إعادة الاعتبار للسياسات الاجتماعية

لقد ضاعفت أزمة كورونا من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة نتيجة للأزمات الإقليمية والعالمية الاقتصادية منها والاجتماعية. لكن أزمة كورونا وضعت تحديات جديدة وإضافية على المستوى الاقتصادي (نتيجة للإجراءات لمواجهتها) والاجتماعي نتيجة لذلك علاوة على القطاع الصحي خط الدفاع الأساسي في مواجهة هذه الأزمة.اضافة اعلان
لقد كان من الطبيعي أن تتركز الجهود الحكومية على مواجهة الأزمة وتبعاتها المختلفة. وفي هذا السياق اتخذت الحكومات المتعاقبة وهذه الحكومة العديد من الإجراءات بهذا الصدد كان جزء ليس بسيطا منها للتخفيف من الآثار السلبية على الاقتصاد والمواطنين سواء كانوا من العاملين أو من الفقراء أو غيرهم.
لكن مع مرور الوقت بدأت تتراكم المشكلات الاجتماعية وتزداد عمقًا. المشاكل الاجتماعية متنوعة وقد لا تكون بنفس الخطورة ولكن من المهم الإشارة إلى أنها تتفاعل مع بعضها بعضا مما يزيد الامر تعقيدا. فعلى سبيل المثال، فالفقر والبطالة يشكلان أرضية خصبة للعنف بأشكاله وتعاطي المخدرات وغيرها من المشاكل وبالتالي بصعب أحيانًا تجاهل هذه التداخلات بين المشاكل.
الخطورة تكمن بالاستمرار بتجاهل هذه المواضيع والمشكلات هو تراكمها وتعقيدها. بالطبع غياب الاستراتيجيات والسياسات هو بحد ذاته مشكلة لكن المشكلة الأكبر لدينا هو في غياب التفكير الجمعي في كيفية التعامل معها مع الإدراك أننا بحاجة لتجزئة التعامل معها نظرًا للاختلافات فيها، لكن ذلك، لا يمنع من تطوير رؤية في سياق ما نسميه السياسات الاجتماعية المتكاملة والتي سوف تساعدنا في عملية التشخيص وتحديد الأولويات ولكن ضمن رؤية محددة. ونظرًا لتداخل هذه المشكلات وتعدد الاختصاص بها، فيدور بالذهن تساؤل حول من هي الجهات المعنية بهذه الملفات. وبالتأكيد لا توجد جهة واحدة معنية تكون مهمتها التصدي لهذه المشكلات ولكن المسؤولية تقع على الحكومة كسلطة تنفيذية متضامنة.
هناك جهات ومحاولات لمعالجة هذه المشكلات ولكن في اغلب الأحيان تتم معالجتها بالقطعة وأحيانًا أخرى توضع خطط لا تتوفر المصادر ليس لتنفيذها أو معالجتها وإنما حتى لدراستها وتشخيص الحلول لها.
من الجدير بالإشارة إليه هو أن الاعتقاد السائد لدى بعض المسؤولين بأن هذه المشكلات ليست من اختصاصهم وأنه يجب تركها لمؤسسات المجتمع المدني. هذا التفكير تحديدًا أدى لتعاظم دور المؤسسات الدولية والجهات المانحة في صنع السياسات وتمويلها وتنفيذها، وليس الاعتراض على التعاون والاستفاده من المانحين او المؤسسات الدولية ولكن ذلك يجب ان يكون ضمن الاجندة الوطنية وليس بديلا عنها.
كذلك، هناك انطباع شائع ولكنه خاطئ بأن حل المشكلات الاقتصادية سيؤدي تلقائيًا لحل المشكلات الاجتماعية وبالتالي لا طائل من الاستثمار بها وهذا أبعد ما يكون عن الصواب على الأقل من منظور التجارب العالمية.
إن السياسات الاجتماعية يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من السياسات العامة للدولة ولا بد من دمجها أو على الأقل مواءمتها مع السياسات الاقتصادية في إطار تكاملي وهذا ما كان معمولًا به في الأردن منذ عقود.
لقد حان الوقت لرد الاعتبار للسياسات الاجتماعية وإعطائها المكانة التي تستحقها في معالجة المشكلات التي تواجه الأردن اليوم.