الأردن يقبل 131 توصية ويرفض ضمنيا 74 باستعراض جنيف لحقوق الإنسان

رئيس الوفد الرسمي باسل الطراونة خلال الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في جنيف مؤخرا-(أرشيفية)
رئيس الوفد الرسمي باسل الطراونة خلال الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في جنيف مؤخرا-(أرشيفية)

هديل غبّون

عمّان- قبلت الحكومة رسميا، أمس، 131 توصية وجهتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، يوم الـ8 من الشهر الحالي خلال الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، من أصل 226 توصية، وبما نسبته نحو 58 %، شريطة أن  خضع 21 توصية منها للدراسة، فيما أبدى الأردن علما بـ74 توصية، ما يعني "رفضها ضمنيا". اضافة اعلان
وأنهت لجنة "الترويكا" مع الوفد الرسمي الأردني في جنيف الصيغة النهائية للتوصيات، أول من أمس، فيما توافقت ردود فعل تحالفات مجتمع مدني حيال نسبة التوصيات المقبولة وغير المقبولة، قياسا على الاستعراض الماضي.
ومن أبرز التوصيات التي أخذ الأردن علما بها دون إبداء الموافقة عليها أو حتى الدراسة، التوصية المتعلقة بالتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (مكررة عشرات المرات)، وتعديل قانون العقوبات بحيث يتوافق تعريف التعذيب مع اتفاقية مناهضة التعذيب، والكف عن محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية، وإنشاء هيئة إشراف مستقلة لمعالجة ادعاءات إساءة استخدام قوات الأمن،
إلى جانب عدم الموافقة على حصر اللجوء إلى محكمة أمن الدولة على القضايا الجنائية التي تدخل في اختصاص المحاكم المختصة الأخرى، ووضع حد لاستخدام الاحتجاز الإداري أو إصدار تشريع يضمن الوصول إلى محام من نقطة الاعتقال.
ومن بين التوصيات غير المقبولة، التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حول إلغاء عقوبة الإعدام وإعادة فرض الوقف الاختياري لعقوبة الإعدام (مكررة)، والتوصية بالنظر في الانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ومن ضمن التوصيات المكررة غير المقبولة أيضا، التصديق على صكوك حقوق الإنسان التي لم يصبح الأردن طرفاً فيها بعد، ولا سيما اتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (مكررة)، والتصديق على اتفاقية العام 1954 المتعلقة بمركز الأشخاص عديمي الجنسية واتفاقية 1961 المتعلقة بتخفيض حالات انعدام الجنسية، والمصادقة دون أي تحفظات على اتفاق امتيازات المحكمة الجنائية الدولية وحصاناتها.
ومن ضمن التوصيات "غير المقبولة" أيضا، تعزيز التشريعات الرامية إلى حماية الأطفال والفتيات من زواج الأطفال وتعديل المادة 10 من قانون الأحوال الشخصية لإزالة جميع الأحكام التي تسمح بتخويل زواج الأطفال وممارسته، وإزالة كل الظروف الاستثنائية على السماح بزواج الاطفال (مكررة).
وعلى مستوى حريات التعبير، لم يقبل الأردن التوصيات المتعلقة باحترام حق الصحفيين في التعبير عن طريق تقييد محاكمة الصحفيين "لجرائم النشر" المنصوص عليها في قانون العقوبات على المحاكم المدنية، أو تعديل المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية، وتضييق نطاق تعريف خطاب الكراهية من خلال إلغاء تعريف "خطاب الكراهية" من التعديلات المقترحة على قانون الجرائم الإلكترونية، وإلغاء العقوبات الجنائية لتشويه السمعة في التعديلات المقترحة لتكون أكثر انسجاما مع القانون الدولي لحقوق الإنسان (مكررة).
كما لم يقبل الأردن مواصلة الجهود في تقديم تعديلات على قانون الاجتماعات العامة عن طريق إنشاء مكتب مستقل لتلقي الشكاوى المتعلقة بالاجتماعات، وإلغاء قانون الجمعيات. 
ولم يوافق أيضا على التوصيات المتعلقة بإلغاء المادة 340 من قانون العقوبات، وضمان استيفاء تعريف الاغتصاب للمعايير الدولية، والقضاء على الاعتراف بالأوصياء القانونيين على النساء البالغات.
وكذلك التوصيات المتعلقة بإلغاء قانون منع الجرائم (القانون رقم 7 لعام 1954)، و"مواصلة إحراز تقدم في إصلاح القانون الجنائي من أجل إلغاء الأحكام المخففة على جرائم القتل المتصلة بالزنا" .
ومن أبرز التوصيات المرفوضة المتعلقة بحقوق المرأة، إدخال المزيد من الإصلاحات لمساواة المرأة بالرجل في المادة 6 من الدستور، وكذلك نقل جنسيتها إلى أبنائها، وضمان التنفيذ الكامل لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). 
ومن التوصيات غير المقبولة أيضا، "مواصلة الجهود من أجل الإدماج الاجتماعي والدعم الكافي للرعاية للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء ومواصلة تدابير الإصلاح لضمان رفاه جميع العمال المهاجرين".
بالمقابل، أعلنت الحكومة إخضاعها لـ21 توصية للدراسة، من أبرزها دراسة تعديل القوانين المتعلقة بالمعلومات وتنقيح وتعديل المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية وخطاب الكراهية، واعتماد تشريع وطني شامل يحظر التمييز العنصري، وإعادة تعريف جريمة التعذيب، وتعديل المادة 208 من قانون العقوبات لجهة تصنيف التعذيب على أنه من الجرائم الخطرة، وتشكيل لجنة من الخبراء المستقلين في إدخال التعديلات والتشريعات والمؤسسات ذات الصلة بالاعلام، والحد من استخدام الاحتجاز الاداري، وزيادة عدد الملاجىء للضحايا القائمين على العنف المتعلق بجرائم الشرف، وتعديل قانون محافحة الارهاب بما ينسجم مع العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية .
ومن بين التوصيات التي ستخضع للدراسة أيضا، تعديل قانون العمل والسماح للأجانب بإنشاء نقابات عمالية.
وعلى مستوى حرية التعبير، فقد أخضعت المملكة التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قوانين الصحافة والمطبوعات والنشر والجرائم الالكترونية للدراسة، وكذلك تعميق التدابير المتعلقة بضمان مبدأ عدم الإعادة القسرية، والاستمرار في ضمان وصول عاملات المنازل المهاجرات إلى العدالة بفاعلية وضمان سلامتهن وإقامتهن، إضافة إلى مراجعة التشريعات وإجراءاتها ضمن تمكين "المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين من ممارسة حقوقهم في التعبير بحرية ، سواء على الانترنت او الجمعيات او التجمع السلمي ، على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي الانساني".
وفي هذا السياق، رأى الخبير الحقوقي رياض صبح أن نسبة التوصيات المقبولة للمراجعة للعام 2018 "شهدت تراجعا قياسا على نسبة التوصيات المقبولة في 2013".
وقال معلقا على صفحته على "فيسبوك"، إن نسبة التوصيات "المقبولة بالعام 2013 بلغت 73 %، ما يعني أن هذا مؤشر على تراجع قبول الحكومة لحقوق الإنسان".
من جهته، قال الناطق الإعلامي باسم التحالف المدني (6 تحالفات) أحمد عوض "إن قبول الحكومة بـ58 % فقط من التوصيات التي قدمت لها خلال جلسة الاستعراض في جنيف، تشير الى عدم وجود نوايا حكومية لتحسين حالة حقوق الانسان في الاردن".
وأضاف، لـ"الغد"، إنه كان متوقعا من حكومة عمر الرزاز "أن ينعكس خطابها الإيجابي في مجال تحسين حياة الاردنيين، على قبول أكبر قدر ممكن من التوصيات"، مؤكدًا أنه "تفاجأ لعدم قبول بعض التوصيات العادية مثل تلك المتعلقة بوقف زواج الاطفال وتعديل تشريعات العمل وفق معايير العمل الدولية".
وكانت الحكومة قبلت 126 توصية من أصل 173 في الاستعراض الدوري الشامل العام 2013، فيما أوضح الخبير الحقوقي كمال المشرقي أن نسبة قبول التوصيات في استعراض 2018 بلغت 58 % وفق تقديرات أعدها مجلس منظمات حقوق الانسان الأردني".
وقال "شاركت نحو 98 دولة في مناقشات استعراض الاردن 2018، فيما كانت قد شاركت 75 دولة في مناقشات 2013"، مضيفا أن نسبة القبول تبدو متقاربة للتوصيات، بحكم زيادة عدد المشاركة وزيادة عدد التوصيات.
وفيما رأى المشرقي أن الزيادة تعتبر في أحد جوانبها إيجابية، لزيادة الاهتمام من جانب الدول الأعضاء بتقرير الأردن، قال "إن بعض التوصيات التي أخذ الأردن علما بها، بما يعني (رفضا ضمنيا)، تعتبر مؤشرا سلبيا على تقدم حالة حقوق الإنسان، خاصة أن بعض هذه التوصيات تتعلق بمناهضة التعذيب، وحقوق المرأة".
وتابع أن هناك هامشا من العمل لا يزال متاحا لجهة دفع التوصيات "تحت الدراسة"، والبالغة 21 إلى القبول، حيث من الممكن الإعلان عن قبولها في موعد الدورة العادية لمجلس حقوق الانسان في آذار (مارس) المقبل، مضيفا أن هامش المناورة بين المجتمع المدني والحكومة سيبقى متواصلا لتحقيق ذلك.
وبحسب قراءة مجلس منظمات حقوق الانسان الأردني، فإن نسبة التوصيات المقبولة وقيد الدراسة معا، بلغت 67 %، مقابل 9 % من التوصيات هي قيد الدراسة ، فيما بلغت نسبة التوصيات التي أحيط أو أخذ بها علما 33 %.