استقالة مفوض "الأونروا" تربك اللاجئين الفلسطينيين.. والاحتلال أول المرحبين

Untitled-1
Untitled-1

نادية سعد الدين

عمان- أحدثت استقالة المفوض العام لوكالة الغوث الدولية "الأونروا"، بيير كرينبول، حالة من القلق والربكة بين صفوف اللاجئين الفلسطينيين، بينما تتجّه الأنظار نحو تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، نهاية الشهر الجاري، لتجديد ولاية الوكالة لثلاث سنوات قادمة، وسط مساعي أميركية وإسرائيلية لتقليص المدة إلى سنة واحدة فقط، توطئة لإلغاء عملها.اضافة اعلان
وقد سارعت سلطات الاحتلال إلى استغلال استقالة كرينبول، التي قدمها أول أمس، في التحريض ضدّ الوكالة والدعوة لعدم تجديد ولايتها لثلاث سنوات قادمة، توطئة لإنهاء وجودها وإسقاط حق العودة.
ولم تخفِ الحكومة الإسرائيلية ترحيبها الحار بإعلان الأمم المتحدة عن قيام كرينبول بتقديم "استقالته الفورية"، وذلك بعدما تم إيقافه عن العمل على خلفيّة تقرير أممي صدر عن لجنة الأخلاقيات وأشار إلى مزاعم تورط مسؤولين كبار بالأونروا في "انتهاكات أخلاقية ومهنية جسيمة"، لتحقيق مصالحهم الشخصية.
وفي أعقاب تنحية كرينبول، ادّعت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن هذا التطور الأخير "يؤكد صحة ما ذهبت إليه بضرورة إجراء تغيير عميق وجذري في أسلوب عمل الوكالة"، وفق مزاعمها، مدعّية أنها "تنظر بخطورة كبيرة إلى المعلومات التي تنشر بشأن لجنة التحقيق، وتدعو إلى الشفافية".
كما ادعت أنه تحت قيادة كرينبول "تصاعد تسييس الوكالة، وتفاقم العجز، وثبت أن أسلوب عملها بهذا الشكل لا يمكن أن يستمر"، مضيفة أن "التنحية هي الخطوة الأولى في القضاء على الفساد، وزيادة الشفافية ومنع تسييس الوكالة".
ودعت خارجية الاحتلال "المجتمع الدولي، لاسيما الدول المانحة، إلى إعادة النظر في التجديد التلقائي لتفويض "الأونروا" بعدما ثبت عقمّه وعدم أخلاقيته أو قبوله"، معتبرة أن الوكالة "جزء من المشكلة وليس الحل، لإدامتها قضية اللاجئين"، وفق مزاعمها.
بدوره؛ زعم السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، داني دانون، إنه "لا يوجد حل إلا بإغلاق الوكالة"، نحو "إسقاط فكرة عودة اللاجئين العبثية عن جدول الأعمال"، على حد تعبيره.
وكان مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أعلن تعيين كريستيان ساوندرز، قائماً بأعمال المفوض العام "للأونروا"، خلفًاً لكرينبول، الذي قرر التنحي، وذلك على خلفية تقرير لجنة الأخلاقيات الذي يشير إلى مزاعم تشمل تورط مديري كبار في "سوء السلوك الأخلاقي، والمحسوبية، والتمييز وإساءة استغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية، وفق مضمونه.
وأشار تقرير سابق للجنة الأخلاقيات في "الأونروا" إلى استغلال كرينبول للنفوذ عبر "الحصول على ترقية سريعة لزميلته، التي تعينت العام 2015 في منصب تم استحداثه لصالحها"، عدا طلب نيل بدلات يومية في أوقات لم يكن موجوداً فيها بمقر الوكالة في القدس"، وفق مزاعم التقرير.
وبعيداً عن ذلك؛ تؤكد الأونروا ضرورة دعم "المجتمع الدولي للعمل الحيوي الذي تقوم به الوكالة في مجالات الصحة والتربية والمساعدة الإنسانية، بوصفه مصدر استقرار في المنطقة المضطربة".
وأكد المتحدث باسم "الأونروا"، سامي مشعشع، أن "30 ألف موظف في الوكالة، تلقوا خبر استقالة المفوض العام بكثير من القلق، لأنها لم تكن متوقعة بحكم معرفتهم بأسلوبه وطريقة تعامله مع الملفات الصعبة، حيث عمل بكل تفانٍ، وخاض معركة شرسة مع الطرف الآخر في العام 2018، و2019".
وقال في تصريح له، إنه "عندما جاءت نتائج التحقيق، ارتأى أن ينأى بنفسه عن سحب الوكالة في تفاصيل التقرير، مع أنه أشار إلى عدم وجود أي انتهاك لأي قضايا فساد أو سوء استخدام الأموال أو تصرفات شخصية."
واعتبر أنها "استقالة ثقيلة في توقيتها وصعبة جداً بالنسبة للجميع، إذ على القائم بأعمال الوكالة الجديد، أن يسير بسفينة "الأونروا" أمام الاستحقاق الكبير، وأهمها موضوع التصويت على تجديد الولاية أواخر الشهر الجاري".
وشدّد على أن "مسألة التحقيقات أثارت، منذ البداية، الكثير من الشكوك لدى اللاجئين، ولكن تجديد الولاية لا يعتمد على الأشخاص، بل على الوكالة ودورها الحيوي كعنصر استقرار بالمنطقة، وبوصفها مؤسسة مهمة جداً في ظل غياب حل سياسي".
وقال إن "الدول تصوت على هذه الأسس، ولا يوجد قلق كبير على تجديد الولاية، وسط محاولات من الطرف الآخر لتغيير تجديد الولاية لسنة واحدة، بدلاً من ثلاث سنوات، إلا أنها لن تنجح، أسوة بمصير المحاولة الهزيلة لإعادة تعريف اللاجئ، وتقليل عدد اللاجئين".
واعتبر مشعشع أن التحدي الأكبر الآن يكمن في الدعم المالي للوكالة، وأهمية أن "تتقدم الدول المتبرعة لتغطية العجز المتبقي صوب رسم السياسات المالية طويلة الأمد لعام 2020، بوصفه موضوعاً أساساً يتوجب مناقشته على أطراف المحادثات المتصلة بتجديد تفويض الوكالة".
من جانبها؛ اعتبرت "حماس" أن التطورات الأخيرة في الأونروا "مقلقة وتعزز التخوفات الموجودة عند الكثيرين حول المؤامرة التي تستهدفها، والتفويض الممنوح لها بضغط أميركي-صهيوني".
وأوضحت أن تنحي كرينبول عن منصبه بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، على خلفية التحقيقات التي لم تصدر نتائجها حتى الآن، جاءت في وقت حساس جداً، نظير تزامن الإقالة مع المداولات الجارية في الجمعية العامة لتمديد التفويض للأونروا لثلاث سنوات جديدة، "فالتوقيت غير بريء"، بحسبها.
وقال عضو مكتب العلاقات الدولية في "حماس"، باسم نعيم، إن "الأمم المتحدة وإدارة الأونروا مطالبة بالشفافية المطلقة في التعامل مع الموقف، وإطلاع أصحاب الحق الأصليين، والمقصود بهم الفلسطينيون، حول التفاصيل الكاملة لهذه التطورات".
وقال إن "الأونروا تمثل انعكاساً للإرادة السياسية الدولية لمساندة اللاجئين الفلسطينيين، حتى ينالوا كامل حقوقهم بالعودة والتعويض".
وأكد نعيم أن الشعب الفلسطيني "لن يقبل بنكبة ثانية، بعد التهجير القسري العام 1948، ورفع الغطاء القانوني والسياسي عن اللاجئين من خلال فكفكة الأونروا أو تغيير تفويضها".