إجراءات مبشرة لتنشيط الاقتصاد

خلال السنوات القليلة الماضية طورت الحكومات المتعاقبة العديد من خطط الإصلاح والتحفيز الاقتصادي للخروج من حالة الاستعصاء المركبة التي نعاني منها منذ ما يقارب عشر سنوات، وهي التي عبرت عن حالها بالتباطؤ الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة واتساع مساحة الفقر. لا يختلف الكثيرون في المملكة على تشخيص الوجع الاقتصادي الذي نعاني منه، وهذا طبيعي لأن التباطؤ الاقتصادي ظاهر للعيان وأرقامه منشورة، ومظاهر البطالة المرتفعة يعاني منها مئات آلاف الشباب والشابات ومؤشراتها معلنة، والمزيد من المواطنين والمواطنات تتراجع مستويات معيشتهم. غالبية أصحاب المصالح وخاصة الحكومة والقطاع الخاص يدركون مخاطر استمرار الأوضاع على ما هي عليه، لذلك تتكثف الأنشطة المختلفة من مؤتمرات واجتماعات و"خلوات"، والتي تستهدف جميعها تقديم توصيات وسياسات بديلة للخروج من هذا المأزق. يوم أمس الأحد أعلن رئيس الحكومة مجموعة إجراءات لتنشيط الاقتصاد الوطني وتحسين الخدمات العامة، وهي تقوم على أربعة محاور أساسية بعضها سبق للحكومة أن أعلنته في مناسبات سابقة، وبعضها جديد، وتتمثل هذه المحاور في تنشيط الاقتصاد وتحفيز الاستثمار والإصلاح الإداري والمالية العامة وتحسين المستوى المعيشي للمواطن إضافة إلى تحسين جودة الخدمات. مجمل هذه الإجراءات مهمة جدا، وسيكون لها آثار إيجابية على تحسين بيئة الأعمال، وتحسين تمتع المواطنين بحقوقهم الأساسية، وسوف تؤدي بالضرورة – في حال تم تطبيقها – إلى تنشيط الاقتصاد وتحسين حياة المواطنين، وكلنا أمل أن يتحقق ذلك. وعلى أهمية الإجراءات الحكومية المعلنة، الا أن الخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي نعاني منها بحاجة إلى إجراءات وسياسات أخرى تعمل على التخفيف من حالة الاختناق التي يعاني من الاقتصاد الوطني جراء الأعباء الضريبية العالية والناجمة بشكل أساسي عن ارتفاع معدلات الضرائب غير المباشرة المتمثلة في الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم، وهو ما غاب عن مختلف خطط التحفيز الاقتصادي الحكومية وغاب عن خطة التنشيط الاقتصادي التي أعلنتها الحكومة يوم أمس الأحد. وكنا نأمل أن تشمل خطة الحكومة إجراءات لتحفيز نمو الاقتصاد الوطني اعتمادا على تعزيز الطلب المحلي الكلي بشكل أكثر وضوحا، والذي يتطلب العمل على مسارين يتمثلان في تخفيض الضرائب غير المباشرة التي أشرنا لها أعلاه، وزيادات ملموسة على مستويات الأجور في القطاعين العام والخاص من جهة ثانية، بهدف زيادة القدرات الشرائية للمواطنين. هنالك إشارة في الخطة إلى توجه لزيادة مستويات أجور العاملين في القطاع العام، إلا أن المعلومات المتوفرة حتى الآن تشير إلى أنها ستكون متواضعة وعلى شكل حوافز. وكنا نأمل أن تتضمن خطة تنشيط الاقتصاد زيادة الحد الأدنى للأجور باعتباره أحد الأدوات الحكومية للتأثير على مستويات الأجور في القطاع الخاص، والذي يعمل فيه غالبية القوى العاملة في الأردن، وهذا الاجراء سيحقق عدة أهداف مشتركة، فمن جانب سيزيد الطلب المحلي، وسيساهم في انتشال آلاف العاملين من براثن الفقر، وسيخفف من الاحتقانات الاجتماعية التي نتلمسها يوميا على شكل احتجاجات متنوعة الأدوات. نعم للمزيد من الإجراءات الإصلاحية في مجال تحسن بيئة الأعمال، لأن ذلك سيؤدي إلى تعزيز الزخم الذي تحقق خلال عام 2019 في مؤشر "سهولة الأعمال" الذي يصدره البنك الدولي بشكل دوري.اضافة اعلان