إشاعات ليست بريئة

بعد الإعلان عن مشاركة الأردن في ضربات جوية وجهها التحالف الدولي بقيادة واشنطن لمواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية والعراق، انتشرت إشاعات توحي بوجود تهديدات أمنية داخلية. وقد تم استخدام الرسائل الخلوية والإيميلات ومواقع للتواصل الاجتماعي، في محاولة لنشر الرعب والخوف في صفوف المواطنين من خلال الحديث عن إخلاء مراكز تجارية كبرى بذريعة وجود تهديد امني.اضافة اعلان
وتزامنت هذه الإشاعات، مع التحذيرات التي وجهتها السفارتان الأميركية والفرنسية لمواطنيهما المقيمين في الأردن بأخذ الحيطة والحذر بعد الضربات الجوية لطائرات التحالف الدولي لمواقع "داعش".
نعم، هناك تخوف من فاعليات شعبية من أن تؤدي المشاركة العسكرية الأردنية في الحرب الدولية ضد "داعش" إلى تهديد الاستقرار الأمني في البلاد، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال، أن يستغل البعض هذا الوضع، وهذا التخوف، لإثارة الفوضى والخوف والرعب، من خلال نشر أخبار مغلوطة وغير صحيحة وليس لها أساس، على نطاق واسع، مستغلا التكنولوجيا الحديثة التي تمكنه من الوصول إلى فئات واسعة من المواطنين.
إن التعامل الرسمي مع هذه الإشاعات يتطلب وضوحا وشفافية، فنحن في عصر لا يمكن إخفاء أي شيء. ولذلك، وحتى لا يترك الأمر للبعض للقيام بممارسات وتصرفات تؤثر على الجميع، فإن الحكومة مطالبة بسياسة داخلية شفافة، تقدم المعلومات الصحيحة للمواطنين، وتتعامل بسرعة مع الإشاعات، أو مع الأخبار التي يتم تداولها. فليس من الحكمة في شيء، أن تترك الإشاعات تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أحاديث المواطنين، وأماكن عملهم، ولقاءاتهم، من دون أن تكون هناك توضيحات رسمية سريعة تبدد الخوف والخشية اللتين أثارتهما الإشاعات.
إن أي تأخير في توضيح الصورة الحقيقية، يسمح لمن يهوى بث الإشاعات بالعمل على هذا الصعيد براحة، في حين، أن التواصل، وكشف الحقائق، وإعلانها على الملأ، تساهم في الهدوء والاستقرار وطرد مشاعر الخوف والخشية التي تثيرها الإشاعات.
الناس، وبعد كم هائل من المعلومات والصور والأخبار التي بثت عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي، عن الجرائم التي يرتكبها "داعش" بحق المواطنين العزل والمدنيين، باتوا يخشون هذا التنظيم الذي لا يراعي أي شيء. ولذلك، فإن أي إشاعات متعلقة بهذا التنظيم، تجد من يصدقها، ويتعامل معها كحقائق، وهذا يستدعي جهدا كبيرا من الجهات الإعلامية الرسمية المعنية للتعامل بمنتهى الجدية والشفافية لتوضيح الأمور بصورة دائمة ومن دون تأخير. وتستدعي هذه الحالة أيضا، أن تلتقط هذه الجهات الإعلامية ما يدور بين أوساط الناس والتعامل معه من دون استخفاف أوعدم تقدير، فالإشاعة اذا تركت لتنمو تكبر، وتصبح الحقيقة غير قابلة للتصديق بعد ذلك.