أوهام صفقة القرن

محمد الشواهين

عندما خرج الرئيس دونالد ترامب بمقترح اسماه صفقة القرن، في الواقع هو ليس بمقترح، بل هو فرض على دول المنطقة، شاءت ام ابت، في ظل ادارة اميركية رعناء، منحازة بشكل سافر الى طرف دون طرف، بل منحازة الى جانب الجلاد، دون ادنى اعتبار للضحية.اضافة اعلان
ترامب يدعي ان هذا هو الحل المناسب ولا حلّ سواه، اما المراقبون فيعتبرونه تصفية ظالمة للقضية الفلسطينية، ولا يصب الا في مصلحة اسرائيل وحدها، لدرجة ان ترامب بات في نظر المجتمع الدولي اسرائيليا اكثر من الاسرائيليين انفسهم، وبالعودة الى سنوات مضت، قبل وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، فقد عُرض على الفلسطينيين في كامب ديفيد، في عهد الرئيس كلينتون، ما هو افضل بكثير من صفقة القرن، على الاقل قبل رئيس وزراء اسرائيل الأسبق ايهود باراك، بمقترح كلينتون الذي يقضي ان الاحياء العربية في القدس هي للفلسطينيين، والاحياء اليهودية تتبع للكيان الصهيوني، بينما ترامب منح كل القدس عاصمة للاسرائيليين، باحيائها العربية واليهودية!
الفلسطينيون سوف يُجبرون على القبول  بكيان هزيل حتى لو اسموه دولة، غير كاملة السيادة على الجو والبحر والمياه والمعابر، والاسوأ من هذا كله غير متواصلة جغرافيا.
الاردن من جانبه لم يكن مرحبا بهذه الصفقة منذ بداياتها، في وقت يحتاج فيه إلى أصدقاء جدد وحلفاء، بالنظر إلى الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يواجه ضنكا لم تشهده البلاد منذ وقت طويل.أما الفلسطينيون فهم يعيشون وضعا أكثر سوءا، خصوصا أنهم قابعون تحت احتلال عنصري، وسوف تزداد معاناتهم، كما سوف تتأثر جهود المصالحة بين الضفة والقطاع سلبا، والأحرى لن يُسمح بالمصالحة من اصله.
ومما يجدر ذكره ان بعض التسريبات المتعلقة بمشروع الصفقة سيئة الذكر، ابقاء كل المستوطنات على الارض الفلسطينية، وعدم ازالة اي منها، في حين ان حكومات اسرائيلية سابقة، طلبت ابقاء خمس مستوطنات فقط، وليس كل هذا العدد الكبير من المستوطنات الذي يلتهم اكثر من ثلث اراضي الضفة الغربية، وضمها للسيادة الاسرائيلية.
وبالنسبة للمسجد الاقصى سوف يتم تقسيمه تقسيما مكانيا وزمانيا، كما هو واقع الحال في الحرم الابراهيمي الشريف في مدينة الخليل، ومن المحتمل جدا ان تقوم اسرائيل ببناء ما يسمونه بهيكل سليمان في باحة المسجد الاقصى.
السؤال الذي يطرح نفسه هل من الممكن تلافي هذه الصفقة بطريقة او أخرى، باعتقادي ان هذا الرئيس الأميركي الحالي، هو انسان عجيب غريب، وهو ما يزال مصمما على اتمام صفقة القرن، وان ثمة تهديدات مباشرة موجهة للرئيس الفلسطيني أبو مازن، القبول او الأفول.