أهمية المصرفية الإيجابية للاقتصاد الوطني

لم يتوقف البحث عن الحلول التمويلية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية مع التطور السريع والقبول الواسع محليا ودوليا للمنتجات المالية الإسلامية، ومن خلال خدماتها المعروفة مثل المرابحة، والمضاربة، والمشاركة وعقد الاستصناع، وعقد السلم والإجارة المنتهية بالتملك، والإجارة الموصوفة بالذمة، من هذه الحلول ظهر مصطلح ما يسمى "بالمصرفية الأيجابية"، وهذا منسجم تماما مع الدعوات من العديد من الباحثين والمهتمين بالصناعة المصرفية الإسلامية بالتوجه الى الابتكار وتطوير الأفكار والفلسفة القائمة عليها الصناعة المصرفية الإسلامية، حتى لا تشهد حالة من الجمود وعدم القدرة على التقدم وتحقيق التنافسية مع المؤسسات المالية غير الإسلامية، لهذا فإن فكرة المصرفية الإيجابية تقترن مع الإبداع والمقصود بالإبداع هنا وكما عرفته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD، "بأنه مجموع الخطوات العلمية والتقنية والتجارية والمالية اللازمة لنجاح وتطوير وتسويق منتجات صناعية جديدة أو محسنة والاستخدام التجاري لأساليب وعمليات أو معدات جديدة أو محسنة أو إدخال طريقة جديدة في الخدمة الاجتماعية" وهذا منسجم تماما مع ما نصبو اليه من تطوير اداء المصرفية الإسلامية بادخال وسائل تمويلية مبتكرة تحقق حلولا تمويلية لعملائها، تنسجم مع أحكام الشرعية الإسلامية.اضافة اعلان
قد تكون فكرة المصرفية الإيجابية مناسبة لتحفيز كافة القطاعات الاقتصادية وتحسين ادائها وهي مناسبة للتطبيق خاصة في اقتصاديات الدول النامية أو التي هي في طور النمو المعتمدة على المشروعات الصغيرة أو المتوسطة والتي يصعب عليها احيانا الحصول على التمويل اللازم من المؤسسات المالية والبنوك.
إذا ما هي المصرفية الإيجابية ؟، هي تمويل مصرفي تقوم بموجبه المنشأة الإنتاجية بغض النظرعن طبيعة نشاطها شريطة ان لا يكون نشاط يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وذلك بوضع وديعة دائمة في الحساب الجاري، يحدد حجمها المصرف تكون بمثابة الضمان حتى يُتاح لعملاء المنشأة الحصول على تمويل لشراء منتجات هذه المنشأة وبدون فوائد ويقتصر هذا التمويل فقط لشراء منتجاتها، ففي هذه الحالة فان العائد المادي سيتحقق لجميع الأطراف، فالمنشأة ستكون لها فرصة مناسبة لزيادة مبيعاتها والبنك يحصل على العائد من قيمة التمويل الممنوح إضافة إلى المكاسب المادية التي يحققها من الوديعة الضمان لدية، ثم حصول العميل على السلعة التي يبحث عنها.
ما يميز المصرفية الإيجابية هو ان مخاطرها قليلة وذلك من خلال تقاسم المنشأة صاحبة الوديعة مع البنك مخاطر عملائهم المقترضين ويمكننا القول بانها أقل من المصرفية التقليدية، أي المخاطرة، وان العائد الذي يحصل علية البنك يأتي من صاحب الوديعة، وهو هنا المنشأة الإنتاجية، كما انها تساهم في زيادة النشاط الاقتصادي من خلال تلبية الطلب على التمويل وتوظيف السيولة لدى المصرف وتحد من هجرتها للخارج بحثا عن فرص استثمار لها خارج اقتصاداتها الوطنية.
وهنا لا بد من التنويه بأن المصرفية الإيجابية كمبتكر مالي جديد لا يتعارض مع احكام الشريعة الإسلامية وفلسفتها المالية، لا بل هو منتج مالي إسلامي مبتكر مبني على أساس المشاركة بين المودع والمصرف في تحمل المخاطرة، وهو نابع من فرضية تعامل المصارف الإسلامية مع أصول حقيقية في اقتصاد حقيقي
نتمنى من مصارفنا الإسلامية بذل المزيد من الجهد لمواصلة الابتكار لمنتجات مالية وتطوير الموجود منها كي تلبي حاجة عملائها التمويلية، والتوجه لدعم البحث العلمي في هذا المجال ليستمر تطور واداء الصناعة المصرفية الإسلامية، وتحقيق المزيد من المكاسب في الأسواق المالية العالمية.