استحداث فرص عمل ومحاربة البطالة.. توجيهات ملكية دائمة

هبة العيساوي- لا يكاد يخلو خطاب من خطابات جلالة الملك عبدالله الثاني الموجه للحكومة من تأكيدات على ضرورة وضع خطط حكومية للتشغيل، وأولوية محاربة البطالة وتوفير فرص عمل مستدامة، وذلك بالتعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص، بحسب خبراء في القطاع.

اضافة اعلان


وبين الخبراء في حديث لـ"الغد" أنه "عادة ما يؤكد جلالته في لقاءاته المحلية والدولية على قطاع ريادة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات، وضرورة استمرارية تطوير بيئة التدريب المهني والتعليم التقني، وتزويد الشباب بالمهارات المطلوبة لتلبية متطلبات سوق العمل".


وبينوا أنه خلال السنوات الماضية دعا الملك الحكومة إلى وضع الخطط العملية لإيجاد فرص عمل للشباب، وتوفير البيئة المناسبة لذلك، بدءا من مخرجات التعليم، ولكن هناك دائما فجوة بين خطاب الملك وتنفيذ الخطط من قبل الحكومة.


وفي ذلك، يرى وزير الاتصالات الأسبق مروان جمعة أن على الحكومة تنفيذ توجيهات جلالة الملك المتمثلة بتوفير فرص العمل وتركيز التوجه لقطاع تكنولوجيا المعلومات، خاصة أن جلالته داعم كبير لهذا القطاع كونه مشغلا ويعتبر موردا مهما.


ولفت جمعة إلى وجود شركات كبيرة في مجال قطاع المعلومات اختارت الأردن لتكون مقرا لها، وهذه فرصة للنمو بهذا القطاع.


وأكد على أهمية امتلاك المهارات التي تتركز بالمهارات الرقمية، المطلوبة لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والتي أصبحت توازي أهمية الشهادة في عالم يتحول يوما بعد يوم في كل قطاعاته إلى الرقمنة، مطالبا الشباب بالتركيز على الشهادة والمهارات الرقمية في الوقت نفسه.


في حين طالب جمعة الحكومة بضرورة توفير الحصول على تلك المهارات والتدريب من أجل التوظيف، وخاصة دور الحكومة في مخرجات التعليم، وتوفير بيئة مناسبة للاستثمار.


وحول ما ورد في رؤية التحديث الاقتصادي لتحقيق توفير فرص العمل، أكد جمعة وجوب الوصول إلى معدلات نمو اقتصادي عالية في الأردن لتحقيق هذا الهدف، ولذلك يجب أن تغير الحكومة سياساتها المالية.


من جانبه، قال رئيس مركز الفينيق للدراسات أحمد عوض: "إذا أردنا أن نكون واقعيين في تقييم الكيفية التي تعاملت فيها الحكومات المتعاقبة وما تزال (بما فيها الحكومة الحالية) مع مضامين الأوراق النقاشية الملكية التي صدرت قبل عدة سنوات، نستطيع أن نكتشف ببساطة أن هنالك فجوة متنامية بين الخطاب الملكي وسلوكيات السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة".


وبين عوض أن العديد من التشريعات والسياسات والممارسات التي أقرتها الحكومات "تتعارض مع مضامين الورقة النقاشية الرابعة التي أكدت أهمية تعزيز أدوار منظمات المجتمع المدني في مراقبة الأداء السياسي الحكومي وترسيخ الديمقراطية في المجتمع، الى جانب تعارضها مع مضامين الورقة النقاشية السادسة التي أكدت ضرورة تطبيق مبدأ سيادة القانون".


وأضاف أنه "لو نظرنا الى التشريعات والسياسات والممارسات الحكومية الناظمة لعمل منظمات المجتمع المدني سنجد ببساطة أنها تضيق الخناق عليها، وتخضعها لسيطرة السلطة التنفيذية، إذ تم تعديل قانون العمل أكثر من مرة خلال السنوات العشر الماضية باتجاه مزيد من التضييق على عمل النقابات العمالية وتأسيسها، ونقل صلاحية تحديد القطاعات التي يحق للعاملين فيها تشكيل نقابات من اللجنة الثلاثية لشؤون العمل الى وزير العمل".


وبين أن التضييق السابق يعني أن الحكومات "تضرب عرض الحائط بالنصوص الدستورية الواضحة التي تمنح العاملين حق تشكيل النقابات، وخاصة المادة 128 من الدستور التي تنص على عدم جواز إصدار قوانين ناظمة للحقوق والحريات تتعارض جوهر هذه الحقوق، وهذا يتعارض بشكل واضح مع مبدأ سيادة القانون وتعزيز أدوار المجتمع المدني التي أكدت عليها الأوراق النقاشية".


وأوضح عوض أن "نصوص قانون الجمعيات وقانون الشركات والتعليمات الصادرة بموجبهما ما تزال تحد من حرية واستقلالية منظمات المجتمع المدني، وتخضعه لسيطرة المؤسسات الرسمية، وتحول دون قيامها بأعمالها بشكل يمكنها من القيام بأدوارها التنموية المختلفة، ودورها في مراقبة الأداء الحكومي الذي نصت عليه الورقة النقاشية الرابعة، وتتعارض كذلك مع مبدأ سيادة القانون الذي أكدت عليه الورقة النقاشية السادسة، إذ تتعارض هذه السياسات مع نصوص الدستور الأردني".


وأكد أن "على الحكومة والوزراء وأعضاء مجلسي النواب والأعيان الأخذ بعين الاعتبار مضامين وروح الخطاب الملكي الوارد في الأوراق النقاشية، عند تطويرهم للتشريعات والسياسات لكي نعظم الفائدة منها، ونسرع من عملية التحول الديمقراطي نحو بناء دولة حديثة ومستقرة وعادلة".


بدوره، قال رئيس بيت العمال المحامي حمادة ابو نجمة إن "عملية استحداث فرص العمل هي من اختصاص الحكومة بمجملها وبشكل خاص الوزارات والجهات الحكومية المعنية بتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار (صناعة وتجارة، تخطيط، مالية، وتشجيع استثمار…)".


إلا أن أبو نجمة أكد أن "هناك أدوارا عديدة على وزارة العمل القيام بها في مجال التشغيل والتصدي للصعوبات التي يواجهها سوق العمل، وبشكل خاص دورها في المساهمة مع الجهات الحكومية الأخرى في مجالات تحفيز وتشجيع القطاع الخاص على استحداث فرص العمل، وتوفير قاعدة بيانات فعالة للباحثين عن العمل وفرص العمل، وتقديم خدمات التوجيه والإرشاد المهني للباحثين عن العمل".


ومن أدوار وزارة العمل أيضا، وفق أبو نجمة: "تحسين بيئة العمل وفق المعايير الدولية لتكون جاذبة للأردنيين، وتوجيه الباحثين عن العمل لاختيار التخصصات الملائمة لاحتياجات سوق العمل، وتمكينهم من اكتساب المهارات اللازمة لدخول سوق العمل والاستقرار فيه، والتشبيك بين الباحثين عن العمل وأصحاب العمل لإشغال فرص العمل المتاحة، فضلا عن تطوير منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني، وإعطاء دور رئيسي للقطاع الخاص في وضع برامجه وتنفيذها بتمويل حكومي سخي".


وأضاف أنه "يجب على الحكومة تحفيز الذين يعملون في القطاع غير الرسمي للتحول إلى الاقتصاد الرسمي، من خلال تغطيتهم بالحماية القانونية، والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وهذا يتطلب توفير حوافز مناسبة لتشجيع الانتقال، وتوسيع قدرات إنفاذ مراقبة شروط وظروف العمل لضمان شروط العمل اللائق للجميع وتحسين آليات الإنفاذ في وزارة العمل وضبط الانتهاكات والحد منها".


أما فيما يتعلق باستحداث فرص العمل وتوليدها، فبين أبونجمة أن ذلك يتم من خلال عدد من العوامل الاقتصادية المحفزة للاستثمار والنمو الاقتصادي بشكل خاص، وتقع مسؤوليات تحقيقها على الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بالشؤون الاقتصادية، كوزارات التخطيط والصناعة والتجارة، والمالية، والاستثمار، بالإضافة إلى كافة الوزارات والمؤسسات الأخرى بحسب القطاع الذي تشرف عليه، بحيث تصبح سياسات الحد من البطالة من مهام كل منها في إطار استحداث وحدات إدارية خاصة تعنى بهذا الشأن".


ودعا إلى أن تتولى وزارة العمل عملية التنسيق فيما بين تلك الجهات لتضمن توحيد جهودها جميعها لتنفيذ مسؤوليات كل منها وفق ما تنص عليه الإستراتيجيات الوطنية ذات العلاقة، وبشكل خاص الإستراتيجية الوطنية للتشغيل، واستراتيجية تنمية الموارد البشرية.


ورأى أبو نجمة أنه "في النتيجة، ما يهم فعلياً في هذه المرحلة هو إيجاد قاعدة بيانات شاملة ومحدثة لسوق العمل والتغيرات التي حصلت نتيجة الجائحة بشكل خاص، لاسيما من فقدوا وظائفهم والداخلين الجدد إلى سوق العمل كباحثين عن عمل، وبحيث تعكس بالأرقام الدقيقة والشاملة واقع فرص العمل والتشغيل الممكن توفيرها في سوق العمل لهذه الفئات، بالتنسيق المباشر مع القطاعات الاقتصادية المختلفة".


ولفت إلى ضرورة تشكيل لجان قطاعية تضع الحلول اللازمة لمشاكل كل قطاع وتعمل على تنفيذها بما يضمن تمكينه من استحداث فرص عمل جديدة، والحفاظ على الوظائف القائمة فيه.


وأكد أن دور الحكومة يجب أن يرتكز على وضع وتنفيذ سياسات وبرامج فعالة لسوق العمل في مجالات تحفيز وتشجيع القطاع الخاص على استحداث فرص العمل وتحسين بيئة العمل وفق المعايير الدولية، لتكون جاذبة للأردنيين، وتوجيه الباحثين عن العمل لاختيار التخصصات الملائمة لاحتياجات سوق العمل، وتمكينهم من اكتساب المهارات اللازمة لدخول سوق العمل والاستقرار فيه، فضلا عن تطوير منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني وإعطاء دور رئيسي للقطاع الخاص في وضع برامجه وتنفيذها بتمويل حكومي سخي.

اقرأ المزيد:

السياسة الخارجية.. الحكمة ركيزة العلاقات مع المحيطين العربي والدولي

اللجوء السوري.. عقبة التمويل تستدعي تغيير الخطاب مع المجتمع الدولي

مؤسسة ولي العهد.. شباب قادر لأردن طموح

العناية الملكية بالشباب.. دعوات هاشمية نحو التميز والإبداع

الملك يوجه التعليم لتجويد مخرجاته

التوجيهات الملكية تؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة المئوية الثانية

التعليم.. أولوية للنهوض بالأردن والتنمية الشاملة

التعليم العالي.. لا تنمية مستدامة دون تطوير مستمر

استحداث فرص عمل ومحاربة البطالة.. توجيهات ملكية دائمة

الملك يدق ناقوس خطر تبعات التغير المناخي محليا وعالميا

الاهتمام الملكي بالمياه يترجم إلى تغييرات ملموسة

الخدمة المدنية.. تجويد الخدمات استجابة للإصلاح الإداري

اقتصاديون: تحسين معيشة المواطنين بقمة أولويات الملك

زراعيون: الملك يوجه البوصلة نحو حلول الأمن الغذائي