إجراءات شكلية لا تحمينا!

مكرم أحمد الطراونة

حتى اليوم، يبدو أن الحكومة لا تريد الاعتراف بتقصيرها الأخير في ملف كورونا، خصوصا ما يتعلق بعودة تسجيل إصابات محلية جاءت إلينا من الإهمال والتراخي الكبير والتقصير غير المبرر في الإجراءات المتبعة على المعابر الحدودية البرية.اضافة اعلان
ورغم أنها لا تعترف بتقصيرها، إلا أنها أعلنت عن "خطوات" جديدة تريد أن تقنعنا بأنها كفيلة بحمايتنا من تسرب حالات من الخارج وتسجيل إصابات جديدة.
لكن، دعونا نسأل بصدق: هل يكفي أن يوعز رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بإجراء مناقلات بين الكوادر الإدارية والإشرافية العاملة في مركز حدود العمري، لتفادي هذا الأمر؟!.
ما أقدم عليه رئيس الوزراء يمكن أن نصنفه أنه جاء من باب ذر الرماد في العيون، واستعراض شعبوي لا يؤدي إلى أي نتيجة في ملف سيظل خطيرا إن نحن تركناه من دون أي علاج جذري.
لذلك، وبكل تأكيد، فإن هذا الإجراء لن يكون كافيا، ولا يمكن له أن يكون بديلا عن تحقيق شفاف، ومحاسبة حقيقية وصارمة في حق كل من يثبت تخاذله في القيام بواجبه.
لا يمكن لنا أن نغض الطرف عن التضحيات الكبيرة التي قدمها الأردن؛ شعبا ودولة، لكي نصل إلى حالة كبيرة من السيطرة على الوباء، فبعد أشهر من العمل والجهد والتعب، وملايين الدنانير التي أنفقت في مواجهة كورونا، والمعاناة التي عاشها المواطن؛ اجتماعيا وماليا ونفسيا منذ منتصف شهر آذار الماضي، والضرر الذي لحق في الاقتصاد الأردني جراء الإغلاق الذي فرض في حينه، كل هذا العمل والتضحيات، لا يمكن المسامحة في بعثرتها ومحاولة إعادتنا إلى نقطة الصفر، والتي كنا فرحين بأننا تجاوزناها منذ وقت طويل.
لا بد لرئيس الوزراء من الاعتراف بأنه تأخر كثيرا في الإيعاز بتشديد الإجراءات على معبر العمري، وقد تلقينا صفعة جديدة من خلال معبر جابر. ربما كان من الأجدى أن تدرك الحكومة وجميع الوزراء الذين أشبعونا شعرا وبطولات أن الإجراءات على المعابر الحدودية لم تكن موجودة أصلا حتى يتم التشديد عليها. وربما كان من الأجدى لرئيس الحكومة ووزرائه أن يقوموا بأعمالهم، بدلا من التمثيل علينا، ومحاولة إيهامنا بأنهم يصلون الليل بالنهار في العمل، بينما حدودنا مفتوحة لدخول الفيروس، كما لو أنه لا يتوفر لدى العاملين فيها أي دليل للسياسات والإجراءات يسترشدون به للقيام بعملهم!.
الحقيقة التي لا مفر من قولها، هي أن الرقابة الحكومية لم تكن موجودة، ليس فقط على هذه المعابر، بل في كل مناطق المملكة طيلة الفترة الماضية، حيث غفلت عين الحارس عن رعيته، وبتنا تحت رحمة الصدفة التي من الممكن أن تأتي إلينا بأشخاص سليمين، أو بأشخاص حاملين للمرض.
الإرباك يعود للسيطرة على الشارع الأردني من جديد، والاستحقاقات المقبلة باتت في مهب الريح، وتحميل المواطن وحده المسؤولية ما هو إلا هروب من الواقع الذي يؤكد أن الحكومة متمثلة ببعض وزرائها، وبعض المسؤولين لا يجرؤون على الاعتراف بأنهم سبب رئيس في ما وصلنا إليه من زيادة في تسجيل حالات الإصابة بفيروس كورونا في عدة محافظات. كل ما يريدونه هو شماعة يعلقون عليها فشلهم في التعامل مع هذه المعابر، رغم علمهم بأساس المشكلة في وقت مبكر، وأيضا قدرتهم على معالجتها قبل أن تتفاقم. لكنهم آثروا إمطارنا بالابتسامات على الشاشات وغابوا عن فعل أي شيء في الميدان.