اتركوا السلاح أولا!

ما أن ينفتح الحديث حتّى يكون الاستقطاب واضحا والانقسام حادّا في كل جلسة بيننا هنا في الأردن حول لبنان. ونستطيع أن نتخيل كم هو عمق الفرز والانقسام في لبنان نفسه. هذه حقيقة لا يمكن تغييرها لكن الشيء الذي يجب ضمانه هو عدم التحول الى المواجهة بالسلاح، لكن حزب الله يحمل الآن السلاح ويحتلّ به بيروت الغربية وهذه بداية الانحدار نحو الكارثة.

اضافة اعلان

لن يعدم الحزب مبررات استخدام "سلاح المقاومة" في الصراع الداخلي ويردد الذين يساجلوننا هنا هذه المقولات، ويضيفون عليها ما شاؤوا بيد أن الفذلكة اللغوية من طراز "استخدام السلاح لحماية السلاح" تنفع للتملص اللفظي من الحقائق على الأرض.

فاذا حسم حزب الله السيطرة على بيروت في ساعات دون مقاومة تذكر، وهو لم يستخدم حتّى قواته الفعلية، بل بعض الميليشيا المتوفرة في الضاحية الجنوبية فمن الذي سينزع سلاحه؟!

الجيش وقف على الحياد ونأى بنفسه عن المواجهة حتّى حين كان واجبه أن لا يسمح بأي سلطة مسلحة أخرى في بيروت، فهو يعرف أن دخوله في هكذا مواجهة سيقود الى انقسامه وانهياره، فهل يفكر أن يقحم نفسه في معركة لنزع سلاح الحزب!

ولم تقم قوات الحزب بعمل دفاعي فهي اجتاحت بيروت الغربية وأطلقت قذائف ترهيبية على منازل قادة وأحرقت جزءا من مباني تلفزيون المستقبل الذي توقف عن البثّ وجريدة المستقبل التي توقفت عن الصدور. وقوات حزب الله حصلت على حق وجودها كحركة مقاومة للاحتلال، وهي تستطيع بالقوّة التي حصلت عليها من إيران احتلال لبنان كله لكن الفئات الأخرى لن تخضع فأين يريد أن يصل الحزب؟

الطلب المعلن للحزب هو تراجع الحكومة عن قراراتها لكن الاستجابة هي بمثابة إذعان وإعلان استسلام تحت تهديد السلاح، ويسحب نفسه على كل قرار لاحق، وبالنتيجه يستحيل على الأغلبية اتخاذه وبذلك تذهب البلاد باتجاه واحد نحو حرب داخلية هي كما قلنا في مداخلة سابقة حرب عربية إيرانية ثانية بالوكالة.

أين ايران في التصعيد الأخير وأين سورية؟ إحدى الفرضيات الآن أن إيران ترد بالتصعيد في لبنان على الهجمة المضادّة لنفوذها في العراق ووساطة الهدنة المصرية التي ستأخذ حماس بعيدا عنها. بل وأكثر من ذلك تردّ على الانفراج التفاوضي السوري- الاسرائيلي، لكن الأمر وخصوصا فيما يتعلق بسورية يبقى في إطار التخمينات فليس واضحا أين تتموضع سورية الآن؟ وكم هي على صلة بالقرار الذي ينفرد به الآن حزب الله؟

في النهاية حزب الله نفسه هو امتداد إيراني وأيا كان موضوع النزاع الداخلي فالانزلاق نحو المواجهة سيأخذ حتما شكل المواجهة بالوكالة بين معسكرين إقليميين وعلى حساب لبنان الجميل وأهله دون أية مصلحة حقيقية لهم. فمصلحة اللبنانيين هي في السلم والاستقرار، ويمكن التوصل الى معادلات معقولة للمحاصصة الداخلية على السلطة لو كانت هذه هي القضية فقط.

[email protected]