ضيوف الغد

الأسرى في مواجهة الإرهابَين الكوروني والصهيوني

غادة بدر

يواجه هناك في سجون الاحتلال وضمن 23 سجنا ومركز توقيف إسرائيليين ما يزيد على 5000 أسير فلسطيني خطر الوباء والإصابة بفيروس كورونا المستجد، حيث المعطيات المعيشية الدنيا والمنحصرة بين الاكتظاظ وغياب المعادلة الإنسانية تارة وبين تعاظم سياسة الإهمال الطبي والتحولات العنصرية المترجمة من خلال السياسات والإجراءات المتبعة تارة أخرى.
كان وما زال الاكتظاظ القضية الأشد تعقيدا في المعتقلات الإسرائيلية، فوفقا للقانون الدولي يحظى الأسير الواحد بمساحة قدرها 8 أمتار مربعة، في الوقت الذي يحظى به الأسير الفلسطيني بمساحة 1.8 متر مربع، أي ما هو أقل من ربع المساحة المطلوبة، لم يغب عن الرئيس الإسرائيلي رؤمنين ريفلين الإشارة إلى أهمية تعاونه مع شعوب المنطقة للتغلب على الوباء المتفشّي فقد وصل عدد المصابين حتى كتابة هذا المقال 7428 قضى منهم 40 شخصاـ الأمر الذي يضع الحقيقة المجردة تحت المجهر حيث أن هذا العدد يتضمن 100 عسكري مصاب بالفيروس، في حين أن هناك 3023 عسكريا قيد الحجر الصحي بينهم رئيس هيئة الأركان، وعليه وبحسب المادة 56 من اتفاقية جنيف فإنه يجب على إسرائيل القوة المحتلة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة إلا أن الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها لحماية الأسرى لم تكن في المستوى المطلوب ولم تلب الحد الأدنى من حالة الاستنفار المطلوبة حيال الوضع الراهن داخل المعتقلات فقد تم إثبات الإصابة بالفيروس لسجانين تعاملوا مع الأسرى وخالطوهم في سجن عوفر ونتسيان الرملة وعزل سجن عسقلان، من جانب آخر فإن التدابير المتخذة الآن تشكّل تهديدا حقيقيّا على الأسرى حيث يدخل السجانون 5 مرات يوميا بين التعداد والفحص وضمن تجاهل تام لوسائل الوقاية المتبعة كارتداء القفازات أو الكمامات.
على صعيد آخر أثبتت التحقيقات بإصابة أحد المحققين الإسرائيليين في بيتح تكفا حيث قام ذلك المحقق بالتحقيق مع أربعة أسرى تم نقل ثلاثة منهم إلى ثلاث معتقلات مختلفة تباعا عسقلان فمركز تحقيق الجلمة وصولا إلى الرملة، أما الأسير الرابع فقد تم نقله إلى معتقل مجدو، حيث استمر بمخالطة الأسرى لمدة خمسة أيام متواصلة الأمر الذي دفع بسلطات الاحتلال إلى عزله وآخرين ضمن ظروف مشددة، فقد تعاملت إدارة السجن بأسلوب أفزع القسم رقم 4 هناك، وقد أوردت بعض المصادر المؤكدة أن طبيبا إسرائيليا كان يختلط بالأسرى رغم اشتباهه بإصابته بالفيروس مما أدى إلى عزل 19 أسيرا آخرين. كان تعامل إدارة السجن معنيا بإثارة الذعر والإرباك بين الأسرى حيث أسلوب الإخبار عن إمكانية إصابتهم نتيجة مخالطة البعض لسجانين أو محققين أو أطباء إسرائيليين مصابين أو من حيث إستراتيجيات التعامل مع الأزمة أو من حيث التقصير الواضح في توفير سبل الوقاية والعزل المتمثلة في استخدام مواد التنظيف والتعقيم والكمامات فقد أجملت إدارة السجن هذا الأمر بتزويد كل غرفة بوعاء كلور، وعدا عن ذلك فإنها لم تتخذ أي إجراءات أخرى بل على العكس فقد قابلت إدارة مصلحة السجون طلب ممثل الأسرى في الحصول على كمامات طبية للوقاية من الفيروس بالرفض مطالبة الأسرى باستخدام الجوارب بدلا من الكمامات، من جانب آخر وصف الطاقم القانوني لهيئة شؤون الأسرى والذي يتابع مع إدارة سجون الاحتلال وضع الأسرى، في ظل تفشي الوباء، بالسيئ لاستخفاف وعدم مبالاة سلطة الاحتلال بسلامة الأسرى، وقد استندوا في ذلك إلى أن إدارة السجن لم تقم بتعقيم السجون سوى مرتين ولم تتخذ من تدابير التنظيف سوى تزويد كل غرفة بوعاء كلور واحد للاستخدام و تجاهلها لمسألة الاكتظاظ، فرغم اتخاذها بعض الإجراءات الشكلية كقياس درجة حرارة السجانين قبل استلامهم العمل ومنع زيارة الأهالي أو المحامين للأسرى تبقى مسألة الاكتظاظ واحدة من أخطر العناصر المسببة لتفشي الوباء، وأمام هذا كله نجد أنفسنا بحاجة ملحة للتعاون مع منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر لإيجاد منظومة عمل يلتزم من خلالها الاحتلال بالإفصاح عن بروتوكول الإجراءات الاحتياطية التي يتم اتخاذها في سجونه على أن تحظى بموافقة منظمة الصحة العالمية والعمل على تقليص عدد الأسرى.

  • كاتبة وإعلامية أردنية

[jetpack-related-posts][/jetpack-related-posts]
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock