إحباط إسرائيلي من موقف أميركا تجاه إيران

هآرتس بقلم: عاموس هرئيل 1/11/2021 من غير الواضح حتى الآن إلى أي درجة النشاطات الفعلية لإسرائيل تساعد في إبعاد إيران عن اهدافها الاستراتيجية، لكن هنا يعرفون بالتأكيد كيف يتحدثون. تقريبا لا يمر يوم بدون تصريح لشخصيات اسرائيلية رفيعة ضد النظام الايراني. المحصول اليومي تضمن أول من أمس مقابلة أجراها رئيس الحكومة نفتالي بينيت مع صحيفة "التايمز" اللندنية. وبصورة نادرة أكثر، مقابلة مع رئيس شعبة الإستراتيجية في هيئة الأركان، الجنرال طال كلمان مع صحيفة "الأيام" البحرينية. بينيت، الذي كرس معظم المقابلة لمراجعات وإشارات (مهمة) لأزمة المناخ ووباء الكورونا، كرر رسائل بالية جدا حول الموضوع الايراني. وقد وعد بأن يعمل "كل ما يجب فعله" من اجل منعها من الوصول الى السلاح النووي. كالمان اعلن بأن اسرائيل تؤمن بحل دبلوماسي للأزمة النووية، وأنه في ظل غياب هذا الحل هي ستسعى الى عملية عسكرية دولية. كالمان هو من الضباط المتزنين والاقوياء في قيادة الجيش الاسرائيلي، لكن من غير الواضح ما شأن الجنرال العسكري الذي يرتدي الزي العسكري بالاعلان عن السياسات، وايضا ما شأنه بجبهة دولية فعالة ضد ايران تبدو في هذه الأثناء حلما بعيدا. على أي حال، هذه التصريحات لم تغير الكثير، مثلما لم تغير صورة القاذفة الاميركية التي طارت في سماء الشرق الاوسط مصحوبة (بشكل منفصل) بطائرات إسرائيلية وطائرات لدول حليفة لم تدخل الخوف الى القلوب في طهران. حتى أن هذه الطلعة الجوية سبقتها محادثات مكثفة بين الأميركيين وحلفائهم الذين سعوا الى استكمال خطوة يمكن أن تردع النظام في ايران. ادارة بايدن اختارت في نهاية المطاف الاحتمالية الأضيق التي كانت أمامها. الى جانب التصريحات يبدو أن اسرائيل ايضا نشطة بشكل خاص في هذه الفترة. أول من أمس نشر عن هجوم رابع في الشهر الماضي في منطقة دمشق. وقبل ذلك كان هناك هجوم سايبر شوش بشكل كبير مدة يومين على تزويد الوقود في ايران. هذان الهجومان نسبا في وسائل الاعلام الأجنبية لإسرائيل. القصف في سورية وجه كما يبدو ضد إرسالية سلاح دقيق من إيران لحزب الله. ومن الأرجح أن اختيار القصف في النهار هو أمر نادر استهدف إحباط الإرسالية بصورة مستعجلة. هجوم السايبر يضاف الى عملية مشابهة شوشت حركة السفن في ميناء بندر عباس في شهر ايار (مايو) الماضي. ومثلما في قضية الهجمات البحرية فانه يثير التساؤلات. هل هذه العمليات توجد لها نتائج فعلية، وهل إسرائيل رغم تفوقها الواضح في مجال السايبر لا تعرض نفسها لهجمات مضادة لأنه لا يوجد أي امكانية لفرش بطانية دفاعية على كل موقع يمكن أن يثير اهتمام ايران. من المثير للاهتمام أن الهجمات في البحر تقلصت مؤخرا بعد عدة نشاطات انتقام لايران. يبدو أنه سيكون لهذه العمليات على الاكثر تأثير استراتيجي ضعيف. والمس بجودة الحياة للمواطنين في ايران لا يضعضع سيطرة النظام الذي صمد حتى تحت ضغط العقوبات التي كانت الولايات المتحدة قد فرضتها خلال سنوات كثيرة. والمعركة بين حربين في سورية تقلل من كمية السلاح المهرب لحزب الله وتمس بتمركز ايران في المنطقة، لكن ليس بأي شكل من الاشكال هي تنهي هاتين الظاهرتين. انفعال اسرائيل يعكس بشكل كبير احباطها. في القيادة الامنية اعترفوا أن تأثير اسرائيل على موقف الولايات المتحدة في المفاوضات حول الموضوع النووي هو تأثير ضعيف، وأن ادارة بايدن ستكون مسرورة بالتوقيع على اتفاق جديد يشبه سابقه، اذا وافقت ايران فقط على العودة الى المفاوضات الجدية. اسرائيل تتسبب بأضرار محلية وتنفس عن الغضب بالسايبر وفي السماء (على فرض هذه حقا هي هجمات اسرائيلية)، لكن في هذه الاثناء هي لا تؤدي الى أي تغيير استراتيجي في الواقع الاقليمي. العملية الاساسية المهمة التي تحدث في هذه الاثناء هي استمرار عملية انسحاب اميركا من وسط آسيا (الانسحاب الكامل من افغانستان) ومن الشرق الاوسط (تقليص التدخل هناك). الرئيس بايدن يواصل بذلك مقاربة سلفه، دونالد ترامب. ايران تقرأ الخريطة بشكل جيد، كما سيشهد التقارب بينها وبين الصين وجهود المصالحة التي تبذلها مع دول الخليج. اسرائيل تنجح في لدغ ايران وأحيانا إيلامها. ولكن حتى هذه الأثناء ليس اكثر من ذلك. السؤال المهم الذي سيقف امامها فيما بعد هو هل يجب عليها أن تحاول وأن تخرب المشروع النووي. مؤخرا يتم التحدث مرة أخرى عن استعدادات عسكرية لهجوم جوي على مواقع ايرانية. وفعليا، حسب التقارير المنشورة في وسائل الإعلام الأجنبية، فإن النجاحات الرئيسية التي تم تسجيلها حتى الآن كانت في هجمات سايبر على المشروع النووي أو في عمليات تخريب سرية. نظام الأسد يستقر احد المستفيدين الرئيسيين من المقاربة الاميركية الجديدة هو نظام الاسد في سورية، الذي يعيد إحكام قبضته بالتدريج على الدولة. مع دعم روسيا وايران وعدم اهتمام الولايات المتحدة فان الرئيس بشار الاسد اصبح يخاف بدرجة اقل على استقرار نظامه. التغيير يتم الشعور به أيضا في علاقة دول عربية مع النظام في المنطقة. عدد منها عاد الى عقد الصفقات معه، وبعضها يتحدث مرة اخرى بشكل علني مع رؤساء النظام في دمشق. بمساعدة روسيا يبدو أن الاسد يتغلب حتى الآن على التمرد الذي تجدد في درعا في جنوب غرب سورية. هذا امر رمزي في اساسه لأن درعا هي المدينة التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة التي تدهورت الى حرب اهلية في بداية العام 2011. في جهاز الامن يقدرون أن الاسد يسعى الى تسريع مشروع اعادة اعمار الدولة، رغم أن التغلب على أضرار الحرب يمكن أن يمتد لعشرات السنين. اسرائيل لا تقلق في هذه الاثناء من تسلح الجيش السوري باستثناء تسلحه بمنظومة مضادة للطائرات. الجيش السوري غارق في قمع التمرد وفي الحفاظ على النظام وليس بالاحتكاك المبادر اليه مع اسرائيل. استمرار الهجمات الجوية المنسوبة لإسرائيل، حتى بعد قمة بوتين – بينيت في روسيا في نهاية الشهر الماضي، تدل مرة اخرى على أن موسكو غير قلقة من الاحتكاك بين إسرائيل وإيران في سورية. وطالما أن إسرائيل لا تمس المصالح العسكرية لروسيا هناك فان بوتين يغض النظر عما يحدث.اضافة اعلان