إنهم يقرعون طبول الحرب!

لا يبدو من باب التنبؤات أو التحليلات ما صرح به رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، بمقابلته الصحفية الأخيرة قبل أيام، والتي قال فيها إن فرص اندلاع حرب تخوضها إسرائيل خلال العام الحالي، أكبر مما كانت عليه في الأعوام الثلاثة الماضية، فالرجل ليس محللا صحفيا ولا سياسيا، بل هو يقود ويخطط لجيش الاحتلال، وثمة رسائل يريد إرسالها بهذه التصريحات.اضافة اعلان
هذا المسؤول العسكري الأول في دولة الإرهاب، يقول في تصريحاته "إن الخطر العسكري الأكبر على إسرائيل يأتي من الجبهة الشمالية، متمثلا بمثلث إيران، سورية ولبنان". وعلى عادة كيانه الإرهابي لا يتردد ايزنكوت بالتهديد بكل أنواع الدمار لـ"أعداء إسرائيل"، وعلى رأسهم حزب الله، بقوله "كل ما يقع تحت استخدام حزب الله في لبنان سيُدمر.. من بيروت حتى آخر نقطة في الجنوب... سندمر مباني عالية عديدة بلبنان يجلس فيها عناصر حزب الله... صورة الدمار التي ستخلفها الحرب ستكون منقطعة النظير".
لا يمكن التقليل من خطورة هذه التصريحات الإسرائيلية عند استنطاق خريطة المنطقة في المرحلة المقبلة، التي تشهد تطورات دراماتيكية على ساحة الأزمة السورية مع تقدم الجيش السوري على الأرض واستعادته لمساحات واسعة. كما يمكن قراءة التصريح المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعزمه سحب القوات الأميركية من سورية و"ترك المهمة للآخرين"، ضمن هذه التطورات، التي تشي بأن ثمة ما يطبخ في غرف القرار الأميركية والإسرائيلية لهذه المنطقة.
التطورات على صعيد القضية الفلسطينية هي الأخطر كما يبدو في سياق ما توحي به تصريحات رئيس أركان الاحتلال، فالولايات المتحدة التي تبدو مصرة على طرح مشروعها سيئ الصيت "صفقة القرن"، لتصفية القضية الفلسطينية، قد تحتاج لحرب يتم إشعالها وإشعال المنطقة فيها، وخلط أوراق جميع الأطراف فيها، لتمرير مثل هذه الصفقة من جهة، ولتحقيق أهداف استراتيجية عدائية في سورية ولبنان، ومن خلفهما النفوذ الإيراني بالمنطقة من جانب آخر.
سياسة إشعال الحروب العدوانية ليست غريبة على الكيان المحتل ولا على الولايات المتحدة في منطقتنا، خاصة عندما يريد الطرفان تمرير مشاريع سياسية كبيرة تحقق مصالحهما. وتبدو الانسدادات الماثلة اليوم أمام صفقة القرن الأميركية التي يرفضها الشعب الفلسطيني، دافعا محتملا لإشعال المنطقة بحرب جديدة تخلط فيها الأوراق، ويجلب فيها المزيد من الدمار والمعاناة، وتهيئ -كما تتوهم إسرائيل والولايات المتحدة- لنزول رافضي الصفقة المقبلة عن شجرة الرفض لها والامتناع عن السير في ركابها!
المشكلة أن غرور القوة وطمع المصالح غير المشروعة قد يعميان العديدين، وعلى رأسهم كيان الاحتلال والولايات المتحدة، عن التفكر والاتعاظ بتجارب التاريخ، القريب قبل البعيد، فعدوان الاحتلال الإسرائيلي بحروبه الأخيرة في لبنان وغزة، ورغم حجم الدمار الذي سببته، لم تكسر شوكة حزب الله والمقاومة الفلسطينية، بل وخرجا أقوى مما كانا عليه. كما أن حرب أميركا في العراق واحتلاله لم يجلبا إلا الدمار وضرب استقرار كل المنطقة، وبما أثر سلبا حتى على المصالح الأميركية.
قد يستطيع العدو الإسرائيلي إشعال الحرب المقبلة، وأن يحظى بتواطؤ ودعم الولايات المتحدة الكامل فيها، لكنه سيكون واهما إن اعتقد أن أخطار وآثار هذه الحرب ستوفره وتوفر المصالح الأميركية، فكل الأطراف ستدفع الثمن باهظا في أي حرب جديدة.. في وقت لن تستطيع فيه قوة بالدنيا كسر إرادة الشعب الفلسطيني وقبول صفقة تهضم حقوقه ومصالحه الوطنية!!