إسرائيل تعتبر منع الحرب كارثة

هآرتس

 جدعون ليفي

لو كانت إسرائيل حكيمة وليست مغسولة الدماغ والمخاوف لكانت ستكون سعيدة هذا الأسبوع. يوم التوقيع على الاتفاق مع إيران كان يجب أن يكون يوم عيد، عيد منع الحرب القادمة، الأصعب من جميع الحروب. كيف ستفرح دولة تزعم أنها تواجه خطرا وجوديا، اذا لم تفرح بفرصة منع الحرب؟.اضافة اعلان
لكن يتبين أن فرصة منع الحرب في إسرائيل هي بحد ذاتها كارثة. كارثة رقم 2. نهاية العالم مُنعت، تأجلت لعقد من الزمن، وفي إسرائيل أعلنوا حالة الطوارئ. أنقذونا، لا يوجد هجوم على إيران، جميع الخطط المحكمة ألقيت في القمامة.
إسرائيل تتوق إلى رؤية الطائرات الحربية تقلع فجراً، تقصف وتقصف، كما تدربنا على مدى السنين. كم تمنى بنيامين نتنياهو وأبواقه الكثيرة هذا الامر في وسائل الاعلام، القصف والقصف، ويفضل أن يكون من الأميركيين، لكن يمكن أيضا من الإسرائيليين. ولن تتخيلوا أي استقبال كان سينتظرهم عند عودتهم من عملية عنتيبي الجريئة هذه في بوشهر. وأي كارثة قد تحدث بعد ذلك. لكن الكارثة في إسرائيل هي أن كل ذلك تم منعه. والمتعاونين يتسحاق هيرتسوغ ويائير لبيد جُندا.
الرد الإسرائيلي على الاتفاق النووي يشير إلى توجهات نفسية عميقة. إسرائيل أصبحت فاسدة مع السنين، والرأي العام فيها أُجري له غسيل دماغ من خلال دعاية التخويف، لدرجة أن الاتفاق، أي اتفاق، الذي يتم تحقيقه بواسطة جهد دبلوماسي غير عنيف، يعتبر غير شرعي. تعودنا على التفكير أن كل شيء يتم بالقوة، فقط بالقوة، ولا يوجد غير استخدام القوة، لدرجة نسينا فيها أنه هناك أحيانا طرق أخرى. لكنها لم تعد في مخزوننا الكلامي، وبالتأكيد ليست في خطط العمل لدينا.
هكذا يكون الحال حينما تعيش دولة على حد السيف، وتعتقد أنه ليس هناك طريق أخرى. هذه هي الحال حينما يكون خطر، سواء خطر حقيقي أو وهمي، الرد يكون عنيف دائما كرد أولي ووحيد وليس أخير. قائد كتيبة يطلق النار ويقتل راشق الحجارة، وإسرائيل التي تريد قصف إيران يتحدثان بالضبط بنفس اللغة، حيث أن هذه اللغة هي الوحيدة في فم إسرائيل، وترفض التسليم بوجود لغات أخرى، وبالتأكيد ترفض محاولة تعلمها، لدى للدولة مشكلة وقد تكون مشكلتها الوجودية: ليس هناك دولة في التاريخ عاشت كل الوقت على حد سيفها.
تغلفت إسرائيل بالخوف من الكارثة ليس بسبب جوهر الاتفاق مع إيران الذي قرأه القليلون فقط، فقد تصرفت كذلك بسبب تنفيذه. أي اتفاق حتى لو كان اتفاق خضوع إيران بما في ذلك استبدال علمها بعلم ابيض، سيجد ردا مشابها.
حاولوا الادعاء بأن أي قصف لن يحقق فترة 10 إلى 15 عاما، مثل الاتفاق. حاولوا الادعاء أن عودة إيران إلى أسرة الشعوب ونموها الاقتصادي هي بشائر جيدة أكثر من دفعها إلى الحائط وعزلها. هذه الادعاءات تعتبر غريبة في إسرائيل، هنا جميعهم خبراء، يعرفون أن إيران، على عكس إسرائيل، لا تحترم القرارات الدولية ولا الاتفاقات. اسم اللعبة هو: احذر منه واحذر منه. وعندما لا يوجد شيء سوى المخاوف اللانهائية فإن كل العالم ضدنا، والعالم كله يعمل على القضاء علينا، ليس لديه شؤون أخرى باستثناء تدميرنا – الحديث اذا عن هستيريا في مرحلة متقدمة ومخيفة. كل سائح إسرائيلي يعود من نهاية العالم: قد رأى لاسامية.
الامر الأكثر خطورة هو أن الرد موحد وهو لا يترك مجالا لأصوات أخرى. أمام إيران أو أمام غزة، إنها اغنية لا تنتهي أبدا: القصف الجوي.