اجــندة

نظريا، نحن على بعد اسابيع قليلة من انتهاء لجنة الاجندة الوطنية من عملها، والذي يفترض، نظريا ايضا، ان يقدم اجابات مقترحة عن اسئلة سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية تتعلق بمستقبل الاردن.

اضافة اعلان

لكن من المفيد ان نتذكر جميعا ان هذه اللجنة ليست اكثر من تجمع شخصيات، معظمها يمثل نفسه وخبرته الشخصية، والبعض جاء ممثلا عن مواقع في السلطة التنفيذية او التشريعية. وكل هذا لا يعني اننا امام تجمع الحكمة الاردنية، او ان هذه اللجنة تمثل خلاصة التجربة الاردنية. فهي لجنة اخذت قيمتها السياسية من كونها جاءت بإرادة ملكية سامية، لكن قيمتها الدستورية ليست اكثر من لجنة فنية، وكل ما ستأتي به اللجنة من مشاريع تشريعات او افكار او برامج ليس اكثر من مقترحات، لا قيمة لها اذا لم تجد قبولا واقرارا من الحكومة، او اقرارا من مجلس الامة اذا كان المخرجات تشريعات. ويفترض، نظريا، ان تخضع مخرجات اللجنة الى دراسة من الحكومة، الا اذا قررت ان تكون جسرا (دستوريا) لتحويل افكار اللجنة الى قرارات واجراءات ومشاريع قوانين.

وربما على السادة اعضاء اللجنة الام واللجان الفرعية ان يدركوا انهم لن يأتوا باختراعات سياسية وتربوية واقتصادية، وان ما سيخرج قد يكون اقل مما خرجت به جهات ولجان وهيئات ومجالس اخرى سبقتها. ولهذا، فإن المنطق ان نصنع المخرجات المتوقعة في حجمها الطبيعي وحدودها الدستورية. ونفترض ايضا ان الملاحظات التي رافقت تشكيل اللجنة على الاعضاء وقدراتهم، تنعكس على كفاءة الانتاج، ولهذا فإن استفادتنا من تجاربنا السابقة تفرض علينا ان لا نسرف في التفاؤل، وان لا نضع ما سيأتي في اكثر مما يستحق، من كونه مقترحات وافكارا، وليست علما لم يسبق إليه أحد من العالمين.

ولعل بعض اعضاء اللجنة اعتقدوا انهم يصنعون مستقبل الامة، وان جماهير الشعب الاردني تخرج صباح مساء تدعو الله ان يوفق اللجنة، او ان الناس لا تنام الليل وهي تنتظر وتحلم بمخرجات اللجنة. لهذا شهدنا من يغضب ويخرج، ومن يستقيل لأسباب خاصة وغير خاصة، ومن يسرب اخبارا وتصريحات ناقدة (لحفظ خط الرجعة)، او ليكون بإمكانه توجيه النقد بعد خروج النتائج. وهذا الوهم السياسي كان من المفترض ان لا يصل اليه البعض، بخاصة اذا توقفوا عند ما جرى للهيئات واللجان والوثائق والصناديق والافكار الكبرى الاخرى.

لا قيمة لكل ما تعمل به اللجنة اذا لم يضف جديدا الى الحياة العامة. فنحن لسنا بحاجة الى اسواق عكاظ جديدة، او الى مواسم خلاف واختلاف، وتراشق اعلامي وسياسي بين الصالونات والاشخاص والاحزاب والحكومة. فالاردني الذي يستقبل عاما دراسيا جديدا يهمه ان يؤمن 100 دينار ثمن حقائب المدارس و"التبرعات!" للتربية وثمن الاحذية والاقلام لاطفاله، اكثر مما يهمه حديث النخب عن الاصلاح والافكار. ومن نجح له ولد في الثانوية العامة، فإن حلمه ان يؤمن له الرسوم الجامعية وثمن الكتب، في زمن الحمى التي اصابت الجامعات الرسمية في لحاقها لرسوم الجامعات الخاصة. وانشغال الاردنيين بتتبع الارتفاعات في اسعار عشرات السلع اكبر من حرصهم على متابعة لجنة او استقالة عضو فيها او مشروع قانون تختلف عليه لجنة جزئية.

الى السادة اعضاء اللجنة وقادتها: اما ان تقدموا مقترحات وافكارا حقيقية، قابلة للتطبيق وغير مكررة او تم الحصول عليها جاهزة، افكارا يمكن ان تضيف شيئا الى حياة الناس، او ان تحتفظوا بما كتبتم واختلفتم عليه باعتباره وثائق سرية؛ فنحن لسنا بحاجة الى مزيد من موسم سياسي خلافي، ومزيد من الحروب الاعلامية بين مؤيد ومعارض، او البحث في ما لا يحمل جديدا.

[email protected]