الأردن وقانون قيصر

مع دخول قانون قيصر الأميركي للتنفيذ الفعلي منتصف الشهر الماضي، تكون العلاقات الاقتصادية الأردنية السورية قد دخلت منعطفا جديدا غير قابل للرجوع إلى الوراء.اضافة اعلان
القانون الجديد يفرض عقوبات كبيرة على كُل جهة تتعامل مع جهات معينة لدى النظام السوري، مما يعني عقوبات مباشرة على الاقتصاد الأردني الذي يرتبط بعلاقات اقتصادية استراتيجية قبل الحرب مع الاقتصاد السوري.
قبل الحرب في سورية كان الاقتصاد السوري يعتبر الشريك التجاري رقم 3 للأردن، بحجم تبادل تجاري يتجاوز الـ500 مليون دولار.
لكن الأمر في العلاقة الاقتصادية الأردنية السورية لا يقتصر على الرقم السابق، فالمملكة اليوم تحتضن ثاني اكبر تجمع للاجئين السوريين في العالم بعدد يناهز الـ1.3 مليون سوري يعيشون في المملكة، واكثر من نصفهم خارج اطار مخيمات اللاجئين، أو بالأصح يقطنون في المدن والمحافظات جميعها دون استثناء.
هذا الأمر رتب ضغوطات كبيرة على الاقتصاد الأردني الذي تحمل تبعات اللجوء السوري على أراضيه، وشكل ضغوطا كبيرة على ميزانياته السنوية التي تفاقم العجز المالي فيها ووصل إلى مستويات مقلقة بسبب الإنفاق الزائد والطارئ والاستثنائي والذي تجاوز في بعض السنوات المليار دينار، بالمقابل كان هناك خذلان دولي تجاه الالتزام بتعهداته المتعلقة بدعم اقتصاديات الدول المستضيفة للاجئين، وهذا تسبب في ازدياد الأزمة الاقتصادية والمالية على المملكة.
قانون قيصر سيزيد من الضغوطات على الاقتصاد الأردني، في حين ان حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يتجاوز الـ80 مليون دولار في افضل حالاته، لكن تبقى النافذة السورية فرصة كبيرة للصادرات الصناعية الأردنية، فهناك جانب تاريخي واستراتيجي في الأمر لا يمكن تجاهله.
ما يحدث في سورية حدث قبل ذلك في العراق بعد حرب الخليج 1990، حيث تم فرض عقوبات اقتصادية على العراق الذي بات محاصرا من جميع الجهات والمنافذ، لكن الأردن استطاع ان يحصل على استثناء كبير من هذا الحصار واخترق الأسواق العراقية لسنوات طويلة وبات الشريك الاقتصادي الأول بحجم تجاري ناهز الـ1.3 مليار دولار في العام الواحد، وذلك من خلال عمليات تبادل النفط مقابل الغذاء وتأسيس ما يعرف وقته بـ"البروتوكول الاقتصادي" بين البلدين، والذي ساهم جليا في النهوض بالقطاع الصناعي الوطني، فالجميع يعلم ان غالبية المنشآت الصناعية في مدينة سحاب الصناعية أسست خصيصا لتعرض التصدير للسوق العراقية وفق الآليات السابقة.
القطاع الخاص الأردني يتطلع بقوة وشغف لحصول المملكة على استثناء خاص من تطبيقات قانون قيصر على سورية النافذة الشمالية للمملكة، وان يحصل المصدر الأردني على وضع خاص يسمح له بالانتقال والتصدير لسورية في مجالات إنسانية معينة تكون رافدا ومساعدا له على تجاوز تحديات الحصار وتداعيات الحرب هناك، وتخفف من الضغوطات الاقتصادية عليه في المملكة.