معاذ دهيسات
بحسب دراسة للمجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني والتي حملت عنوان مكافحة المخدرات في الأردن: إطار إستراتيجي للسياسات العامة، ترى الدراسة أن الأردن حافظ على مدى عقود طويلة على معدلات انتشار محدودة للمخدرات وبقي الأردن يصنف على أنه منطقة عبور لتجارة المخدرات إلا أن البلاد شهدت في السنوات الأخيرة وتحديداً (2013 – 2018) زيادة كبيرة في تجارة وتعاطي المخدرات وبأنواع مختلفة مع ظهور مستوى من تركيب بعض الأنواع محليا والتي يتم تهريب المواد الأساسية لها من الخارج وخلطها بالتبغ المحلي.
وبالعودة لأرقام مكافحة المخدرات الأردنية في الفترة بين 2017 / 2019، نجد أنه تم ضبط 3300 كيلوغرام حشيش مخدر و81 مليون حبة كبتاغون و3 كيلوغرامات من الكوكايين و106 كيلو هيرويين و4 كيلو من مادة الكريستال و22 ألف كيس من مادة الجوكر الصناعي و240 كيلوغراما من الحشيش الصناعي.
جهد أمني جبار تضاعف نتيجة التدفقات البشرية الكبيرة الناتجة عن احتضان الأردن لعدد كبير من اللاجئين، وظهور المركبات الكيميائية مثل ظاهرة الجوكر حيث تشير الإحصاءات بهذا السياق إلى أن ما نسبته 55 ٪ من قضايا المخدرات في الأردن تعود لمادة الحشيش الصناعي الجوكر.
ولعل أخطر ما في تقارير المخدرات الرسمية المحلية هو نسبة الخمسين في المائة من الذين ضبطوا بقضايا مخدرات العام 2018 والمصنفون ضمن الفئة العمرية بين 18 – 24 عاما وهذا يعني أن من يدير حرب الأفيون ضد الأردن يعي جيدا أي فئة يستهدف وهم مقتل في رأس المال البشري للدولة.
وبتشريح أسباب تضاعف منتوج المخدرات سوقياً نجد أن السبب الرئيسي يعود لانفلات الوضع الإقليمي في فترة ما بعد الربيع العربي حيث لم يكتف الرعاة الإقليميون وأمراء الحرب بتصعيد منظومات الإرهاب الدولي إلى جغرافيا المنطقة بل تم تحويل دول الفوضى إلى مراكز إنتاج وتصدير لمنتوجها من السموم فباتت هذه الكيانات مراكز إنتاج رئيسي للمخدرات.
وبالحفر عميقا نجد أن مناطق النفوذ الإيراني داخل سورية ولبنان هما أهم مصدرين للمخدرات وتحديداً لحبوب الكبتاغون حيث أطاح الأمن الأردني بشحنات وصل بعضها إلى عشرة ملايين حبة وهي من الأرقام العالمية التي أطاح بها نشامى الأمن الأردني في حربهم الضروس ضد هذه الآفة ومن يديرها.
ويعتمد حزب الله الممول إيرانيا على المخدرات كأحد أهم مصادر دخله وليس سراً ما كشفته صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية في حزيران / يونيو من العام 2016 حول قيام حزب الله اللبناني بنقل كميات كبيرة من الكوكايين من أميركا الجنوبية إلى أوروبا بهدف تمويل عملياته ومخططاته.
وبحسب تقرير مركز العقوبات والتمويل غير المشروع المنشور في سبتمبر / أيلول 2017 نجد أن الحكومة الفنزويلية تأتي ثانياً من حيث التمويل لحزب الله بعد إيران وذلك من خلال تسهيل تجارة الحزب للمخدرات.
ويمكن رصد نشاط الإنتاج في منطقتي بعلبك والهرمل الخاضعتين لنفوذ حزب الله حيث زراعة وتأمين مصانع المخدرات.
وفي سياق مواز يعتبر الأردن هدفا إستراتيجيا لمافيات المخدرات للإطاحة بالنظام الأمني فيه، فالأردن يعتبر ممرا بين دول الإنتاج لبنان وسورية من ناحية ودول الاستهلاك، السوق الخليجي، ونظراً لرفضه أن يكون جزءا من اللعبة القذرة فيواجه بحرب إقليمية خفية لإسقاط منظومته الأمنية منها محاولة المنظمات الإرهابية جعل صحراء الأردن الشرقية مكان تخزين للربط بين الأردن وإسرائيل والشق الإفريقي في خطوط المعادلة، معادلة الإرهاب والسموم التي تتم برعاية أجهزة دول إقليمية وإسقاط الأردن أمنياً هو أحد أهم أهدافهم الإستراتيجية.