ابوغوش: لا فصل بين السياسي والثقافي

ابوغوش: لا فصل بين السياسي والثقافي
ابوغوش: لا فصل بين السياسي والثقافي

شاعر فلسطيني يرى الغناء مقاومة

 

حاوره: زياد العناني

  يصر الشاعر الفلسطيني ماجد ابوغوش على ان الشعر مقاومة ويرى في هذه المرحلة ان المشهد الفلسطيني في تفاصيله هو مشهد دم يومي وممارسة قمعية ولهذا فهو يكتب لأن الكتابة في فلسطين فعل مقاومة بغض النظر عن القيمة الجمالية التي يتحدث عنها النقاد. ويشير صاحب مجموعة بكاء الوردة الى ضرورة البحث عن اشكال نضالية اخرى في الشعر وفي الفن عموما مبينا ان ممارسة الرقص او الغناء مقاومة تهدف الى عدم تمكين الاحتلال من قتل انسانيتنا وابداعنا.

اضافة اعلان

* بداية هل لك ان تحدثنا عن جديدك على صعيد الشعر؟

 - اعمل الآن على مجموعة جديدة بعنوان "غيمة زرقاء بطعم النبيذ" وهي المجموعة التي اعتقد بعد مجموعاتي الكثيرة قد جاءت متأنية لتقودني الى اشكالية مفهوم النبيذ الذي يشكل عندي مفهوما خاصا, فأنا من قرية كانت تزرع العنب قبل عدوان ,1967 وهي "امواس" التي دمرت اثناء العدوان, في ذكريات الطفولة عندي ان اهلي كانوا يزرعون العنب وكانوا يحملونه برفق الى "دير اللطرون" الذي كان بدوره يغسل العنب ويعصره نبيذا. الآن لو افترضنا جدلا ان مهاجرا من يافا حصل على حبة برتقال هل يدفع السكين الى قلبها ويأكلها؟ لا اعتقد ذلك لانه سيحضنها ويبكي, انا كذلك عندما احصل الآن على زجاجة نبيذ من "دير اللطرون" لا استطيع ان اشربها لانني اشم فيها رائحة التراب والعرق والملح واسمع بداخلها صدى بكاء دوالي العنب لحظة اقتلاعه بالجرافات الغادرة.

 * على الرغم من مجموعاتك الشعرية الكثيرة الا انك في نظر النقاد جعلت من الشعر غرضا سياسيا واغفلت القيمة الاجمالية, ماذا تقول في هذا المجال؟

- في المجموعات الاولى, صحيح. لا يخلو المشهد في فلسطين المحتلة من سيل الدم اليومي والممارسات القمعية اليومية للاحتلال وبالتالي يتداخل عندنا السياسي بأدق تفاصيل حياتنا اليومية, فقط الاعمى كان يمكن ان يكتب من دون رائحة الدم ولونه, في المجموعة الجديدة حاولت توظيف الشكل لمصلحة الجمال لكن لا تزال رائحة الدم موجودة حتى في الشكل الجمالي الجديد.

* لماذا والحال هكذا لم تنخرط في النضال السياسي الفعلي بدلا من النضال عبر القصيدة؟

 - لقد انخرطت في النضال السياسي بشكل عميق, اعتقد ان النضال السياسي قادني الى الشعر وبالذات في فترة اعتقالي في العام ,1977 اتصور ان الكتابة شكل من اشكال النضال الثقافي السياسي, من هنا فأنا لا افصل بينهما على اعتبار ان صراعنا في الاغلب مع المحتل هو صراع ثقافي بالدرجة الاولى.

* ولكن ألا ترى بان قصيدة المقاومة بصيغتها القديمة قد انتهت?

- بالتأكيد انتهت ولكن نحن الآن نبحث عن حياة جديدة وادوات نضال جديدة ومفاهيم جديدة عن العالم وعن طبيعة الصراع في العالم, لا بد من ادوات جديدة للشاعر واشكال جديدة للكتابة مثل توسيع مفهوم المقاومة, فالمقاومة لم تعد مقاومة مباشرة للاحتلال فقط, بمعنى ان جزءا من مقاومة الاحتلال والذي كان من اهدافه قتل انسانيتنا بالابداع هو جزء من هذه المقاومة, مجرد انك تحضر عرضا مسرحيا اثناء قصف رام الله مقاومة, ان تمارس الرقص او الغناء مقاومة ان ترسل اولادك الى المدرسة مقاومة ان تكتب نصا يظهر انسانيتك وعدم انسانية العدو مقاومة, اتذكر خلال منع التجول مثلا كان صعبا على ابني الصغير ان يصل الى المطبخ بسبب وجود القناص على العمارة المقابلة, كان ينتظر هبوط الليل ويذهب حبوا لكي يشرب الماء, كان القناص يتصيد ومع ذلك كنت اصر على ممارسة حياتي اليومية واشرب قهوتي الصباحية واتصفح الصحف القديمة واهاتف زوجتي التي كانت محاصرة في مدينة اخرى لأخبرها كم احبها, لم يستطع الاحتلال بكل آلته العسكرية ان يدخل الخوف الى قلبي او ان يقتل فيّ انسانيتي.

* في ضوء المعطيات الحالية في الساحة الفلسطينية كيف تنظر الى دور الشعر الآن?

- الشعر ليس مفصولا عن الثقافة نحن نتحدث عن الساحة الفلسطينية بمعنى نحن نتحدث عن بقعة جغرافية محددة هذه البقعة الجغرافية محاطة بجدار فصل عنصر ومطوفة بأسلاك وجنود, المدن في هذه البقعة هي الاخرى معزولة بجدران فصل عنصر كل مدينة لها بوابة تفتح في ساعة شاء الاحتلال وتقفل ساعة يشاء الاحتلال المسافة من رام الله الى نابلس تستغرق 30 دقيقة في السيارة بعد التسهيلات الاخيرة اصبحت تستغرق اربع ساعات, في السابق لم تكن تستطيع الوصول اليها ابدا ويمكمن ان تستغرق حياتك, الصحف اليومية لا تصل بانتظام الى المدن وكذلك المطبوعات حتى في ظل هذه الحياة غير الطبيعية لم تتسع قاعة وردهات قصر الثقافة في رام الله عندما قرأ محمود درويش نصوصه الشعرية. كما قلت الشعر عندنا "فعل مقاومة" انا شخصيا "ريم البنا" غنت بعض قصائدي وكانت قصائد حزينة المشكلة الاساسية هي في صعوبة الوصول الى الجمهور عدا الهجمة الثقافة والاستلاب الثقافي الذي نتعرض له والضغط لتدجين هذه الثقافة ومحاربتها بكل السبل لسوقنا الى ثقافة السلام الموجهة الينا من الدول المانحة ومركز بيرس للسلام الذي يعد رأس حربة في هجمة الاستلاب الثقافي والتطبيع المجاني. مستقبلا سنمنع من الحديث عن البرتقال وعن الزيتون وعن العنب وسيكون الحديث عن الحنين ضربا من الارهاب .هم الآن يتدخلون في المناهج التعليمية هناك رواية عن خطة لترجمة نصوص عبرية الى العربية تظهر الجانب الانساني في الآخر وسيتم توزيعها على المدارس مجانا.