اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية.. تحتاج وقفة

بالرغم من الزيادات البسيطة التي طرأت على الصادرات الأردنية الى دول الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأربع الماضية، إلا أن منافع اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية التي تم توقيعها في العام 1997 للاقتصاد الأردني متواضعة جدا، وما يزال العجز في الميزان التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي مرتفعا.اضافة اعلان
لقد أعاد التقرير الذي أعده الصحفي طارق الدعجة ونشرته "الغد" الأربعاء الماضي إلقاء الضوء على مدى عدالة هذه الاتفاقية وغيرها من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها الحكومات الأردنية المتعاقبة مع العديد من الدول والكيانات الإقليمية.
لم يكن لاتفاقية تبسيط قواعد المنشأ بين الأردن والاتحاد الأوروبي في العام 2016 آثار ملموسة في تحسين فرص التصدير إلى الدول الأوروبية، وهي التي جاءت لإزالة العوائق من أمام الصادرات الأردنية، وربطت ذلك بتشغيل نسب محددة من اللاجئين السوريين في خطوط الإنتاج للسلع المؤهلة للتصدير.
مراجعة بسيطة لنصوص هذه الاتفاقية تفصح عن غياب العدالة في العديد من مضامينها. وإن كنا نتفهم اشتراط مستوى معين من قواعد المنشأ في السلع المؤهلة للتصدير، لضمان أن يكون المنتج أردنيا ولا يدخل في باب إعادة التصدير، إلا أن حرمان المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية الأردنية من دخول أسواق الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يسمح فيه لدول الاتحاد تصديرها إلى المملكة في الكثير من التعسف بحق الأردن.
من جانب آخر، أثبتت الاتفاقية المذكورة ضعف قدرة الشركات الأردنية على المنافسة في الأسواق الأوروبية لجهة جودة المنتجات الأردنية وأسعارها والقيمة المضافة في مدخلات الإنتاج، اذ لم تتمكن سوى إحدى عشرة شركة فقط من اختراق الأسواق الأوروبية، وتركزت في الصناعات البلاستيكية والمعدنية والألبسة والأجهزة الكهربائية والكوابل والمنظفات.
وبعد ربع قرن من دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ، يمكننا القول إنها لم تكن فعالة، الأمر الذي يتطلب مراجعتها باتجاه التخفيف من الاشتراطات المتعلقة بقواعد المنشأ وشمولها للمنتجات الزراعية والصناعات الغذائية، التي عادة ما تكون قواعد المنشأ فيها مرتفعة، إضافة الى المزيد من تخفيض نسب تشغيل اللاجئين السوريين في خطوط الإنتاج المؤهلة للتصدير.
ندرك جيدا أن الاتحاد الأوروبي والعديد من دوله تقدم للأردن مساعدات كبيرة ومتنوعة في العديد من المجالات ومنها المساعدات النقدية المباشرة، ولكن هذا لا يبرر وجود نصوص غير عادلة في اتفاقية الشراكة، إذ المطلوب فرص متساوية للقطاع الخاص في الأردن ودول الاتحاد الأوروبي، لا بل مطلوب توفير ميزات تفضيلية للأردن لتشجيع قطاعاته الاقتصادية المختلفة على الاستمرار والتوسع.
ويتطلب من طرف حكومتنا إجراء تخفيضات على تكاليف مدخلات الإنتاج لتحسين تنافسيتها لجهة الأسعار، إذ إن المنافسة في الأسواق العالمية شديدة جدا، وأسعار السلع عنصر أساسي في هذه المنافسة.
صحيح أن إعلان الحكومة نيتها تخفيض أسعار الكهرباء على بعض القطاعات والأنشطة الاقتصادية خطوة جيدة ومحمودة، ولكن هذه الخطوة غير كافية، فالمطلوب تخفيض الضرائب غير المباشرة على العديد من مدخلات الإنتاج ليساهم ذلك في تحسين القدرات التنافسية للسلع الأردنية المختلفة.
كذلك، على الشركات الأردنية أن تطور قدراتها الإنتاجية بحيث تستطيع المنافسة في الأسواق العالمية والسوق الأوروبية على وجه الخصوص، فقطاعات الأعمال المختلفة تتطلب التطوير المستمر، وخلاف ذلك ستبقى على الهوامش.
ومطلوب أيضا من هذه الشركات بذل المزيد من الجهود الترويجية في الأسواق الأوروبية، إلى جانب توسيع أدوار الملحقيات الاقتصادية والتجارية في السفارات الأردنية لتيسير هذه الجهود.