ضيوف الغد

اقتصادنا ونشرتنا الجوية أمام أصحاب القرار

الدكتور قاسم الطراونة*

النشرة الجوية وخاصة في فصل الشتاء تعتبر عنصرا أساسيا في حياة وحركة الناس وسفرهم والتخطيط لبرامجهم اليومية سواء الاقتصادية أو الاجتماعية. إن خطأ ما في النشرة الجوية ربما يتسبب بخسائر اقتصادية فادحة خاصة عندما يتعلق الموضوع بحالة الثلوج من عدمه.
نعرف عن حالات كثيرة تم الحديث فيها عن حالات ثلجية ولم تحصل نتج عنها خسائر فادحة، جراء تهافت الناس على شراء مواد كالخبز والغاز وغيرها. وتقوم محطات تلفزيونية تروج لمواقع طقس غير مهنية، علما أن هناك جهة رسمية مسؤولة عن حالة الطقس وهي دائرة الأرصاد الجوية، فلماذا يتم الترويج لهذه المواقع على حساب دائرة علمية توارثت هذا العمل. لقد قامت الحكومات المتعاقبة على تقليص من نفقات دائرة الأحوال وصولا الى تقزيم دائرة حكومية وهي دائرة الأرصاد الجوية ذات الطابع العلمي حيث تم تحويلها إلى مديرية في وزارة النقل، أي اقتصاد تتحدث عنه الحكومة إذا أوسدت الأمر إلى مواقع للهواة تصل نشراتها عبر قنوات مرخصة رسميا إلى فئة كبيرة من الشعب.
عندما يتحدث أصحاب القرار عن الاقتصاد وذلك عن طريق اقصاء دائرة الأرصاد الجوية عن المشهد، نقول لهم إن النشرة الجوية تعتبر جزءا من الاقتصاد الزراعي ومرتبطة بسلوك وحركة الناس في الأسواق ومشترياتهم ولباسهم وازيائهم ومناسباتهم وافراحهم واتراحهم وتوقيت مهرجاناتهم وسياحتهم كل هذا مرتبط بالنشرة الجوية. هذا هو الاقتصاد يا أصحاب القرار.
ما دفعني للحديث عن هذا الموضوع، هو النشرة الجوية التالية ذات المحتوى الثقافي والعلمي الفارغ والتي تعبر عن المستوى المتدني للنشرة الجوية عندما يتحكم بها الهواة تقول هذه النشرة: (كتلة هوائية قطبية تندفع الى بادية الشام وتجلب معها الثلوج) هذه النشرة الجوية تنشر يوم السبت 19 كانون الثاني (يناير) الحالي، على شريط إحدى القنوات الفضائية وقد التقطت لها صورة لتوثيقها حتى لا نتجنى على القناة أو نتجنى على أحد. إن الموقع الجغرافي لبادية الشام يمتد من شمال السعودية ومناطق شرق الأردن وغرب العراق إلى جنوب سورية وهي تقع إلى الشرق من سلاسل الجبال التي تقع شرق حفرة الانهدام.
يبدو ان هذه الكتلة القطبية مع ثلوجها ستقفز فوق المناطق الجبلية وسهولها لتذهب هذه الثلوج إلى بادية الشام بدون أن تتأثر المناطق الجبلية بها ، هذه نشرة على رأي هذا الموقع الذي يدعي أنه متخصص بالطقس والتنبؤات الجوية. أولا :على المستوى العلمي منطقة بادية الشام معدل أمطارها يتراوح ما بين 50 إلى 120 ملم سنويا ونادر جدا ما تتأثر هذه المنطقة بالثلوج. ثانيا : كيف ستتاثر مناطق البادية بالكتلة القطبية دون أي ذكر للمناطق الجبلية. اما على المستوى الثقافي يبدو أن كاتب النشرة الجوية يعتبر أن كل بلاد الشام هي مناطق بادية. واترك للقارئ الكريم وأصحاب القرار أن يعرفوا إلى أين وصلت النشرة الجوية من حيث المحتوى العلمي، وإلى أي مدى يتم الاستهتار بالآثار على المواطن والخزينة ومن ناحية أخرى على المواطن ايضا أن يعرف من أين يأخذ معلوماته المتعلقة بالطقس.

*استاذ مشارك في هندسة الأرصاد الجوية

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock