الأردن.. الإصدار الأول للصكوك الإسلامية السيادية

غسان الطالب*

في خطوة جديدة للبنك المركزي الأردني  فقد أعلن عن طرح الأصدار الأول من صكوك التمويل الإسلامي السيادية  لصالح  «الشركة الأردنية للصكوك الإسلامية لتمويل المشاريع الحكومية ذات الغرض الخاص « وهي شركة مملوكة بالكامل للحكومة، اسست لهدف اصدار الصكوك الإسلامية السيادية فقط ولصالح الحكومة حجم الأصدار الذي أعلن عنه البنك المركزي من هذه الصكوك الصكوك يبلغ 34 مليون دينار أردني، استحقاق لأجل خمس سنوات اعتبارا من تاريخ 17 تشرين الأول (اكتوبر) 2016 وتستحق بتاريخ 17 تشرين الأول (اكتوبر) 2021، بصيغة عقد الإجارة المنتهية بالتمليك، بعد الحصول على موافقة مجلس مفوضي هيئة الاوراق المالية وهيئة الرقابة الشرعية المركزية، وتأتي هذه الخطوة بعد النجاح في الأصدار الأول من الصكوك الإسلامية والذي كان لصالح شركة الكهرباء الوطنية بضمان الحكومة بقيمة 75 مليون دينار .اضافة اعلان
الصناعة المصرفية الإسلامية في الأردن بدأت تشق طريقها بقوة وتأخذ مكانتها في السوق المصرفي المحلي وتستحوذ على حصة لا يستهان بها من هذا السوق. وخاصة بعد الاصدار الأول لصالح شركة الكهرباء الوطنية والإصدار الأول من الصكوك السيادبة لصالح الحكومة، ولكون الصكوك الإسلامية تعد كأداة تمويل بديلة للسندات التي تمثل دينا على الجهة المصدرة لها إضافة إلى خضوع اصدارها لسعر الفائدة والذي يتنافى مع احكام الشريعة الإسلامية.
آراء متعددة ومفاهيم مختلفة تطُرح بين الحين والاخر حول الصكوك الإسلامية السيادية واهميتها للاقتصاد الوطني، جميعها جديرة بالتوقف عندها كونها تضيف عمقا فلسفيا واقتصاديا في موضوع التعامل مع هذه الصكوك، فمنها من يقول بانها عبارة عن خصخصة مؤقتة للمشروعات، أي «ملكية لأجل، بمعنى أن الصكوك السيادية تعد خصخصة مؤقتة للمشروعات، أو بناء مشروعات جديدة تمكن من التوسع في بناء مشروعات البنى التحتية، خصوصا الطرق والجسور والمباني العامة « كما شاهدنا سابقا بعض التجارب الدولية الناجحة في مجال تمويل المشروعات العامة من خلال الصكوك الإسلامية، مثل: مطار دبي، والجسر الواصل بين أوروبا وآسيا عبر الأراضي التركية».
توقفنا مطولا عند هذا المفهوم والذي هو وسيلة منطقية وعملية للمحافظة على المؤسسات الوطنية الانتاجية والتي يمكن ان ترفد الاقتصاد الوطني بإمكانات مادية تساعدة على تجاوز الاختناقات المالية التي تواجه الدولة احيانا بسبب خصخصة العديد من المشاريع العامة والتي كانت بحاجة إلى إمكانات مادية لتحافظ على بقائها واستمرارها، فكان بالإمكان الاعتماد على الصكوك الإسلامية السيادية كملكية مؤقتة لحملتها لانقاذ هذه المشاريع والمؤسسات بدل خصخصتها بالكامل والذي يعني خروج الدولة من ملكية هذه المؤسسات كما حصل في العديد منها في السنوات السابقة، هذا من جانب ومن جانب آخر يمكن الاعتماد عليها أي الصكوك الإسلامية السيادية  في اقامة المشاريع التنموية المستدامة مثل مشروعات البنية التحتية خاصة الطرق والجسور والمطارات حيث تجارب العديد من الدول في هذا المجال اثبتت نجاحها.
يتضح لنا أهمية الصكوك الإسلامية وخاصة السيادية منها لبلد يحتاج إلى المشاريع التنموية بطرق تمويلية فاعلة مثل الأردن ليس لديه موارد اقتصادية كافية وهو بحاجة لتوفير التمويل المناسب لمشاريع البنية التحتية مثل الطرق والجسور والمباني العامة، والجانب المهم في ذلك هو بالامكان مراجعة بعض خطط الخصخصة للمشاريع الوطنية الكبرى او التي تمت خصخصتها ومازالت الدولة موجودة في ملكية رمزية فيها، هنا تأتي أهمية الصكوك السيادية الإسلامية في تلبية الحاجات التمويلية وبالاعتماد كذلك على المدخرات الوطنية والاستفادة منها بشكل فاعل بدل الاعتماد على مؤسسات التمويل الأجنبية التي تمثل الاستدانة منها عبئا على الاقتصاد الوطني وزيادة في المديونية الخارجية وخدماتها، لكن تبقى الدولة في النهاية هي مالكة المشروع ويبقى النفع العام للمجتمع، فالخصخصة المؤقتة عامل محرك وفاعل للاقتصاد الوطني، بينما الخصخصة الكاملة والتي تعني البيع الكامل للمشاريع الوطنية لابد وان تفضي الى خسائر مادية على المدى الطويل يتحمل عبئها الاقتصاد الوطني. 
في هذا الاصدار الجديد تكون الحكومة قد اعطت الضوء الأخضر لمؤسسات القطاع الخاص للدخول إلى صناعة الصيرفة الاسلامية وخاصة اصدار أو اقتناء الصكوك لما تمثله من  فرصا رائدة للاستثمار وتوظيف للسيولة المعطلة، وتعتبر كذلك أداة ادخار واستثمار مجدية تسهم مما لا شك فيه في تحسين قدرة البنوك والمؤسسات الوطنية وخاصة الإسلامية على ادارة سيولتها بكفاءة وفعالية أكبر.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي