إلى وزير التربية والتعليم

 محمد السحيم

نعلم جميعا أن وزارة التربية والتعليم أهم الوزارات على الإطلاق، شأنها شأن وزارة الصحة. ونتفق جميعا على ان مقياس تقدم الشعوب يكمن في مجالي الصحة والتعليم، واذا اخذنا بعين الاعتبار ان الصحة هي، ايضا، نتاج التعليم فإن التعليم هو مرتبة الاهتمام الاولى في عالمنا اليوم، وان اي خلل في هذه المجالات هو، بلا شك، تأخير وترهل في نمو الدول وتقدمها.اضافة اعلان
كنّا ننتظر من وزارة التربية ان تعلن في عهدها الجديد فكرا وفلسفة جديدين في تطوير التعليم واستحداث نموذج جديد وأسلوب متميز في تطوير المناهج والمواد التعليمية، حيث ان معظم المناهج في كثير من الدول تصاغ على ضوء دراسات مقارنة لما يتم في دول متقدمة مع الاهتمام بعلوم المستقبل ووسائل الاتصال الحديثة وتطوير المناهج بعملية مستمرة لمواجهة متطلبات العصر الذي نعيشه. كما أن الخطط التعليمية يجب ان تكون عملية تستشعر نبض تطور المجتمع في كل مجالات الحياة، وما يمكن أن يحدث مستقبلا من متغيرات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، يكون لها تأثيرها على المجتمع، وبالتالي تنعكس على شكل التطوير المقصود.
من المفروض ان الخطط التعليمية تأخذ متطلبات العصر وتعمل على ملاحقة التقدم لتنمية التفكير الابتكاري والقدرة على حل المشكلات وإيجاد مهارات مكتسبة في التفكير والبحث والاطلاع والتجديد في جميع المراحل التعليمية.
يخيم على وزارة التربية والتعليم معتقد ان قوة الوزارة تأتي من قوة وتعقيدات امتحان الشهادة الثانوية العامة، ولهذا نجد ان هذا الامتحان يحظى باهتمام الوزراء الجدد على حساب باقي المراحل الدراسية الاساسية، وهذا ما حصل في اول قرار اتخذه  معالي الوزير الجديد والمتمثل في اعتماد امتحان الثانوية العامة في دورة واحدة.
إن اختصار دراسة اثنتي عشرة سنة في امتحان تقييمي لا تتجاوز مدته ساعتين، على اعتبار ان امتحان الثانوية العامة دورة واحدة في العام، هو قرار مجحف بحق التعليم وبحق الطلاب، فليس من المعقول بأي حال من الأحوال ان يتم تقرير مصير طالب امضى حياته على مقاعد الدراسة باختبار مدته ساعتان، هل هذا هو التطور الذي ننشده  في تعليمنا اذا ما عرفنا ان هذا النظام كان مطبقا في بداية خمسينيات القرن الماضي.
كنّا نتمنى أن تتم دراسة استحداث اختبار تحصيلي في مرحلة الصف التاسع تقوم به مديريات التربية في المناطق، وعلى غرار امتحان الثانوية العامة، بينما تكون السيطرة والإشراف من الوزارة نفسها  لضمان الشفافية والعدل في كل مدارس المملكة، وان تكون درجة تحصيل الطالب في هذا  الامتحان هي ما يقرر مساره الأكاديمي او المهني، وبنفس الوقت تخصص نسبة من هذا الامتحان في المعدل التراكمي للثانوية العامة، بحيث تخصص خمس علامات منه على سبيل المثال، بالاضافة الى خمس علامات للعاشر وخمس علامات للحادي عشر، وهذا يساعد على رفع المستوى التعليمي للمرحلة الثانوية كاملة ولا يقتصر على شهادة الثانوية العامة، كما يزيد الاهتمام لدى الطلاب، وبنفس الوقت يؤدي الى نتائج ايجابية كثيرة مثل الانضباطية والنظام عند الطلاب.
هذا مجرد اقتراح، وهناك حلول كثيرة كان بالامكان، مثلا، عمل دراسات مقارنة مع ما تقوم به الدول المتقدمة، لكننا ما نزال، وللاسف الشديد في مختلف وزاراتنا، نعمد إلى اتخاذ قرارات ارتجالية عشوائية بعيدة  عن التخطيط الممنهج المبني على دراسات علمية من شأنها ان تنهض بمجتمعاتنا، لا أن تكون سببا لضعفها.