ارتياح قد يتحول إلى تفاؤل

أجواء الارتياح التي أوجدتها الحكومة مردها عاملان، الأول أنها جاءت بعد حكومة معروف البخيت التي غرقت في أزمات كبرى محملة بإرث سيئ، والثاني الصفحة البيضاء لرئيسها الذي يكاد يكون بلا أعداء، وبلا أصدقاء أيضا.اضافة اعلان
من حسن حظ أي رئيس أن يأتي بعد حكومة البخيت التي خاضت معارك ليس مع المعارضة بل حتى مع لجنة الحوار الوطني. وفي عهدها دخلت مفردة " البلطجة" القاموس السياسي الأردني.
وسواء كانت المفردة بعلمها أو بدون علمها فهي الحكومة التي تتحمل المسؤولية التامة دستوريا وأخلاقيا. يستطيع رئيس الحكومة، أن يشطب هذه المفردة من القاموس، وتصبح جزءا من ذاكرة سيئة. ويعزز قيمة التواصل والحوار والتوافق. فالخطاب العام للمعارضة دستوري سلمي، والخروج عن النص كان ردة فعل على سياسة البلطجة، وأوله كان بعد الاعتداء على النشطاء في الكرك، وتصاعد عقب تكرارها في جرش وسلحوب.
كان يفترض أن تضم الحكومة أسماء وازنة وخصوصا في الملف الاقتصادي، وكان من الأسماء التي اعتذرت ميشيل مارتو وعمر الرزاز، وكلاهما كانا سيعطيان شعار محاربة الفساد صدقية.
ولو شارك الإخوان لقدموا رافعة سياسية للحكومة. لكن الحكومة بدون تلك المشاركة قادرة وبوقت قصير على إثبات جديتها.
تبنت حكومة عون الخصاونة شعارات المعارضة، وخصوصا ما تعلق بإنهاء الهيمنة على الحياة العامة،  ومحاربة الفساد، ونزاهة الانتخابات وتأجيل الانتخابات البلدية. وعلى رغم الانفتاح على المعارضة سواء كانت الإسلاميين أم الجبهة الوطنية للإصلاح برئاسة أحمد عبيدات أم الأحزاب إلا أن تشكيلتها لم تضم غير مشاركة للوزير القومي سليم الزعبي وهو من الجبهة الوطنية شارك بشكل فردي. وأبقى الرئيس باب الحوار مفتوحا حول قانون الانتخابات. وهو الاختبار الحقيقي أمامه. من الممكن أن يتحول الارتياح إلى تفاؤل تماما كما يمكن أن يتحول إلى خيبة أمل.
ويستطيع الرئيس أن يبني تحالفات واسعة مع من بدأهم بالحوار سواء من الجبهة الوطنية للإصلاح أم الإخوان المسلمين، ويكثر الأصدقاء ويقلل الأعداء، وهي مهمة صعبة، والسهل أن يكسب عداوات ويخلق أزمات.
يقدم الشارع الأردني بأطيافه كافة، نموذجا في الرشد والخلق والمسؤولية، وعلى أي مسؤول أن يتعامل معه بثقة واحترام وشجاعة.
إن الناس يتحملون العسرة الاقتصادية ولكنهم لا يتحملون الفساد، ويقبلون بسلطة القانون لكنهم لا يقبلون بسلطة البلطجة. تشبه الثقة بالشارع الثقة بالماء، فمن لا يثق بالماء يغرق، ولو بشبر ماء، ومن يثق بالماء، يطيش ولو كان في المحيط.