الأردن ونظام الأسد واحتمالات ضرب إيران

منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في سورية، كان لدى الجانب الرسمي الأردني قناعة بأن حكم بشار الأسد ليس مرشحا للسقوط بالسرعة التي يعتقدها البعض، لسببين رئيسيين: الأول، عدم استعداد القوى الدولية الفاعلة، وفي المقدمة منها أميركا، لعمل عسكري ضد النظام السوري على غرار ما حصل في ليبيا. والخيار البديل بالنسبة لهذه القوى هو تشديد العقوبات الاقتصادية على دمشق. وقد بدأت هذه العقوبات تؤتي أكلها بالفعل، ونزع الشرعية الدولية والأخلاقية عن النظام لعزله داخليا وخارجيا. والسبب الثاني، اعتماد النظام على قاعدة اجتماعية وطائفية ما تزال تسانده حتى الآن، إضافة إلى الانقسام الحاصل في صفوف المعارضة في الداخل والخارج.اضافة اعلان
وفي لقاء مع وفد أعضاء الكونغرس الأميركي الذي زار عمان مؤخرا، نُقل عن مسؤول أردني رفيع المستوى قوله لأعضاء الوفد: "بشار الأسد سيبقى معنا في العام 2012".
هذا الموقف لا يعكس بالضرورة تعاطفا رسميا مع نظام الأسد، وإنما تقييما واقعيا من وجهة نظر الأردن لميزان القوى في سورية. لكن هناك أطراف عربية على صلة وثيقة مع الجانبين التركي والأميركي لا تشارك الأردن رأيه، وتعتقد أن سقوط النظام السوري أمر حتمي قبل نهاية العام الحالي.
بيد أن مسؤولين عربا وخليجيين زاروا عمان في الأسابيع الماضية أكدوا لمضيفيهم أن تغييرا جوهريا حدث على أجندة القوى الدولية تجاه المنطقة، وستكون الأولوية في المرحلة القصيرة المقبلة هي التعامل مع إيران. وبدا أن هؤلاء المسؤولين على ثقة تامة من أن إيران ستتلقى ضربة عسكرية في غضون شهرين من الآن.
سيكون لمثل هذا السيناريو إذا ما وقع تداعيات كبيرة على المنطقة، يشعر الأردن بثقلها من الآن. ويسود الاعتقاد لدى الأطراف "الواثقة" من حصول الضربة، بأن نظام الأسد في سورية سيكون أكثر المتضررين من إضعاف إيران التي تعد الحليف الاستراتيجي له، ولا تبخل عليه بكل دعم ممكن.
ويمكن في هذا السياق قراءة التحذيرات الأميركية والغربية لإيران في حال أقدمت على إغلاق مضيق هرمز كما هددت من قبل، وتطمينات عضو في الكونغرس الأميركي بأن السعودية ستتكفل بتعويض حصة إيران من النفط إذا ما توقفت الأخيرة عن الضخ للسوق العالمية.
لكن شكوكا قوية تحوم حول قدرة الاقتصاد الغربي الغارق في أزمة عميقة على تحمل التداعيات المترتبة على حرب في المنطقة، وصفها أحد المسؤولين الإسرائيليين بأنها ستكون حربا كونية.
الأردن لن يكون على الصعيدين السياسي والاقتصادي بمعزل عن هذه التداعيات، وقد يجد نفسه في لحظة من اللحظات وسط ميدان حرب لا يعرف مداها ولا نتائجها.
صحيح أن النظام السوري لن يصمد بعد تدمير إيران، لكن أحدا لن يكون بمقدوره التنبؤ بالتغييرات التي ستشهدها المنطقة.

[email protected]