إعادة هيكلة الرواتب يجب أن تشمل القطاع الخاص

مثقال عيسى مقطش

عمان- خطوات عملية وإجراءات واقعية تعمل الحكومة على تنفيذها من خلال إعادة هيكلة الرواتب في القطاع العام، وبما يهدف الى تحقيق العدالة بين موظفي الدولة في التخصصات المهنية المختلفة والحقول المالية والادارية وغيرها!اضافة اعلان
ان شمول وظائف الخدمة المدنية بعلاوات تتناسب مع سنوات الخبرة والتخصص بالتأكيد سيعكس عدالة نسبية في التعامل، وايضا سيلغي فوارق مالية بين رواتب العاملين الذين يتشابهون في عدد سنوات التعليم الجامعي وسنوات الخبرة.
 وان إجراءات المعالجة بـ"القطاعي" من دون الاستناد الى نظام بمعايير موحدة هو الذي ادى الى وجود هذه الفوارق المالية المجحفة بحق زملاء وزميلات يعملون في ذات التخصص في وزارات او مؤسسات حكومية مختلفة!
ان قيام الحكومة بهذا الإجراء يعيد الى الذاكرة ورشة عمل اقيمت في احدى جامعاتنا الاردنية تحت عنوان "لماذا يبدع الانسان الاردني خارج الوطن بينما يواجه صعوبة وعقبات داخل الوطن؟"، وبالتالي يبحث عن الهجرة المؤقتة بهدف العمل او الهجرة الدائمة بعيدا عن أجواء المحسوبيات في التعامل.
 ان إعادة هيكلة الرواتب بالتأكيد ستعكس ايجابياتها، وتخلق نوعا من الاطمئنان والأمن الوظيفي، وتدعم الرغبة في العمل لدى الاجهزة الحكومية، والاسهام في إزالة الكم الهائل من التشوهات، وخلق حافز لبلورة الانتماء والاخلاص الوظيفي وتعزيز الاداء المتميز بدلا من ظاهرة الترهل والتهرب والاستقالات.
وحسب الاحصائيات، فإن العدد التراكمي للمتقدمين بطلبات التوظيف في ديوان الخدمة من حملة الشهادات الجامعية ودبلوم كليات المجتمع قد تجاوز 200 الف طلب، وان إعادة هيكلة الرواتب تعني تطبيق مضمونها على كل من يجري تعيينه بعد إقرارها، وضرورة التركيز على محاور رئيسية، من ضمنها البحث عن افضل الطرق لتحقيق مبدأ العدالة بين ابناء الوطن من خلال توفير فرص وظيفية متساوية، وان العلاوات الفنية الموحدة التي سيتم إدخالها على هيكلة الرواتب يجب ان لا تمس بأي حال اي علاوات اعلى تم سابقا صرفها للقائمين في اعمالهم.
 ولكن، يجب ان تمس كل من لا يتقاضى علاوة فنية على راتبه الاساسي ومهما كان تخصصه، طالما يعمل ضمن الهياكل التنظيمية للوزارات والمؤسسات الحكومية، وانه يسد حاجة وظيفية في موقعه!
ومن بين تلك المحاور ضرورة إصدار قانون يقضي بإلزام القطاع الخاص بالالتزام بمنح هذه العلاوات الفنية للاردنيين العاملين ضمن الهياكل التنظيمية لمؤسسات القطاع الخاص.
والمبررات لهذا المطلب عديدة وفي مقدمتها الدور المجتمعي والاقتصادي المنوط بالقطاع الخاص نحو الاسهام في تحقيق العدالة النسبية بين ابناء الوطن في الرواتب المقدمة اليهم.
والنظر بواقعية الى حقيقة الامور يتطلب قيام القطاع الخاص بإنصاف العاملين لديه في التخصصات المختلفة، وان المنطق والمبادئ المالية والنظريات الاقتصادية لا تفرق بين خريج جامعي واخر زميل له التحقا في وظيفتين بذات الوصف الوظيفي احدهما في القطاع العام والاخر في القطاع الخاص.
واذا ما تحقق مثل هذا المطلب، فان كثيرا من التطلعات سيتم تحقيقها وفي مقدمتها تقليل انتقال الكفاءات من القطاع العام الى الخاص، وفي الوقت ذاته الحد من تجاوزات تمارسها مؤسسات في القطاع الخاص من شأنها تشويه الامن الوظيفي لدى الشبيبة الاردنيين، والتأثير سلبا على الاستقرار الوظيفي لديهم!
ومن بين تلك المحاور ايضا، مواكبة إعادة هيكلة الرواتب والزام القطاع الخاص بتطبيق ما سيتم تفعيله في مجال العلاوات الفنية، حيث بات من الضروري وضع خطة عمل قابلة للتطبيق بشأن ربط احتياجات سوق العمل بالتخصصات العلمية المطلوبة والاكثر اولوية في جامعاتنا الاردنية على امتداد الاعوام الخمسة المقبلة.
ومن بين تلك المحاور إصدار قانون لتنظيم زيادات الموظفين السنوية في القطاعين العام والخاص والمتقاعدين على حساب الخدمة المدنية والضمان الاجتماعي وبما ينص على ربط الرواتب والتقاعد بمعدل التضخم.
 وفي سبيل توفير المبالغ اللازمة لتغطية حيثيات هذا الالتزام، فانه يمكن إعادة النظر في نظام الضرائب والرسوم بما يفرض ضريبة تصاعدية على أرباح الشركات والمؤسسات، وأصحاب الدخول التي تتجاوز ربع مليون دينار سنويا.
ان عدم الزام القطاع الخاص بإعادة هيكلة رواتب العاملين لديه وصرف العلاوات الفنية المنصوص عليها في القطاع العام سيؤدي الى تراجع اكبر في الدورة الاقتصادية ومقومات تحقيق التوازن بين الوصف الوظيفي والراتب.
 وان المسؤولية المجتمعية والاقتصادية الملقاة على القطاع العام يجب ان تواكبها مسؤولية مشابهة على مؤسسات القطاع الخاص.
 وان المرحلة الانتقالية التي يمر بها المجتمع المحلي والاقتصاد الوطني بجميع فعالياته ومظاهره وفي مقدمتها الفقر والبطالة وتلاشي الطبقة الوسطى يتطلب تعاضدا حقيقيا وعمليا وليس نظريا بين القطاعين العام والخاص بدءا من إصدار قانون يؤكد قيام كل مؤسسة خاصة بمسؤولياتها المجتمعية والاقتصادية باعتبارها جزءا من الوطن نمت وترعرعت فوق ترابه.

[email protected]