اعتصام ذاتي مع الشكر

أحيانا يذهب ببعضنا الخيال الى صورة أكثر جمالا والتزاما من كل طرف بعمله وواجبه، ونتخيل كيف يكون حال بلادنا لو أن كل جهة تقوم بدورها. ويقفز هذا السؤال إلى الذهن ونحن نرى كمية الاعتصامات التي شهدها الاردن خلال عام مضى، وكلها موجهة ضد الحكومات تطالبها بأداء واجبها، وهذه الاعتصامات عمل سلمي مشروع ومن حق أي فئة ترى أن لها حقا أن ترفع صوتها إلى الحكومة حتى يتم التصحيح.

لنوجه اللوم لأي حكومة تقصر في أداء واجبها، ولينظم من شاء اعتصاما أو يستعمل الإعلام لإيصال صوته؛ لكن إلى جانب هذا فإن الواجب أن نسأل أنفسنا عن أدائنا لأدوارنا أم نحتاج إلى من يعتصم ضدنا حتى يذكرنا بواجبنا!! وسأبدا الأمر بتقصير جهات عديدة وكثيرة في القطاع الخاص التي قد يقود بعضها من يخرج في مسيرة أو اعتصام؛ هل قامت بدورها تجاه موظفيها بزيادة رواتبهم على الأقل بذات المبلغ الذي وصل للعاملين في القطاع الحكومي؟

وهل يمكن لأصحاب المدارس الخاصة سواء من كانوا في النقابة أم خارجها أن يجتمعوا ولو لمرة واحدة ليقرروا أن يكونوا منصفين لأولياء الامور الذين هم مواطنون، وعدم وضع أي زيادة على الأقساط إلا عند الضرورة، وأن يتم إنصاف العاملين في هذه المدارس وإعطاؤهم حقوقهم تماما مثلما يهتف السياسيون والنقابيون من أصحاب المدارس مطالبين بحقوق الناس؟

وهل يمكن للتجار أو بعضهم ممن يزيدون الأسعار ويستغلون أي ظرف أن يتوقفوا عن هذا، ويدركوا ان من يزيدون عليه الأسعار هم أبناء حارتهم وجيرانهم وأن الزيادة على أي سلعة تفتح الباب لسلسلة زيادات على كل شيء؟

وهل يمكن لسائق السرفيس الذي لا يصل لنهاية الخط ونسمع بحقه الشكوى على الإذاعات، أن يتخيل نفسه مواطنا يركب بالأجرة، وماذا لو كان عائدا لبيته مع زوجته ومعه مجموعة أكياس وتم إنزاله في منتصف الطريق أو رفض السائق تحميله من المجمع؟

وهل يمكن لكل موظف أن يفكر بإنجاز معاملات الناس بأقل زمن ممكن، ويدرك أن من يأتيه مراجعا لديه أعمال والتزامات، وأن كل تأخير بلا مبرر يحمله عناء؟ وهل يمكن لأي مسؤل أن يقف في الميدان ويقترب من الميدان لمنع تراكم المشاكل وللحد من أي تراكم في النفوس تجاه الدولة، وأن يتفقد موظفيه ويقترب من مشكلاتهم ومطالبهم؟

وهل يمكن أن يؤدي كل معلم واجبه كاملا وأن يجعل الطالب يخرج من الحصة مكتمل الفهم من دون الحاجة إلى دروس خاصة، وبخاصة أن المعلم في الصف المدرسي هو ذاته في الدرس الخصوصي لكن الفرق في الأسلوب والروح؟

اضافة اعلان

ما سبق ليس للحصر بل هي أمثلة قليلة؛ لكن السؤال يلاحق كل منا: هل يمكن لكل أردني أو مؤسسة أو شركة أو إدارة أو وزارة ان تؤدي واجبها وأن تقدم ماعليها تجاه رعاياها وموظفيها، وعندها من المؤكد أن الكثير من المشاكل التي نسمعها من الناس أو نجدها في الإذاعات والصحف والمواقع والمجالس ستجد طريقها للحل.

[email protected]