيفية من الأوقات الطويلة التي يجد فيها الأطفال وأهاليهم الفرصة للترفيه و”كسر الروتين” خلال العام؛ إذ بدأت العطلة منذ بداية شهر حزيران (يونيو) الماضي وتستمر لغاية نهاية شهر آب (أغسطس) المقبل، وكان لتزامن شهر رمضان والعيد مع العطلة الصيفية سبب كبير في أن يترك الأهل الأبناء بدون قيود وتنظيم، كونهم يصومون خلال النهار، ما يجعلهم ينامون خلال ساعات النهار، للتخفيف من حدة الصوم عليهم.
وفي السياق ذاته، تؤكد الأخصائية في الإرشاد التربوي والأسري سناء أبو ليل أن النظام الذي يتبعه الأبناء خلال شهر رمضان يعود تطبيقه إلى الأهل، والأسلوب الذي يتبعونه مع أبنائهم، لذلك يجب أن يكون هناك إرشاد وتوعية للأهل حول الكيفية التي سيعملون عليها خلال هذه الفترة من أجل شحذ الهمم وإعادة تنشيط الأبناء لاستقبال المدارس.
وتوضح ابو ليل قائله أن التخطيط هو أساس كل عمل يقوم به الأهل، وعليه، يجب أن تقوم الأم بشكل خاص بالتخطيط للأعمال التي يمكن أن يقوم بها الأبناء خلال الشهر المتبقي من العطلة الصيفية، والذي يسهم في تنشيط وتقوية الأبناء لاستقبال العام الدراسي المقبل، بكل نشاط وحيوية.
وتضيف أبو ليل أن على الأهل أن يبدأوا بإشغال أبنائهم بالكثير من الأمور، وأن يوفروا لهم البدائل التي تناسبهم ولا يلزمونهم بأمور معينة، بل يجب أن توفر الأم أكثر من طريقة لإشغال وترفيه الابن في الوقت ذاته، وأن تراعي اهتمام كل واحد منهم، حتى وإن كان ذلك من خلال أنشطة بيتية بدون أي تكليف أو إضافة أعباء على كاهل الأسرة.
وتعتقد أبو ليل أن الأهل في رمضان كانوا يلزمون أبناءهم بالتوقف عن أي نشاط بدني من باب “الرحمة والشفقة بهم”، كونهم صائمين ولتشجيعهم على إتمام الصيام، إلا أن ذلك يجب أن يتغير في الوقت الحالي، ويكون هناك خطة مدروسة ومناسبة لهم، وأن تكون بعيدة عن الأنشطة الشبيهة برمضان مثل الجلوس في البيت ومتابعة الإنترنت، بل يجب أن يكون هناك برنامج حافل بالأنشطة الخارجية مثل اللعب كالرياضة والتثقيف وقراءة الكتب، وكذلك عمل مراجعات دراسية قُبيل بداية العام الدراسي.
وعلى العكس من ذلك، تعتقد أم رمزي، أنها ستبقي الحال في البيت “على ما هو عليه”، على حد تعبيرها، وتبرر ذلك بأن الأطفال بعد شهر تقريباً سيضطرون إلى النهوض مبكراً من النوم والتوجه للمدرسة ومتابعة الدراسة، لذلك تحاول استغلال هذا الشهر ليكون فترة راحة جسدية لهم بدون أن يذبلوا أي مجهود، وبخاصة أن الأجواء الحارة تؤثر على المملكة.
وقررت أم رمزي أن يكون التغيير في الييت من خلال تقليص عدد ساعات النوم، أو أن يكون النوم ليلاً والاستيقاظ نهاراً، على العكس من رمضان؛ إذ إن أبناءها كانوا يستيقظون طوال الليل وينامون معظم ساعات النهار، ما سبب لها الآن إرباكا، من حيث توقيت الطعام والزيارات وغيرها.
وتشدد أبو ليل على ضرورة أن تراعي الأم طبيعة أبنائها من حيث ساعات النوم وتوقيتها، لذلك يجب أن تكون العودة للنظام الطبيعي تدريجياً وليس دفعة واحدة، بمعنى أن يناموا في أول مرة قبل ساعة من المعتاد ثم في اليوم التالي بساعتين، وهكذا حتى يعودوا إلى الوضع الطبيعي، مؤكدة أنه من الصعوبة بمكان أن يكونوا قادرين على تغيير نظام النوم دفعة واحدة، وبخاصة أنهم اعتادوا عليه طيلة شهر رمضان.
وتعتقد أبو ليل أن إشغال الأم لأبنائها بالأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية وغيرها، خلال ساعات النهار، يسهم بشكل كبير في تغيير نمط نومهم، بحيث يشعرون بالنعاس والتعب خلال الليل، وما يجعلهم ينامون مبكراً، والاستيقاظ مبكراً في اليوم التالي.
كما أن للجلسات الأسرية دورا كبيرا في تغيير نظام الحياة، كما ترى أبو ليل، وذلك من خلال الجلسات الحوارية العائلية التي يتشارك فيها الأبناء مع ذويهم، وتستطيع الأم من خلالها أن تبين لأبنائها بأن النهار هو وقت الإنجاز والعمل والتعلم، والاطلاع على العيوب والأخطاء التي يتبعها البناء ومحاولة تعديلها تلك السلوكيات من خلال التشاور والحديث الأسري الودي في الوقت ذاته.